أغمضُ وجهي
أقنعُني أنكِ أدنى من نبضي
شفةٌ من جمر ....
تتوجسُ خيفة فراشاتُ حنيني
وتضيقُ بأنفاس الدهشة
توقدُ أمي تنور الطين
أحلامها الغابرة حطبٌ يتلظى
فارغةً يديها توهم العابرين
أنها حبلى بالخبزِ والضوء
يرجم الله شيطانا يسترق السمع
تلوحُ ابتسامة على شفتيها
نبتسمُ بلا وعي منا .......
تلك الخرافاتُ المتآكلة
كانت تقولها جدتي
ذات اليد الزرقاء
أغمضي عينيكِ عن أناتي
وتبرقعي بصوتٍ قادم من الجنوب
يتأبط نعليه ...يترنم بأغاني (داخل حسن)
يخافُ صراخَ المدينة العارية
إلا من دثارِ وجهَكِ الطافح باللذة
تتراقصُ أضواء الخمارة ...
يدعوني الكأس إلى قبلة من حنين
لتغضب الإلهة ....سأمتشق سيف المرايا
خمره تنزُ من شفاهِ النارنج
تشتعلُ أخر المسامات ...وتكفرُ بالصحو
تتهادى الأنا في خاطر الغيم
تبعث الدفء في رئة الأصابع المرتعشة
أخر السجائر يتلوى دخانها كأفعوان
في متاهات وحشتي
الضباب الكثيف والمحطة الغارقة بالصمت
يمنحها الظلام عواء كلب في العربة القادمة من الجنوب الكسيح
صوت أمي المغطاة بالشظايا
حاملةٌ وزر ولادتي من رحم الخوف
وخطيئة أسمي والجمرة الخبيثة التي وهبتني إياها
حين باعت الملابس القديمة في سوق المدينة
المكتظ بالعراة , كي أسابق الراكضين بجيوب متخمة
أغمضي عينيك والتحفي صوتي المختمر في جهنم
اهدئي ولا تخفي ثورة البراكين من خاصرتي
بردا وسلاما .......
لستُ سوى عابر سبيل في محطات الجنون
يعتريني البكاء مثل دشداشة العيد
حين تلامسها أصابع اليتامى بأمُنياتٍ بعيدة
أخاف الكأس والخمارة وشفتيكِ
هواجسي لا تنفك تشربُ من دمي
أعيش الخيالات المريضة والحزن القديم
خطى أمي الجائعة وهي تأتزر عمامة الأولياء
وبخور جدتي وهي تستجدي الأضرحة
وقدور فارغة إلا من حكايات الف ليلةٍ وليلة
عن فارس يجوب القرية الغافية
يستمعُ لصراخ الجياع
فيمنح القدر رائحة الشبع









يحيى الحميداوي
بغداد