التقديم:
يسرد لنا التاريخ قصص الغزوات والحروب والصراعات الدموية بين قوى متصارعة من جانب وبين إمبراطوريات ديكتاتورية كانت تسعى الى التوسع وإخضاع الجميع إلى نفوذها من جانب آخر. فقد إكتسحت جيوش أسكندر الأكبر كل البلدان الممتدة ما بين ماسادونيا (مقدونيا) والهند وكانت تدمر وتهلك كل من يواجهها أو يعرقل مسيرها.

وغزت حشود جنكيزخان وتيمورلنك وهولاكو معظم بلدان آسيا وقتلوا ونهبوا وحرقوا وعاثوا في الأرض فساداً. وفي أوروبا المسيحية وتحت ظل الكنيسة، أبيدت الملايين من سكان أمريكا الأصليين من قبل الإسبان عقب إكتشاف كريستوفر كولومبس للقارة الجديدة، ثم أعقبهم الإنكليز في إكمال مهمة الإبادة بكل الوسائل، حتى وصل الأمر إلى الفتك بهم بنشر وباء الجدري بينهم.

وقد اتبعت القوى الإستعمارية بأشكالها وأزمانها وتواريخها المختلفة نفس السياسات اللاإنسانية ضد السكان الأصليين في المكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية وكندا وأستراليا. وأثناء المد الإستعماري الأوربي، أًخضعت شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى أقسى أنواع العنف والقسوة من القوى الاستعمارية، التي تنافست فيما بينها لنهب الثروات نزوات وميول وأطماع الأباطرة والملوك والحكام وقادة الجيوش. وارتكبت جرائم شنيعة ومجازر جماعية استهدفت بعضها الإبادة الكاملة لمجموعات عقائدية أو سياسية أو طوائف دينية أو مذهبية.الطبيعية، وقتلت الملايين من البشر كضحايا تلك الغزوات والحروب التي كانت تشعلها

وشهد مطلع القرن العشرين إبادة المليون ونصف المليون من الأرمن على أيدي الأتراك العثمانيين. وفي ألمانيا قامت النازية الهتلرية للفترة بين 1938-1945 بمذابح ضد اليهود والسلاف والشيوعيون والغجر والمثليين جنسياً Homosexuals والأسرى الروس، راحت ضحيتها ستة ملايين إنسان. وفي سنة 1932-1933 قام ستالين بإبادة سبعة ملايين من الأوكرانيين بتجويعهم حتى الموت. ورغم صدور ميثاق الامم المتحدة لعام 1948 الذي هدف الى منع تكرار تلك الجرائم ضد الإنسان، لكن جرائم بشعة ارتكبت في النصف الثاني من القرن الماضي من قبل الخمير الحمر إستهدفت الإبادة الجماعية للسكان في كمبوديا. وفي أفريقيا جرت مذابح جماعية في العديد من المناطق نتيجة الصراعات العرقية والدينية.

وقد عرف رافائيل ليمكين (1900-1959) Raphael Lemkin الابادة الجماعية (Genocide) بأنها "ممارسات قديمة تأخذ اشكالاً مختلفة حديثاً، وتتضمن إجراءات طويلة الأمد تهدف إلى تدمير المقومات الأساسية لحياة مجموعات قومية أو انتقام الحكام من المحكومين عندما يفكرون في الثورة عليهم مثل ما يحدث الآن في مصر و بعض الدول العربية الشقيقة.

وليس بإمكان أي حاكم أو نظام استبدادي متسلط قتل الملايين أو حتى المئات من البشر، وتدمير المدن والقرى كاملة، دون إشراك أعداد كبيرة من الناس كأدوات للقتل وتوريطهم في تنفيذ الأوامر والقيام بإرتكاب جرائم القتل أو الإبادة الجماعية دون وعي أو إدراك منهم حول ما تم التخطيط له من قبل أصحاب النفوذ والسلطة الذين تلقى الأوامر منهم. ليس هناك أي مبرر أو منطق في التاريخ لكل من "نيرون" أو "الحجاج" أو "تيمورلنك" أو "هولاكو" في العصور الماضية، ولا الزعيم النازي "هتلر" أو الفاشي "موسوليني" أو الطاغية "صدام حسن" أو الرئيس الصربي "ميلوسوفيج" أو الزعيم الكمبودي "بولبوت" أو رئيس حكومة رواندا "هابري مانا" أو ما فعله الحكام الديكتاتورين العرب في العصر الحديث، لكي ينفذوا جرائمهم الكبرى بأنفسهم أو من قبل أفراد حاشيتهم أو ممن حولهم من رجالات السلطة.

لقد استطاعت الديمقراطية الغربية - من خلال الانتخاب واستمراره كوسيلة لتداول السلطة سلمياً - من إرساء قواعد احترام الرأي المغاير والمعارضة السلمية حتى شاع القول المشهور”Ballot Instead of bullet” "اسحب بطاقة بدلاً من رصاصة"، ولكن الديمقراطية في مفهومها التقليدي المتعارف عليه (حكم الشعب) لا تكاد تجد لها مصداقاً حقيقياً حتى في ظل الدول الرائدة ديمقراطياً. لقد كان الزعيم الانجليزي ونستون تشرشل مصيباً حقاً عندما قال مقولته المشهورة: "إن الديمقراطية هي أقل أنظمة الحكم سوءاً"، ويقول إن البعض قد يبذل مجهوداً عظيماً في إتجاه خاطئ دون أن يتمكن من فعل المطلوب.

إنني وأنا اكتب كلمات هذا الكتاب تحاصرني عدة اسئله أحاول الإجاب عنها، أهمها: لماذا هذا الإصرار الشديد من الحكام الذين ثارت عليهم شعوبهم بالسلطة، ويلجأون إلى كل أساليب الوحشية والإنتقام من شعوبهم؟ لماذا يرى هؤلاء الحكام الديكتاتوريين الصورة غير ما يراه الآخرين ويعتقدون أنهم يمكنهم أن يهزموا شعوبهم وكأنهم لم يقرأو التاريخ؟ لماذا لا يهرب هؤلاء الحكام الفاسدون بالأموال التي سرقوها لكي يعيشوا بعيداً عن شعوبهم ويصروا على الاستمرار في الحرب ضد شعوبهم وقتل الأبرياء الذين لا يملكون ولايستخدمون الا اصواتهم لكي يصرخو ا ويرفعون شعارات الحريه واليمقراطيه والحياه الكريمه ؟ إن كل طرق البحث عن اجابات للأسئلة السابقة قادتني الى طريق واحد هو أن هؤلاء القادة اصيبوا بمرض هوس السلطة.
أرجو أن يكون كتابي هذا مساهمة متواضعةه لمساعدة القراء والباحثين والمهتمين بالشئون السياسية والثوار الذين يحربون الفساد والديكتاتورية، بالكلمه والصوت ومع ذلك ينتصرون على الرصاص والقتل.

الكتاب متوفر في :
مركز تطوير الأداء والتنمية للنشر والتوزيع
العنوان: 133 شارع جسر السويس - مصرالجديدة - القاهرة – ج.م.ع
تليفون: (+202-22412470) – تليفاكس: (+202-26344362)
موبيل: (+2) 01227777846 (+2) 01275800300

E-mails: books@dpicegypt.com / dpic.bookstore@gmail.com
Website: http://www.dpicegypt.com/dpicweb/publication.aspx

Join Our Facebook Group
http://www.facebook.com/groups/Dpic.Bookstore/
Like Our Facebook Page
http://www.facebook.com/DPIC.Bookstore