الحمد لله الذي أحلنا محلة الفهم وحلانا حلية العلم وملكنا عقال العقل وزيننا بنطق المنطق ونعوذ به من كدر صفاء الفكر وعكر ذهن الذهن وصلى الله على المبعوث بجوامع الكلم إلى أعقل الأمم وعلى جميع أتباعه والسائرين في منهاج أتباعه وسلم تسليماً كثيراً وبعد السلام عليكم ورحمة الله هذا الموضوع عن فضيلة العقل فقد جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه دخل على امنا عائشة فقال يا أم المؤمنين أرأيت الرجل يقل قيامه ويكثر رقاده وآخر يكثر قيامه ويقل رقاده أيهما أحب إليك قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني عنه فقال أحسنهما عقلا، قلت يا رسول الله أسألك عن عبادتهما فقال يا عائشة إنما يسئلان عن عقولهما فمن كان أعقل كان أفضل في الدنيا والآخرة.

و عن نافع عن ابن عمر قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجبوا بإسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة عقله. وعن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أول شيء خلقه الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال هل أكتب قال وما أكتب قال اكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق العقل وقال وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ولأنقصنك ممن أبغضت.

(حديث قدسي) حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الأَحْوَصِ , قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمُ ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ وَهِيَ الدَّوَاةُ , ثُمَّ قَالَ : اكْتُبْ ، قَالَ : وَمَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ عَمَلٍ , أَوْ أَثَرٍ , أَوْ رِزْقٍ , أَوْ أَجَلٍ , فَكَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ سورة القلم آية 1 ، ثُمَّ خُتِمَ عَلَى الْقَلَمِ , فَلَمْ يَنْطِقْ وَلا يَنْطِقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .

و عن ابن عباس قال لما خلق الله العقل قال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل قال وعزتي ما خلقت خلقاً قط أحسن منك فبك أعطي وبك آخذ وبك أعاقب.

عن وهب بن منبه قال إني وجدت فيما انزل الله على أنبيائه أن الشيطان لم يكابد شيئاً أشد عليه من مؤمن عاقل وأنه يكابد مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيتصعب عليه حتى لا ينال منه شيئاً من حاجته
وقال وهب لإزالة الجبل صخرة صخرة وحجراً حجراً أيسر على الشيطان من مكايدة المؤمن العاقل لأنه إذا كان مؤمناً عاقلاً ذا بصيرة فهو أثقل على الشيطان من الجبال وأصعب من الحديد وأنه ليزاوله بكل حيلة فإذا لم يقدر أن يستنزله قال يا ويله ماله ولهذا لا طاقة له بهذا ويرفضه ويتحول إلى الجاهل فيستأتسره ويتمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجلها في عاجل الدنيا كالجلد والرجم والحلق وتسخيم الوجوه والقطع والصلب وإن الرجلين ليستويان في أعمال البر ويكون بينهما كما بين المشرق والمغرب أو أبعد إذا كان أحدهما أعقل من الآخر.

و عن احد الحكماء قال قال ما أوتي عبد بعد الإيمان أفضل من العقل.

وعن معاوية بن قرة يقول إن القوم ليحجون ويعتمرون ويجاهدون ويصلون ويصومون وما يعطون يوم القيامة إلا على قدر عقولهم.

و عن أبي زكريا قال إن الرجل ليتلذذ في الجنة بقدر عقله.

عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه إلى هدى ويرده عن ردى وما تم إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله " وقال صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكل شيء دعامة ودعامة المؤمن عقله فبقدر عقله تكون عبادته أما سمعتم قول الفجار في النار " لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير "

وعن عمر رضي الله عنه أنه قال لتميم الداري " ما السودد فيكم؟ فقال: العقل " وعن البراء ابن عازب رضي الله عنه قال: كثرت المسائل يوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أيها الناس إن لكل شيء مطية ومطية المرء العقل وأحسنكم دلالة ومعرفة بالحجة أفضلكم عقلاً

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال " لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة أحد سمع الناس يقولون: فلان أشجع من فلان وفلان أبلى ما لم يبل فلان ونحو هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فلا علم لكم به، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنهم قاتلوا على قدر ما قسم الله لهم من العقل وكانتنصرتهم ونيتهم على قدر عقولهم "

وعن البراء بن عازب أنه صلى الله عليه وسلم قال " جد الملائكة واجتهدوا في طاعة الله سبحانه وتعالى بالعقل وجد المؤمنون من بني آدم على قدر عقولهم فأعملهم بطاعة الله عز وجل أوفرهم عقلاً " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " قلت يا رسول الله بما يتفاضل الناس في الدنيا؟ قال: بالعقل، قلت: وفي الآخرة؟ قال: بالعقل، قلت: أليس إنما يجزون بأعمالهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة وهل عملوا إلا بقدر ما أعطاهم عز وجل من العقل؟ فبقدر ما أعطوا من العقل كانت أعمالهم وبقدر ما عملوا يجزون "

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لأبي الدرداء رضي الله عنه " ازدد عقلاً تزدد من ربك قرباً، فقال: بأبي أنت وأمي! وكيف لي بذلك؟ فقال: اجتنب محارم الله تعالى وأد فرائض الله سبحانه تكن عاقلاً واعمل بالصالحات من الأعمال تزدد في عاجل الدنيا رفعة وكرامة وتنل في آجل العقبى بها من ربك عز وجل القرب والعز "