بسم الله الرحمن الرحيم
النقيضة هي قصيدة يقولها شاعر رداً على قصيدة ٍ قالها شاعرٌ آخر ينقض فيها معاني القصيدة الأولى فيقلب فخرها هجاءً وهجائها فخراً .
وقد ازدهرَ هذا النوع من الشعر في العصر الأموي نتيجةً لعودة العصبية القبلية التي شجعها الأمويون ليكسبوا بعض القبائل إلى جانبهم و أشهر شعراء النقائض في العصر الأموي : جرير و الفرزدق و الأخطل و قد انخرط في هذا المجال شعراءٌ كثيرون يؤيدون شاعراً ضدَ آخر , و أصل النقائض بين جرير والفرزدق ثمَ انضم إليهم الأخطل مناصراً الفرزدق .
وكان أفحل هؤلاء الشعراء جرير لأنه تغلبَ على أربعين شاعراً وفازَ عليهم .
وتقوم النقيضة على أسس يجب أن يتقيد بها شاعرها أولها أن تكون رداً على قصيدة سابقة وثانيها أن تكون على نفس البحر الشعري للقصيدة و القافية والروي للقصيدة الأولى , وثالثها أن تكون معانيها معاكسة لمعاني القصيدة الأولى .
ومن خصائص النقائض أنها حوت من مفردات اللغة العربية الكثير وهذا ما أدى إلى الحفاظ على هذه المفردات فلولا النقائض لضاعت هذه المفردات ومن هنا تتجلى القيمة الفنية للقصائد المسماة بالنقائض.
ومن الأمثلة على ما قلناه :
يقول جرير رداً على راعي الإبل النميري الذي ناصرَ الفرزدق عليه :
فغضَ الطرفَ إنكَ من نميرٍ فلا كعباً بلغتَ ولا كلابا
ولو وزنت حلوم بني نمير على الميزان ما وزنت ذبابا
ويرد عليه الفرزدق في قصيدة يقول فيها :
أنا ابن العاصمينَ بني تميم إذا ما أعظم الحدثان نابا
يردون الحلوم إلى جبالٍ و إذا شاغبتهم وجدو شغابا
ولم ترث الفوارس من كليب ولا كعبأ ورثتَ ولا كلابا
ونلاحظ أن كلا القصيدتين قد نظمتا على بحرٍ واحد وهو البحر الوافر و تقيد الشاعر بالقافية والروي .
ومما ورد من النقائض هجاء أحدهم لبني تميم :
تميمٌ بطرق اللؤم أهدا من القطا ولو سلكت طرق المكارم ضلت
فيرد عليه آخر ليهجوه :
ولو أنَ عصفوراً يمدُ جناحه على طئ في حيها لاستظلت
ونلاحظ أن النقيضة تقوم على الهجاء والفخر هجاء الشاعر لخصمه وقبيلته والفخر بالنفس والقبيلة كما أن الخصومة الظاهرة في القصائد ليست حقيقة لأن هؤلاء الشعراء أصدقاء يجتمعون مع بعضهم البعض ويكنون لبعضهم المودة والمحبة , ولكن هذا الفن من الشعر أمضى عليهم ذلك .