عاشوراء
لم يخطئ الشاعر كاظم إسماعيل الگاطع حين وصف الدارمي، هذا اللون من الشعر الشعبي التراثي الذي ابتدعته المرأة العراقية من أيام سومر، بانه قصيدة الحياة. الدارمي هو ابن بيئتنا بكل صنوفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. انه باختصار ابن الحياة العراقية بكل ما فيها من فرح وبكاء. والشعب العراقي، الذي رضع الحزن من المهد الى اللحد، صار له باع طويل في اقتناص منابع الحزن التي تجسدت في تراثه الشعبي وحياته اليومية على حد سواء. فجينات هذا الشعب ما زالت تحمل نواعي عشتار على تموزها ونحيب انخيدوانا على بلدها المحتل (اور). ووجد العراقيون في عاشوراء فرصة للتعبير عن أحزانهم وكأنهم يقولون: (عيد وجابه العباس النه).قد يعرف القارئ الكريم الكثير من الشعر حول مأساة كربلاء في مواكب التعازي واللطميات والمجالس العاشورائية. لكن هناك شعرا مستوحى من مأساة عاشوراء لم نسمعه في تلك المجالس بل سار على السنة الناس واحتضنته قلوبهم، فأبدعوا في استثمار حرارة واقعة كربلاء وأحداثها في دارميات اتركها لكم لتنعموا بدفئها..
هذه الشاعرة تشبه مأساتها بمأساة زينب:
يا ام اثنعش وثنين يا اخت الحسين
مثلچ عملها وياي يا زينب البيـن
- وهذه تكلم حبيبها:
باچر يجي عاشور وتعاين شلون
كلنه بسواد نصير حت رمش العيون
- تجيبها عاشقة أخرى:
باچر يجي عاشور وطبر طبرتين
وحده اعله ساهي العين وحده اعله الحسين
- أخرى تشكر فضل عاشوراء:
اشگد شهر عاشور سوالي جودة
لبّس حبيب الروح دشداشة سودة
- أما هذه فتهدد:
گالولي عوفي اهواچ وشلون اعوفه؟
عمله لسوي اعليـه عملة الكوفـة
هذا غيض من فيض، كما يقولون، فحرارة واقعة كربلاء لم تقف عند حدود الدارمي، فقط، بل امتدت لقصائد شعبية رائعة. وعودة للشاعر كاظم الگاطع الذي حين وجد في عاشوراء فرصته، قال منذ زمن بعيد:
صاح شمال هاي الناس
وشماله شهر عاشور ما مش طوس بحبوبه
يعاين فوگ شاف الغيم يلحس ماي حالوبه
كما أجدت الشعر، فقد أجدت التنبؤ يا كاظم
هاشم العقابي