احد بلايا المسلمين التي ابتلي بها الدين الإسلامي هو ان يتحول الناس ، وبطرفة عين (( سبحان الله )) من حالهم (( وهذا أحسن تعبير أجده لا يمثل كلاما نابيا )) إلى الإسلام وينقلبون على واقعهم 180 درجة ، وذلك بعد ان تشتد بهم الأمواج فيذكرون ان لهم ربا ، لكن أولئك (( المتحولين )) لا يلبثون ان يعودوا إلى سابق عهدهم ما ان ترسوا السفينة وتلامس أقدامهم الميناء . ويظهر ان السيد مشعان الجبوري من أولئك الذين يركبون سفينتين في ساعة الشدة وليست سفينة واحدة (( قولوا والنعم )) فقد تحول هذا الرجل وفي طرفة عين (( بعد إصدار أمر إلقاء القبض عليه )) من (( حاله السابق )) إلى مؤمن لا يشق له في ساحات الصلاة والذكر ركوع أو سجود ، فسخّر نفسه وقناته الإعلامية لخدمة الدين والمقاومة الشريفة (( السفينة الأولى )) وانتهز أول فرصة فالصق على شاشة قناته التلفزيونية صورة الشيخ حارث الضاري وقدم نفسه كمدافع عنه (( لوجه الله طبعا وحرصا على الإسلام الحنيف من الصفوية المتربصة به )) وغابت بذلك الأغاني والدبكات وصور المطربين والراقصات الحسناوات التي كانت قناته المحترمة تبثها طوال اليوم (( من أذان فجر اليوم الأول إلى أذان فجر اليوم التالي )) وهذا شيء نحمد الله سبحانه وتعالى عليه ونتمنى له المزيد من الهداية والتوفيق . والشيء الآخر في هذه السفينة وهو شيء رائع ويثلج الصدور (( لا ندري أنشكره عليه أم نشكر مذكرة إلقاء القبض )) هو ان قناته البطلة صارت تبث ما يثلج الصدور ويريح الأفئدة من عمليات المقاومة ، وهو والله شيء عظيم لولا إننا نعرف ان المقاومة الشريفة لا تشتري مشعان وأمثاله من راكبي الأمواج بفلس .
أما السفينة الثانية فهي سفينة الشيطان ونظن (( وبعض الظن إثم )) ان مشعان يعتمد عليها أكثر من الأولى لعلمه بأن لا مكان له بين المقاومين ولا توجد جبة على مقاسه ، فلم ينسى السيد مشعان ان يشن حملته الشعواء على الحكومة الصفوية والصفويين من أتباعها خصص لها الشريط في أسفل الشاشة وكذلك المقالات النارية التي تقرأ في قناته . هل نسي السيد مشعان انه جزء من هؤلاء الصفويون وقد صعد معهم على جثة (( رئيسه القائد وولي نعمته السابق )) ؟ فهو أقذر ، عفوا ، أقذر منهم لأنهم كانوا ومنذ البداية أعداء لرئيسه السابق ومظلومه الحالي ، ولكن خيبة الأمل تجعل الإنسان ينسى وخصوصا إذا ما كانت خيبة الأمل هذه كبيرة كفقدان السلطة . ومشعان هذا لا يستسلم أبدا لأنه يكره الغرق ، يكرهه جدا ، فاستغل اكبر واهم ما يتمتع به من صفات وهي الازدواجية ، إذ راح يشارك أمريكا في حملتها ضد أعداءها ممن تريد إسقاطهم أو ضربهم ، ويكيل التهم لجيش المهدي والسيد مقتدى الصدر ويحمله مسؤولية قتل أهل السنة في بغداد ويصر على هذه التهمة رغم ان جيش المهدي والسيد مقتدى الصدر لا يملكون ما يخفونه فإنهم خط جهادي واضح حتى الآن ومكشوف للقاصي والداني بتوجهاته الدينية والوطنية ، ولنفرض ان هناك من يمارس قتل أهلنا في بغداد باسم جيش الإمام المهدي ( عجل الله فرجه ) ونصرنا به على أمريكا . أفلا نتريث قليلا قبل ان نحمل السيد مقتدى الصدر مسؤولية هذا القتل لعلمنا ان الساحة العراقية مليئة (( بإشكال وألوان )) الأعداء من محتلين وأذناب لهم مجرمين ؟ أم نبادر إلى ركوب سفينة الاحتلال ونظم صوتنا إلى صوته وبقوة ، عفوا نسيت إنني أتكلم مع رجل يركب سفينتين في نفس الوقت طلبا للنجاة ولا يحق لي ان أتدخل بتعليقاتي الساذجة فانا رجل أرجو ان أبقى (( من أهل الله )). ولعمري ان هذا أهم ما في هذه السفينة من مميزات ، فأمريكا وحدها صاحبة القرار في العراق والقادرة على تغيير الرؤوس السياسية فيه وهي بهذا ستكون قادرة طبعا على تحويل مشعان من سارق لأموال الشعب العراقي إلى بطل وطني وتثبيته على رأس السلطة ، بالانتخابات طبعا (( وغصبا على اليرضه والما يرضه )) . هذا ما يفسر تلك البطولة المفاجئة للسندباد الجديد ويزيل العجب عن حتى عن الصيام في رجب وغير رجب . انه رجل لا يهمه ان يركب على ظهر أي سفينة شرط ان تقوده إلى السلطة ولو على بحر من الدماء ، ولو اجبره ذلك على التخلي عن ليالي الأونس والطرب ، لأنه سيعود إليها حتما بعد ان ترسو السفينة . انه رجل (( حمش )) لا يهمه ان يذبح شرف الوطن على مائدة التآمر .