قلبُ مليء بالتصدعات ، واكثر من شرخ ٍ في جدار الروح ، حملتها معي وانا اخرجُ الى النور ، فأستقبلني الهواء النقي واخذ يلفحُ وجهي بشدة .. استنشقتُ بملء رئتي ، وهرولتُ مبتعدة ً ، كنتُ اخشى ان تمتد تلك اليدُ القاسية لتعيدني الى سجني .
ثلاثُ سنوات ، كانت فيها جروحي الغائرة تتناسل خلف تلك الجدران العالية ، والتي تحجبُ صرخاتي ، وانيني ، واستغاثاتي الليلية ، كلما ارتفع فحيح الافعى خلفي ، وطاردني لهاثها الخانق ُوكلماتها المغمسة بالشتائم والبذائة .
كنتُ اهربُ من انوثتي الى خوفي ، وحين تستفيقُ في داخلي المرأة ، اتسللُ من خوفي الى انوثتي ، بحثا عن بقايا نشوة ٍ وشبق ِ امرأة بدأت تحث الخطى نحو الثلاثينات .
اللهاثُ يتصاعد ، والعواءُ يمزّقُ اذني ، والاكف الرعناء تتناهب جسدي ، فتتبعثر انوثتي ، على الشرشف الابيض الذي ما عانق َ بياض جسدي ، ولا ابتل ّ من ماء روحي طيلة السنوات الثلاث .
كنت ُ اقف ُ على اعتاب الليل ، انتظر رجلا يلامس ُ انوثتي ، يكتشف مسارب َ روحي بحنانه ِ حينا وبفحولته ِ حينا آخر ، هكذا قالت لي رفيقتي المتمايلة غنجا ، بعد ليال ٍ مترعة بالشبق .. والحب ، فرسمت ُ لجسدي ولروحي خارطةً سيعشق ُ تضاريسها رجل ٌ احبه ُ من اخمص قدميه ِ الى خصلات شعره ِ الابيض ، اغوص ُ بماء ِ روحه حتى القرار .
كان الخريف ُ يزحف ُ على إخضرار روحي ، وعينيّ ، وحين تلسعني الأسئلة ، اقفُ حائرة ، فجروحي الغائرة لايبصرها غيري ، ودموعي الجامحة كخيول ٍ برية ، تصهل ُ في انصاف الليالي وتبلل وسادتي ، وتستحيل ُ كل صباح ٍ ، ورودا حمراء ذابلة .
الاسئلة تتناهبني ، والجميع ُ يحاول ُ ان يعيدني الى سجني ، واقاوم ُ بعناد ِ لبوة .
الافواه ُ مشرعة ، وتتبعني كصيد ٍ ثمين ، ما احدٌ ابصرَ المرأة غيرك َ ، يا ايها الطويل ُ الموشّى بسمرة ٍ جنوبية ، انت وحدك الذي وضعت َ اصبعُكَ على الجرح .
ذات صباح ٍ .. وحين ابصرت ُ رجولتك َ تفيض ُ امامي كنهر ٍ جار ٍ ، ارادت قدماي ان تسير بإتجاهك َ لأرتمي على جرفكَ وابكي مثلما تبكي الأمهات عند جرفِ نهر ٍ مقدس ساعة الغروب .
الأسئلة تتناهبني ، والعيون تتبعني كظلي ، وانت تقف ُ على مقربة ً من الروح بشموخك وكبريائك ، والطريق ُ اليك مزروع ٌ بالعيون ، فأنتظرَُ ليلة يغيب ُ فيها القمر ، لأتسلل الى بابك .
كل صباح ٍ تقرأ الحيرة َ في بساتين عيني ّ ، وتأمرني بالصلاة والصبر .
قلت َ لي ذات صباح ٍ مبهر ، اريدكِ ان تأتين الي ّ بموكب ٍ بهيج يحفّك نور الشمس من كل صوب ، وتطأطأ له ُ الابصار خشوعا .
الصباحات قربك َ مبلولة ٌ بالندى .. وموشومة ٌ بالطهر ِ
اريد لأصابعي ان تتقن العزف على اوتار محبتك َ ..
اريد ُ لروحي ان تدمن الصلاة في محراب روحك .. فأحمل اليها النذور ، واوقد ُ الشموع الخضر ، عند كل غروب ...
ياايها الطويل كالعافية ..
منْ غيرك َ يليق ُ بي .. القي عند قدميه مرساتي .. واحرق مراكبي ، واصرخُ بجنود روحي المتخاذلين ...
الجحيم من ورائكم .. وحبيبي من امامكم .. فأدخلوهُ بسلام ٍ آمنين .
للشاعر رياض الركابي