الإمام الحسن «عليه السلام» كريم أهل البيت
هو الإمام الحسن بن أمير المؤمنين علي عليهما السلام، وأمه فاطمة بنت رسول الله عليها وعلى أبيها أفضل الصلاة وأتم التسليم، هو نقي، الطيب، الزكي، المجتبى، المولود في الخامس عشر من رمضان، أول أهل الكساء، وأول أحفاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والذين طهرهم تطهيرا، وأذهب عنهم الرجس، وباهل أهل نجران به وأوجب الله ودهم، وهو من جملة الثقلين.
ميلاده الكريم:
في ليلة النصف من شهر رمضان كان علي وفاطمة عليهما السلام ينتظران وليديهما الأول، ما أشد فرحتهما وهما يعلمان أن وريث الإمامة وحامل لواء الرسالة، وفي نهار اليوم التالي أطل الإمام الحسن عليه السلام إلى العالم الجديد وغمرة الفرحة والدته الطاهرة عليها السلام، وهكذا سر الإمام علي عليه السلام بولده وقرة عينه، فحمله على صدره وضمه إليه بكل سرور، وأوصلوا خبره إلى جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فجاء إلى بيت الإمام علي عليه السلام وحمل الحسن وطلب من فاطمة أن تناوله خرقة بيضاء جاء بها جبرئيل من الجنة فلفه بها وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وعق عنه كبشاً وقال: اسمه الحسن، لأن الله تعالى انتخب له هذا الاسم المبارك القليل التداول عند العرب.
الحسن مع جده:
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحمل الحسن على كتفه أمام الناس ويكثر من تقبيله والاهتمام به ومحاورته بألطف الكلمات وأرق الألفاظ وإظهار كل ذلك أمام الآخرين ليدركوا عظمة الحسن عليه السلام ولتكون للحسن أرضية جماهيرية جيدة في المستقبل تتحرك معه بكل وعي وفهم لمنزلة ودور الإمام الحسن عليه السلام ومنذ نعومة أظافر الحسن أعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الحسن والحسين إمامان وأنهما قدوة وأسوة ومثل.
ذكاء الحسن:
يروى أن الحسن عليه السلام كان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن سبع سنين أو أقل فيسمع خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآيات القرآن النازلة تواً ثم يأتي إلى والدته الطاهرة في البيت فيلقي إليها ما سمعه دون زيادة أو نقصان وعندما يرجع الوالد الكريم الإمام علي عليه السلام إلى بيته يجد زوجته لديها إطلاع تام بخطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعندما يسألها عن ذلك تقول له: من ولدك الحسن.
الحسن.. الشاهد:
لقد كان الشاهد على وفاة جده وأمه وأبيه عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، كان الشاهد على مؤامرة السقيفة واغتصاب حق أبيه في الخلافة وحق أمه في فدك فيما بعد والاستهانة بمقامها العظيم ليضرموا النار ببابها ويسقطوا جنينها، نعم هو الشاهد على انثلام الدين وتأخر الإسلام والمسلمين.
عبادة الحسن عليه السلام:
يعلمنا المعصوم عليه السلام أمراً في غاية الروعة وهو:
ـ أن العبادة لا تعني أن ينعزل الإنسان عن المجتمع.
ـ أن العبادة ليست مجرد طقوس دينية.
ـ أن العبادة لا تعني التخلص من التكليف الشرعي.
بل أن العبادة تعني أن يعيش الإنسان الخوف من الله دائماً وإذا تعزز هذا الشعور في ضمير الإنسان فإنه لا يظلم ولا يسرق ولا يكذب ولا يرتكب الموبقات.
ثورة الحسن عليه السلام:
لقد قام الإمام الحسن والحسين عليهما السلام بأداء رسالة واحدة، ولكن نصفها قد أداه الإمام الحسن عليه السلام بالإعداد الكامل وتهيئة الأرضية اللازمة، ونصفها الآخر قام بأدائه سيد الشهداء عليه السلام بقيامه المقدس الدامي.
وقد سبق أن مسؤولية الإمام الحسن عليه السلام كانت مهمة وصعبة جداً، ربما أصعب من مسؤولية الإمام الحسين عليه السلام، وذلك لأن مسؤولية الإعداد أصعب من تفجير النهضة والقيام المسلح، لأن الشخص الذي يريد بناء وتربية جيل على المفاهيم الصحيحة، فمن دون شك وترديد لابد من أن يلاقي صعوبات عديدة، وربما يهان، كما أنه يحتاج إلى برنامج منظم وزمان طويل ومخطط دقيق على المدى البعيد، والكوادر الصالحة والتقية والاحتياط من أجل المحافظة على هذا الجيل في حال الإعداد والبناء، وعوامل البقاء خلال عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، وأخيراً فهو بحاجة للاستعداد الكامل لتحمل الكلمات الجارحة وأن يكون بعيداً عن كل مدح وثناء.
لماذا الجهاد ضد معاوية:
هنا سؤال يطرح نفسه وهو إذا كان دور الإمام الحسن عليه السلام الإعداد والتهيئة للثورة، لماذا أقدم على محاربة معاوية بحرب محكومة بالفشل حسب الظاهر، ثم قبل بالصلح وانسحب من ميدان المعركة؟
وفي الجواب يمكن القول:
بأن الثوار والنهضويين بحاجة دائماً إلى الحركة والفعالية حتى يتمكنوا من توعية المجتمع، من فوائد هذا التحرك جذب العناصر الصالحة واللائقة وكشف معايب العدو.
صلح الحسن عليه السلام:
إن من يلاحظ حياة الإمامين الهمامين الحسن والحسين عليهما السلام يجد ارتباطاً وثيقاً بين دور الإمام المجتبى عليه السلام وأخيه الإمام الحسين عليه السلام إلا أن الإمام المجتبى عليه السلام تعرض إلى لوم من قبل بعض الناس الذين لا يتمتعون ببعد النظر ودقة الرأي وصحيح العقيدة، فإن الامتحان الإلهي والتكليف الرباني الذي قام به الإمام عليه السلام كان صعباً جداً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه وحق أخيه عليهما السلام:(هذان إبناي إمامان قاما أو قعدا).
إن الإمام الحسن عليه السلام نهض أيضاً إلا أن نهضته المباركة انتهت بالصلح، ولم يتمكن بحسب الظاهر من القضاء على معاوية، وإن كان الأسلوب الذي اتخذه الإمام عليه السلام قضى على شرعية معاوية وبين للتاريخ الخط الصحيح في الإسلام من الخط المنحرف، وحفاظاً على الشيعة الذين أراد معاوية القضاء عليهم بأكملهم، والذين كانوا يمثلون الخط الصحيح الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وصايا الحسن عليه السلام:
*يا ابن آدم أنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك فجد بما في يديك فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع.
*غسل اليدين قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم.
*علم الناس علمك وتعلم علم غيرك فتكون قد أنقت علمك وعلمت ما لم تعلم.
*حسن السؤال نصف العلم.
وفاة الحسن عليه السلام:
قام الإمام الحسن عليه السلام بالأمر بعد أبيه عليه السلام وله سبع وثلاثون سنة، وأقام في خلافته ستة أشهر وثلاثة أيام، وصالح معاوية سنة إحدى وأربعين.
ثم خرج عليه السلام إلى المدينة وأقام بها عشر سنين،ومضى إلى رحمة الله تعالى لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة ـ وقيل في السابع منه ـ وله سبع وأربعون سنة وأشهر مسموماً شهيداً.