يحيى عباس عبود السماوي (العراق)
ولد عام 1949 في السماوة.
حاصل على بكالوريوس الأدب العربي من جامعة المستنصرية بالعراق.
اشتغل بالتدريس والصحافة في كل من العراق والمملكة العربية السعودية, وهاجر إلى أستراليا عام 1997
دواوينه الشعرية:
- عيناك دنيا 1970
- قصائد في زمن السبي والبكاء 1971
- قلبي على وطني 1992
- من أغاني المشرد 1993
- جرح باتساع الوطن 1994
- الاختيار 1994
- عيناك لي وطن ومنفى 1995
- رباعيات 1996 - هذه خيمتي.. فأين الوطن 1997.
نشر قصائده في دوريات أدبية عديدة.
حصل على جائزة أبها الأولى لأفضل ديوان شعر لعام 1993.
ثانيا القصائد
قبل الحرب .. وما بعدها
لي وطنانْ
الأولُ يمتدُ كحبلِ السُرَّةِ
يربط بين نخيلِ البصرةِ
وبساتينِ التينِ بكردستانْ
ينضحُ عشباً . . وحبوراً . . وأمانْ
الثاني من وَرَقٍ . .
أغرسُ فيه زهورَ العشقِ
فتنبتُ شعراً ومناديلَ حريرٍ
وأنا ما بينهما طيرُ أغانْ
لكنْ
في آخر تكبيرةِ فجرٍ من شعبانْ
من عام الفيلِ القوميِّ احترقا
فاذا الوّطنُ الأولُ قّفْرٌ
والثاني؟
عصفٌ . . ودخانْ !
.
لي قبرانْ
الأولُ في قلبي
حيث دَفَنْتُ بلاداً
كانت يوماً ضاحكةَ الشطانْ
الثاني؟
في جسدٍ لا يعرف
أين تقيم الروحُ الآنْ
وأنا ما بينهما تابوتٌ يتمشى . .
صرخةُ صمتٍ تطلقها في كهفِ المنفى
حنجرةُ النسيانْ
*****************************************
أرحلوا عن وطنى
هذه الأرضُ التي نعشقُ
لا تُنْبِتُ وردَ الياسمينْ
للغزاةِ الطامعين
والفراتُ الفَحْلُ
لا ينجبُ زيتوناً وتينْ
في ظلالِ المارقينْ
فأرحلوا عن وطني المذبوحِ شعباً
وبساتينَ. . .
وأنهاراً وطينْ
وأتركونا بسلامٍ آمنينْ
نحن لا نَسْتَبدلُ الخنزيرَ بالذئبِ
ولا الطاعونَ بالسُلِّ
وموتاً بالجُذامْ
فأرحلوا عن وطني. . .
هذه الخوذةُ
لا يمكن أنْ تصبحَ عشاً للحَمامْ
فأرحلوا عن وطني. .
والدمُ المسفوحُ لن يصبحَ أزهارَ خَزامْ
فأرحلوا عن وطني. . .
والبساتينُ التي غادرها النبعُ
وما مرَّ عليها منذ جيلين الغمامْ
تصرخ الآن : أرحلوا عن وطني
وأرفعوا- قبل العقوباتِ- أياديكمْ
عن الشعبِ المضامْ
حَزّرونا منكم الآنَ. .
ومن زيف الشعاراتِ. . .
وتجارِ حروبِ - النفطِ والشفطِ-
وأصحابِ حوانيتِ الشعبِ
أدِلاّءِ جيوشِ الإحتلال
فأرحلوا عن وطني. .
وأشربوا نخبَ أنتصارِ القائدِ الَسَجَّانِ
في الحربِ على الشعبِ السَجينْ
نحن مهزومون حتى قبل أن تبتدئ الحربُ
حقولٌ تشحذُ القمحَ
وطينْ
سال منه الدمُ من بوابة القصرِ
إلى النهر الحزينْ
فأرحلوا عن وطني
وأمنحونا فرصةَ الدفنِ لموتانا
وأنْ نَخْرِجَ من تحت الركامْ
جُثَثاً ما بلغتْ عُمْرَ الفِطامْ
فارحلوا عن وطني
من قبل أنْ يَنْتَفِضَ النخلُ العراقيُّ
ويستلَّ سيوفَ الإنتقامْ
**************************************
لا تذبحوا حبيبنا العراق
نعرف أن طينه معاق
وماءه معاق
ونخله معاق
وأن كبرياءه يداس كل لحظة
بـ"جزمة" القائد
أو سنابك الرفاق
نعرف أن الناس فيه
يطبخون إرثهم
ويشربون أكؤساً دهاقْ
نعرف أن سادن البستان لص
قاتل..
مخاتل وعاق
نعرف أن الوطن الجريح
يستحم في بحيرة من الدم
المراق
لكننا
نعشقه عشق ضريرٍ للسنا
وأننا
نرضى به هراوة.. شنقة..
جوعاً .. أسىً..
طاحونةً أو مرجل احتراق
نرضى به سوطاً على ظهورنا
أو
شوكة تنام في الأحداق
لا تذبحوا حبيبنا العراق
نصرخ باسم طينه
باسم يتاماه .. مشرديه..
جائعيه
باسم نخله
وعصرنا المثكل في مكارم
الأخلاق
باسم عروبة غدت
دون يد وساق
لا تذبحوا حبيبنا العراق
فلتتركوا مصيره
لأهله العشاق
***************************************
امتلاء
غسلوا الوطنَ بدماءِ أبنائه...
ومن قمة «بيره مكرون»
الى آخرِ نخلةٍ في «جيكور» :
مدّوا حَبْلاً من «السُرُفاتِ»
نشروا عليه العراقَ
لا تحت شمسٍ دافئةٍ... ولكن
فوق الموقدِ «العولمي»؟!
لا اكتفي بالنظر الى النصف المملوء من الكأس...
وحتى حين يكون الكأسُ فارغاً
فانني أملأه:
بِعَسَل الأماني...
برحيق الأحلامِ... وبخمرة الأمل..
وإذْ أبصر جسداً يرتجفُ:
أنفخ له جمرةَ قلبي
وأَدَثِّرهُ - ولو بخرقةٍ -
من «قمصان الشغيلة»...
وحيثما سرتُ : أغرس فسيلتي وأمشي
إنْ لم يكنْ من أجلِ طفلٍ طاوي البطنِ
فمن أجلِ أنْ أطردَ بظلالها
لفحةً من هجير... او
من أجل أن أصنعَ من سعفها
مكنسةً أُنظّفُ بها دروبَ الوطنِ
من الوحل الديكتاتوري. كم «غرناطة» يجب أنْ تضيعَ
ليكفَّ «ملوكُ الطوائفَِ» عن إثارة الفتنة؟
قد لا يكون في الطين
ما يُغوي البذرةَ على الإنفلاق...
ولا في النهرِ
ما يُغري المحّارَةَ بمغازلةِ الساحل...
ولكنْ حتماً، هنالك محراثٌ
قادر على عقد الأُلفة بين الطين والنهر..
وبين المحّارةِ والبذرةِ
مثلما يعقد العشقُ الإلفةَ بين القلب والقلب
ومثلما تعقد قمصانُ الشغيلةِ
الالفةَ بين زرقة النهرِ
واخضرارِ الحقول...
ليقوم حبلٌ من المسّراتِ
يمتدُّ من قمة جبل «بيره مكرون»
الى آخرِ نخلةٍ في «جيكور»
ننشر عليه راياتِ أعيادنا
مُرددين أناشيد «عبدالله كوران»
وترانيم «بدر شاكر السياب»
---------
بيره مكرون: احد اشهر الجبال في كردستان العراق
وجيكور: احدى مدن اقصى الجنوب العراقي
اتمنى لكم مع شاعرنا اطيب الأوقــات