قرقيعان وماجينه فرجة للدنيا صفينه
كاظم فنجان الحمامي
القرقيعان عادة رمضانية موروثة, ولعبة موسمية ينتظرها الأطفال في منتصف هذا الشهر الكريم, وهي من التقاليد والعادات الشعبية السائدة منذ قرون في عموم الشرق الأوسط.
ينطلق الأطفال في رمضان بعد صلاة العشاء عند اكتمال البدر, مبتهجين فرحين بهذه المناسبة الرمضانية, وهم يرتدون ثيابهم الجديدة, ويحملون بأيديهم قناديلهم المتلألئة بأنوار البهجة والفرح, يتأبطون أكياسا ملونة, أعدت خصيصا لهذه الليلة المباركة, ليجمعوا فيها الحلوى والمكسرات, تراهم يطوفون مهرولين بين أزقة المدينة وبيوتها, يتجمعون عند كل باب لينشدوا بأصواتهم الشجية, ويرددوا أعذب الألحان والترنيمات, التي تفيض بالطهر والبراءة, ويصدحوا بالأهازيج التي تتسم بالدعاء لصاحب الدار وأسرته. وما أن تسمع ربة المنزل هذا النداء الطفولي حتى تخرج إليهم مسرعة, حاملة معها كمية من النقود أو الحلوى, فترحب بهم, وتطلب منهم الإكثار من الدعاء لابنها أو ابنتها, وربما تمرح معهم قليلا, وقد تندمج معهم في ترديد أهازيجهم الموسيقية الملحنة, ثم توزع عليهم الهدايا من دون أن تفارقها الابتسامة, فتبعث النشاط والسرور في قلوبهم, وتشجعهم على مواصلة الاحتفال واللعب المعبر عن براءة الطفولة وصفائها.
يقولون أن القرقيعان كلمة مقتبسة من قرع الأبواب. أو من قرقعة المكسرات في أكياس الصبيان, بيد أن معظم المصادر التاريخية تؤكد على أن مبدأ القرقيعان يرجع إلى ولادة سبط سيد الكائنات (صلى الله عليه وسلم), ففي منتصف رمضان المبارك من السنة الثانية للهجرة كان المصطفى ينتظر أول وليد لبيت النبوة والرسالة, وما أن بُشِّر بولادة (الحسن) حتى أسرع إلى بيت فاطمة فرحا مسرورا, وقامت أم الحسن في هذه الليلة بتوزيع الحلوى على الناس, وهكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا, واصل كلمة قرقيعان هي: قرة عين, لكنها أصبحت قرقيعان بمرور الزمن.
بيد أن اللجنة الدائمة للإفتاء في إحدى البلدان الإسلامية أفتت بان: القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام, وكل بدعة ضلالة, ومن المؤسف له أن بعضا من الفقهاء إذا لم يعجبهم أمر سارعوا بالحكم عليه بالبدعة, حتى لو كان من العادات المباحة, في حين يرى معظم الفقهاء أن الاحتفال بالقرقيعان جائز, ولا شيء فيه لأنه من العادات, ولا دخل له في العبادات, وقد يؤجر عليه المسلم إذا نوى إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال, لكنهم حذروا من الإسراف والمبالغة في البذخ, الذي نراه هذه الأيام في احتفالات القرقيعان لبعض الدول العربية.
وللأطفال في هذا اليوم أهازيج شعبية لا نعرف مؤلفها وملحنها, لكنها من رواسب الماضي الجميل, وهي أشعار باللهجات الشعبية, تختلف في ألحانها ومفرداتها من مدينة إلى أخرى, ففي البصرة يردد الأطفال:
قرقيعان وقرقيعانعادت عليكم صيامكل سنة وكل عامعطونا الله يعطيكمبيت مكة يوديكم
وفي بغداد يردد الأطفال:
ماجينا يا ماجيناحلي الكيس وانطينهتنطونا لو ننطيكمبيت مكة انوديكمهاي مكة المعمورةمبنية بجص ونورةيا أهل السطوحتنطونا لو نروح
وكان أطفال الفلوجة يرددون في رمضان الماضي هذه الأهزوجة:
ماجينا يا ماجيناالأمريكي اشجابه علينههم شفتي الشعب مرتاحلو شفتي دامت أفراحشو بس نار وتكوينهماجينا يا ماجيناوربما كانت الماجينا باعثا لتفجر قريحة الشعراء الشعبيين في العراق, وحافزا رمضانيا فتح بوابات الماجينا, وشجعهم على نسج المزيد من المقاطع الغنائية على إيقاعات الماجينا والجورجينا, ويسرنا أن نهديكم هذه المقاطع المنوّعة المختارة من بعض القصائد الساخرة:
ماجينا يا ماجينافرجة للناس صفينهوالسبب كومة أحزابتتقاتل خلف الأبوابباعونا برخص الترابوالدستور مضيعينهماجينا يا ماجيناماجينا يا ماجيناكعدي كبالي وحاكيناكافي تكذبين علينالا اكو كيس وافتحتيهولا حال وغيرتيهوين الرز والعدساتوين الشاي والشكراتوين طحيني والدهناتواكليجة ما سوينهماجينا يا ماجيناليش العالم ناسيناليش أحنا أنفكر بالناسشو محد فكر بينايا رب انته راعي البيتاحفظنة واحفظ هالبيتدقينا الباب برمضانردنه ضماد من الجيرانيا أهل السطوحجيرانكم مجروحوابن الجيران الحباباجه يركض فتح الباببس فجّر نفسه عليناماجينا يا ماجيناالبصرة 20/8/2010