- جاء شهر الصوم و معه جملة من الممارسات الخاطئة فيما يتعلّق بالمأكل والمشرب، فضلاً عن ضرورة توضيح موقف الشريعة الإسلامية من بعض الحالات التي تتوجب رخصة الإفطار، ولا يصحّ معها الصوم ومن هذه نذكر:
ـ يرخص الإفطار للشيخ الكبير والمرأة العجوز(اللذين لا يقدران على الصوم ويزدادان ضعفاً مع الأيام)، وكذلك المريض(الذي يلازمه مرض لا يبرأ منه إلى آخر حياته)، وليس عليهم قضاء، ويطعمون عن كل يوم مسكيناً وجبة غداء و وجبة عشاء.
ـ يرخص الإفطار للمريض مرضاً شديداً يزيده الصوم أو يخشى تأخر برئه، ويعرف ذلك إما بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة، وعليه القضاء، وكذلك من غلبه الجوع والعطش وخاف على نفسه الهلاك، لزمه الفطر وعليه القضاء.
ـ يتوجب على الحائض والنفساء الإفطار ويحرّم عليهما الصوم، وإذا صامتا لا يصح صومهما وعليهما القضاء.
ـ الأدوية والمناظير
ـ استعمال الدواء عن طريق الفم والأنف : كل ما دخل إلى الجسم(سواء كان الدواء سائلاً أو جامداً، مغذياً أو غير مغذ) فإنه يفسد الصوم.
ـ استعمال الدواء عن طريق الأذن والعين : رخص بعض العلماء به وتشدد البعض الآخر.
ـ استعمال الدواء عن طريق الدبر : كل ما دخل إلى الجسم(سواء كان سائلاً أو لبوساً أو حقناً)فإنه يفسد الصوم، ورخص بعض العلماء به خاصة لمرضى البواسير والإمساك..
ـ استعمال الدواء عن طريق الحقن بالوريد أو العضل : قال فريق من العلماء : يفسد الصوم لأن الدواء دخل الجسم واختلط بالدم، وهو أبلغ في الفطر وأقوى لأن ما في المعدة سيصل إلى الدم وهذا قد وصل، وقال فريق آخر، لا يفسد صومه، والأولى أن نأخذ بالرأي الأول(خروجاً على الخلاف)إذا لم يكن هناك حرج ومشقة، أما إذا كان هناك حرج ومشقة في ذلك فلا بأس بالأخذ بالرأي الثاني.
ـ استعمال المنظار عن طريق الفم إلى المعدة، إن استطاع المريض تأجيله إلى ما بعد الصوم فعل ذلك، أما إذا كان التأخير لنهاية يوم الصوم يضره، فلا حرج عليه، وعليه القضاء.
ـ استعمال المنظار عن طريق الدبر، استعماله لا يفطر الصائم في رأي من يشترط أن يكون الداخل من الدبر مائعاً، وفي رأي أخر يفطر الصائم، وعلى هذا إما أن يؤخر المنظار إذا كان ذلك لا يضره، وإن كان التأخير يضره يكون له عذر المريض ويتوجب القضاء.
ـ استعمال المنظار عن طريق المثانة، فيه رأيان، أصحهما أنه لا يفطر الصائم، فإما أن يأخذ به المريض، وإما أن يؤخر المنظار إن كان ذلك لا يضره.
ـ الإخراج من الجسم، قد يخرج الأطباء شيئاً من جسم الإنسان، كإخراج القثطرة والبول من المثانة وإخراج السائل من النخاع الشوكي وإخراج عينات أخرى من أجزاء الجسم وأخذ دم من المريض لتحليله ولإسعاف مريض وإخراج صديد وبزل دمل وما إلى ذلك... كل ذلك لا يفطر الصائم، وعليه أن يكمل صومه طبيعياً، أما إذا أدى ذلك إلى ضعف المريض أو إرهاقه، فإنه يفطر للمرض وليس بسبب الأخذ، وعليه القضاء.
ـ الصيام والأمراض
ثمة أمراض تستدعي رأي الطبيب المختص لإقرار إمكانية الصوم من عدمها، ولكنّ الآراء العامة في هذا المجال قد تكون عاملاً مساعداً من خلال الخبرة والتجريب.
ـ هبوط القلب : إما أن يكون متكافئاً أو غير متكافئ.
ـ متكافئ : يستطيع المريض أن يصوم وفي ذلك فائدة للعلاج، خاصة لأولئك المرضى الذين يعانون من السمنة.
ـ غير متكافئ : يباح الإفطار في هذه الحالة، خاصة وأن المريض يحتاج إلى تناول العقاقير على فترات قصيرة.
ـ أمراض الشريان التاجي والذبحة الصدرية :
يعتمد الحكم في هذه الحالات على حالة المريض، من حيث استقرار حالته ومعدل تكرار آلام الصدر، فمثلاً إذا كانت حالته مستقرة ولا يشعر بنوبات الذبحة المتكررة فالصيام جزء من العلاج(حيث يقلل من امتلاء المعدة بالطعام، فتتحسن الدورة الدموية للقلب كما يساعد في إنقاص وزن المريض)، أما إذا كانت حالة المريض غير مستقرة وتتكرر فيها نوبات الألم، مما يستدعي تناول العقاقير تحت اللسان على فترات متقاربة فيرخص الإفطار إلى أن تستقر حالة المريض، وعليه القضاء.
ـ روماتيزم القلب النشط:
تتميز هذه الحالة بارتفاع في درجة الحرارة وعدم استقرار حالة القلب، مما يتطلب معها نظاماً خاصاً في العلاج المتكرر على فترات منتظمة، متقاربة، ونظاماً خاصاً للتغذية والراحة، لذا يرخص للمريض بالإفطار حتى يشفى، وتستقر حالته، ثم يقرر الطبيب مدى قدرته على قضاء ما فاته من صيام .
ـ أمراض صمامات القلب :
سواء أكانت متكافئة أو غير متكافئة، لا يستطيع المريض معها الصيام ويرخص له الإفطار إلى أن يشفى وتستقر حالته.
ـ ارتفاع ضغط الدم:
يعتبر الصيام جزءاً من العلاج في حالات ارتفاع الضغط الطفيفة والمتوسطة الشدة، التي يمكن السيطرة عليها بالعلاج الطبي، أما في الحالات الشديدة التي تحتاج لتكرار العلاج عن طريق الفم في فترات متقاربة، فننصح بالفطر، على أن يعاود المريض الصيام عند ثبات الحالة وانضباط الضغط.
ـ الدرن الرئوي : وينقسم حسب تطور الحالة إلى :
ـ نشط : وفي هذه الحالة تعتبر التغذية جزءاً مهمّاً من العلاج، لذا يرخص للمريض بالإفطار إلى أن تستقر حالته.
ـ غير نشط : ويمكن لهؤلاء المرضى الصيام لاستقرار حالتهم.
ـ حصوات الكلى والتهاباتها :
تعتبر السوائل بكثرة عن طريق الفم خطوط العلاج الرئيسية، لذا يرخص بالإفطار لهؤلاء المرضى حتى تستقر حالتهم.
ـ الحيض والنفاس:
اتفق الفقهاء على أنه يتوجب على الحائض والنفساء الإفطار ويحرم عليهما الصيام.
ـ الاستحاضة:
وتطلق على الدم الخارج من الفرج في غير أيام الحيض والنفاس، وعلامته ألا يكون منتناً، ويجب على المرأة الصيام.
ـ الحامل والمرضع:
ـ في المرحلة الأولى من الحمل، إذا لم يصاحبها مضاعفات كالقيء والغثيان ولم تكن هناك أعراض مرضية أخرى، فعلى الحامل الصوم، أما إذا كانت أعراض الوحم شديدة وصاحبها القيء والغثيان ورأى الطبيب حاجة إلى الفطر فإنه يرخص لها بالإفطار.
ـ أما في المرحلة الثانية من الحمل، فعليها أن تصوم دون خوف مادامت الأم خالية من أي أمراض تتعارض مع الصوم.
ـ أما بالنسبة للمرضع، فإن كان لبنها يشبع طفلها أو كان طفلها يستفيد من إضافة اللبن الصناعي، فإنها تستطيع الصيام، أما إذا كان لبنها لا يكفي وتريد إرضاعه طبيعياً فهذا حقها ويصبح لزاماً عليها الإفطار مع قضاء الصوم في أيام أخرى.
مرضى الداء السكري والصوم:
يقسم المرضى إلى :
ـ المرضى البدينين، ويفيدهم الصوم كجزء من العلاج مع بعض الأقراص لعلاج السكر بعد الإفطار والسحور، مع تقليل الجرعة مع الصيام .
ـ المرضى الذين يأخذون الأنسولين كعلاج مرة واحدة في اليوم، ويمكنهم الصوم شريطة أن يأخذوا الأنسولين قبل الإفطار مباشرة، وأن يكونوا تحت إشراف طبي دقيق مع تقليل جرعة الأنسولين عند الصوم
ـ المرضى النحاف وصغار السن، وعليهم أن يفطروا، لأن حالتهم الصحية لا تسمح لهم بالصيام .
ـ المرضى الذين يأخذون جرعات الأنسولين أكثر من مرة في اليوم، وهم لا يقدرون على الصوم .
ـ المرضى الضعاف والذين لديهم مضاعفات في الأعصاب أو الكلى أو الالتهابات أو الذين أجروا جراحات أو مرضى الداء السكري من الحوامل … كلهم عليهم الإفطار.
مرضى الروماتيزم:
يقسم الروماتيزم إلى ثلاث فئات
ـ الأمراض الروماتيزمية الإلتهابية، كالروماتويد وروماتيزم العمود الفقري التيبسي ومرضى القناع الأحمر والحمى الروماتيزمية وأمثالها … وهذه الأمراض تحتاج في حالتها الحادة إلى علاج دوائي بالفم في فترات منتظمة كل 4 أو 6 ساعات لمدة قد تطول، كذلك يحسن تناول الأقراص بعد الأكل حتى لا تؤثّر على معدة المريض، فلا بد من الإفطار، وعليه القضاء.
أما مرضى روماتيزم المفصل الواحد الذين يحتاجون فقط إلى حقن موضعية بالمفصل المصاب ، فيمكنهم الصيام، إذ لا يفسد العلاج صيامهم، كذلك المرضى الذين يحتاجون للعلاج الطبيعي فقط، فيمكنهم أخذ جلسات الأشعة القصيرة وفوق الصوتية، والخضوع لحمامات الشمع والتمارين العلاجية أثناء الصيام، كما أن المرضى الذين يحتاجون للعلاج الإشعاعي بالأشعة العميقة، يمكنهم عمل ذلك سواء أثناء الصيام أو بعد الإفطار، حيث أن ذلك لا يتعارض مع صيامهم .
ـ مرضى الروماتيزم الميتا بوليزمي، وهو الروماتيزم الذي ينشأ نتيجة أخطاء الميتابوليزم وأمراض الغدد الصماء، وأهم هذه الأنواع من الروماتيزم، مرض النقرس ومرض الروماتيزم المصاحب لمرض السكر، فمريض النقرس عادة ما يكون من الذكور، وغالباً ما يبدأ المرض بالتورم والاحمرار الذي يصيب إبهام إحدى القدمين غالباً ولا تزيد النوبة على عدة أيام ثم تختفي لمدة طويلة قد تمتد إلى عدة سنوات قبل أن يعانى المريض من نوبة أخرى، والصيام في هذه الحالة يتوقف على عدة عوامل، فمثلاً أثناء النوبات الحادة لا يطيق المريض الصيام لاحتياجه الضروري إلى أدوية، وعلى فترات متقاربة، حتى تنتهي النوبة الحادة ويزول الألم، أما المرضى في غير النوبات الحادة، فإن كانت حالتهم بسيطة ومبكرة، وكانت وظيفة الكليتين جيدة، ولم يسبق لهم أن أصيبوا بنوبات مغص كلوي، فيمكنهم الصيام.
وبالنسبة لنسبة حمض البوليك، فإن كانت شديدة الارتفاع، وكانت وظيفة الكليتين غير متكافئة، فيجب عليهم الإفطار، لأنهم محتاجون إلى شرب السوائل بصفة منتظمة وبكميات كبيرة، والامتناع عن السوائل هنا قد يعرض الكلية للخطر، لذا فالإفطار مباح حسب نصيحة الطبيب المعالج.
أما الروماتيزم الذي يصاحب مريض السكر والذي من أهم أعراضه آلام بالكتف وتنميل بالأصابع وألم في أسفل الظهر... فالصيام مفيد لهم.
ـ الروماتيزم التعظمي(الروماتيزم المفصلي العظمي) كالذي يصيب أسفل الظهر ومفصل الفخذ أو الركبة، أو بسبب مهماز القدم، فإن الصيام واجب ومفيد، حيث أن إنقاص الوزن وتقليل الحركة من العوامل الرئيسية للشفاء.
- إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر أو ماء :نصائح للصائمين
فالصائم عند الإفطار بحاجة إلى مصدر سكري سريع يدفع عنه الجوع، مثلما هو بحاجة إلى الماء، والإفطار على التمر والماء يحقق الهدفين ، وهما دفع الجوع والعطش.
-افطر على مرحلتين:
فقد كان رسول الله(ص)يعجل فطره على تمرات أو ماء، ثم يصلي المغرب، ثم يكمل إفطاره، وفي ذلك حكمة رائعة، فتناول شيئاً من التمر والماء حتى تتنبه المعدة تنبيها خفيفاً، وخلال فترة الصلاة تقوم المعدة بامتصاص المادة السكرية والماء، ويزول الشعور بالعطش والجوع، ثم يعود الصائم بعد الصلاة إلى إكمال إفطاره وقد زال عنه الشعور بالنهم، كما أن تناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة وبسرعة يؤدي إلى انتفاخ المعدة وحدوث عسر الهضم.
- تجنب النوم بعد الإفطار:
النوم بعد تناول وجبة طعام كبيرة ودسمة قد يزيد من خمول الإنسان وكسله.
- تسحروا فإن في السحور بركة:
تناول السحور يفيد في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان، ويخفف من الشعور بالعطش الشديد، ويستحسن تأخير السحور،و أن يحتوي على أغذية سهلة الهضم كاللبن والعسل والفواكه وغيرها.
- اختر لنفسك غذاءً صحياً متكاملاً:
احرص على أن يكون غذاؤك متنوعاً وشاملاً لكافة العناصر الغذائية، أكثر من السلطات فهي غنية بالألياف وتعطي إحساساً بالامتلاء والشبع، وتجنب والبهارات والمخللات والمقالي قدر الإمكان.
- كلوا واشربوا ولا تسرفوا:
آية كريمة من ثلاث كلمات جمعت أطراف الحكمة.
-إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يغضب:
يزيد الغضب من إفراز هرمون الأدرينالين والكوليسترول في الجسم بمقدار كبير، وارتفاعهما يسبب مشاكل يطول شرحها.
رمضان فرصة للتوقف عن التدخين :
إن أكثر ما يهم المدخن هو إشباع عادته وإدمانه بسيجارة بين وقتٍ وآخر، وفي رمضان يمكنه أن يقلع عن التدخين وأن يستثمر ليضيف إلى صحته.
تجنب الماء البارد جداً والبهارات:
فشرب الماء البارد قد يؤدي إلى توتر عضلات المعدة، وبطء حركتها، والبهارات قد تؤدي إلى تهيج المعدة وتخريش غشائها المخاطي.
الصوم عبر العصور
- عرف الإنسان الصوم ومارسه منذ فجر البشرية، وأقدم الوثائق التاريخية ما نقش في معابد الفراعنة، وما كتب في أوراق البردي من أن المصريين القدماء مارسوا الصوم وخاصة أيام الفتن حسب ما تمليه شعائرهم الدينية، وللهنود والبراهمة والبوذيين تقاليدهم الخاصة في الصوم حددتها كتبهم المقدسة.
-أبو قراط (القرن الخامس قبل الميلاد) أول من قام بتدوين طرق الصيام وأهميته العلاجية، وفي عهد البطالسة كان أطباء الإسكندرية ينصحون مرضاهم بالصوم تعجيلاً للشفاء.
-فرضت الأديان السماوية الصيام على أتباعها كما يتبين لنا من النص القرآني قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (سورة البقرة: الآية 183)
- لا يصوم الإنسان بمفرده، فجميع المخلوقات الحية تمر بفترة صوم اختياري مهما توفر الغذاء من حولها، فالحيوانات تصوم وتحجز نفسها أياماً وربما شهور متوالية في جحور تمتنع فيها عن الحركة والطعام، والطيور والأسماك والحشرات كلها تصوم، إذ معروف تماماً أن كل حشرة تمر أثناء تطورها بمرحلة الشرنقة التي تصوم فيها تماماً معتزلة ضمن شرنقتها، وقد لاحظ العلماء أن هذه المخلوقات تخرج من فترة صيامها هذه وهي أكثر نشاطاً وحيوية، كما أن معظمها يزداد نمواً وصحة بعد فترة الصوم هذه.
قدمت لكم هذا الموضوع بحلول شهر رمضان ارجو ان ينال اعجابكم