رصاصة ظلّت تلاحق نقيب الصحفيين العراقيين منذ وقف سداً أمام محاولات تسفيه مهنة الصحافة والاعلام وشراء اصواتها بثمن بخس، في اطار عمليات كبري لتحويل جميع المؤسسات الي حالة من التبعية لأقطاب حكومية نافذة أو مليشيات وعصابات تحكم الشارع من وراء ستار يشف عما تحته بسهولة.
تلك الرصاصة ظلت تبحث عن فرصتها، تارة يحملها تهديد عبر هاتف أو عبر رسالة أو عبر متسللين الي مهنة القلم والاعلام من جيوب الظلام حتي وجدت الرصاصة أحد أهدافها لتستقر في الجسد النحيل لصحفي يمثل رمز هؤلاء المتعبين المهمومين بالمهنة الخطرة.
ولعل وصف هذه المهنة بالخطرة لم يأخذ معناه الحقيقي الاّ في العراق وفي رحاب التغيير من الاعلام الاحادي الي الاعلام التعددي.. "بصيغة الواحد"..
الاعلام في العراق سقفه لا يرتقي الي الشعارات التي تطلقها جميع الأطراف "العريقة" في الديمقراطية أو "الطارئة" عليها. فما زالت التقارير المسموح بخروجها من وكالات الانباء داخل العراق الي العالم مجتزأة وبعيدة عن حقيقة ما يجري في البلد من أفلاك لا تدور في اطار وطني وإنما تمر عبر مراكز قوي وأشخاص.
فالاعلام العراقي في الداخل لم يعالج الأزمة السياسية المستمرة في العراق الاّ من خلال تصريحات سطحية عبر أفواه سياسيين وكان دائماً احادياً غير قادر علي عرض وجهتي النظر المتناقضتين في حالة توحي بأنّ الاعلام هو اعلام حكومة في الاطار الرسمي، وعصابات في الشارع..
الصحافة خسرت نقيبها، والأطباء نُخرت أجسادهم وتحولوا الي باحثين عن عمل في الخارج، والطلبة والجامعات والاساتذة يخضعون لنفوذ المليشيات، والوزارات مازالت تلبس ثوباً طائفياً مهلهلاً.. وكل ذلك يجري برضا "رعاة" الديمقراطية لأنهم في مأزق وعليهم مهادنة القتلة والسفاحين والمجرمين والحرامية والعملاء لكي تمر الورطة.. فهل تمر؟ ومن أين..؟

المصدر