فضل القرآن عظيم, فهو كتاب حياة ومنهج وجود للإنسان, وهو يقدم للمسلم كل ما يحتاج في الدنيا والآخرة, ويجيب عن كل ما يخطر بباله من تساؤلات, فهل يعقل أن يغفل المسلم عن هذا الخير ولا يجعل لنفسه ورداً - ولو صغيراً - من القرآن, وقد صدق الحق جل وعلا; إذ يقول: ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى, وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى, قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً, قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )
الكثير من المسلمين يضعون المصاحف في علب جميلة مزخرفة ومزركشة.. وكأن القرآن جزء من الديكور والزينة!! والقرآن لم يجعل لهذا, بل أنزله الله تعالى للتدبر والتأمل والفهم والتطبيق. ولقد شهد الأعداء قبل الأصدقاء, والكافرون قبل المؤمنين, بعظمة القرآن وسمو معانيه, فقد أتى الوليد بن المغيرة مرة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - وهو أحد خصومه الألداء- يقول: يا محمد اقرأ علي القرآن, فيقرأ عليه وآله الصلاة والسلام: ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ), ولم يكد يفرغ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من تلاوتها حتى يطالب الخصم الألد بإعادتها بجلال لفظها وقدسية معانيها مأخوذا برصانة بنيانها مجذوبا بقوة تأثيرها, ولم يلبث أن يسجل اعترافه بعظمة القرآن قائلا: ( والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمورق, وإن أعلاه لمثمر, وما يقول هذا بشر ).
وقد روي أنه جاء في التوراة أن الله تعالى يقول: ( عبدي أما تستحي مني, يأتيك كتاب من بعض إخوانك, وأنت في الطريق تمشي, فتعدل عن الطريق, وتقعد لأجله, وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شيء, وهذا كتابي أنزلته إليك, انظر كيف فصلت لك فيه من القول, وكم كررت عليك فيه, لتتأمل طوله وعرضه, ثم أنت معرض عنه, فكنت أهون عليك من بعض إخوانك! يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك ، فتقبل إليه بكل وجهك, وتصغي إلى حديثه بكل قلبك, فإن تكلم تتكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه ( أي أشرت إليه ) أن كف.. وهأنذا مقبل عليك ومحدث وأنت معرض بقلبك عني, أفجعلتني أهون عليك من بعض إخوانك؟!
ومما يؤكد أهمية القرآن في حياة كل مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أن من الدعاء أن يقول العبد: اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي, ونور بصري, وجلاء حزني, وذهاب همي وغمي..
تذكر دائما أنك في مرحلة اختبار قاس تحتاج لجهد وإرادة, وهذا الاختبار يتكون من سؤال واحد: هل يصبح القرآن حجة لك أم عليك؟ فكر جيدا في السؤال, ثم أجب عليه في حدود الواقع العملي وفي زمن مدته عمرك الذي قدره الله لك..
ودمتم سالمين