|ابن أمه| صفة تُطلق على الأبناء الأكثر التصاقاً بأمهاتهم عن غيرهم ، و هم صغار الأكثر تعلقاً بالأم و هم كذلك حتى بعد أن اشتعل الرأس شيباً، هذا الارتباط بالأم ، الذي قد يستمر حتى بعد أن قُطع الحبل السري إلى مراحل متقدمة من العمر، قد يخلق نوعاً من عدم الاستقلالية في اختيار طريقة الحياة بشكل عام و اختيار الزوجة مثلاً كمثال خاص أريدهُ مدخلاً لحديثي.
ظلت عبارة ابن أمه ، | fils à maman | باللغة الفرنسية ، لوقت طويل توحي أنها شتيمة تلحق بالابن الذكر فتنزع عنه لباس الرجولة و تستبدله بآخر للميوعة و ضعف الشخصية الناتج عن التبعية للأم في الأمر الصغير قبل الكبير. خفت قليلاً حدة هذا الوصف بعد قرأت عن دراسة أمريكية تقول أن الزوج المتعلق و المرتبط بأمه بقوة هو أكثر الأزواج حناناً و عطفاً على زوجته ، هذا يقودنا إلى الاعتقاد أن مشروع الزواج سيؤول إلى النجاح.
ذكرت الدراسة أيضاً أن سبب تصنيف هذا الزوج على أنه من أفضل الأزواج كونه اكتسب الطريقة المثلى في التعامل مع زوجته و ذلك بسبب ملازمته لأمه طيلة المراحل التي مر بها ، إضافة إلى أن الارتباط العاطفي بالأم يمكنه من التعامل مع زوجته في المسقبل بشكل عاطفي أيضاً. بجمع كل هذا أكدت الدراسة مرة أخرى على أن أكثر الزيجات نجاحاً هي تلك الزيجات التي كان أحد أطرافها | أبناء أمهاتهم |.
إسقـاط هذه الدراسة على المجتمعات العربية لن يعطي نتائجاً مماثلة و لا مثالية كالتي أعطتها الدراسة على المجتمع الأمريكي و السبب يعود لكوننا مجتمعات تحكمها العديد من العادات و التقاليد جميلها و قبيحها التي لا توجد في بلد غربي و لن توجد بطبيعة الحال. عدم توافق هذه الدراسة مع مجتمعاتنا العربية يعود و يرجع لأمرين كما أراهما، أولهما أن الأسرة الغربية تعتبر سن الـ 18 السن المناسب الذي يستطيع عنده الإبن أن يعتمد على نفسه . في الحقيقة سن 18 ليس دقيقاً إن راجعنا طريقة التربية التي تُعتمد هناك فالطفل منذ أن يولد و هو في غرفته الخاصة، هذا المنطق غير موجود لدى الأسر العربية التي تحضن أولادها مدى الحياة أفضل من حضن مليون دجاجة مجتمعة لبيضة واحدة ! ، يمكننا القول أن تعلق الطفل الغربي بأمه إن حدث لن يكون مرضياً .
الأمر الثاني الذي أراه عائقاً للوصول لنفس نتائج الدراسة هو أن مهما انحصرت الحرية في الأسرة الغربية فلا أتصور أن هناك أماً ستفرض على ابنها أن يتزوج بمن لا يرغب فيها حتى لو كان ابن أمه فهو كذلك إن تعلق الأمر بالحنان و العاطفة ، غير أن في المجتمع العربي بعض الأمهات و هن كثيرات لازلن يحمكن على أبنائهن بالاعدام بتزويجه بفتاة لا يطيقها فأين السبيل لتطبيق ما تعلمه في أكاديمية أمه المسيطرة ! هذا يعطي انطباع على أن |ابن أمه| الغربي حالة مطلوبة أما |ابن أمه| العربي فهو حالة كارثية أنتجتها أم مسيطرة.
لا أنكر وجود حالات عربية من الأزواج التي نتحدث عنها شبيهة لحد كبير بالتي أجريت عليها الدراسة و لكنها حالات مدفونة و لا تُسمى بأسمائها، فالرجولة في مجتمعاتنا تتعارض و المرونة و التعامل اللطيف و تتوافق مع الشدة و توزيع صفعات على الزوجة بانتظام ، على الفطور و الغداء و العشاء.
<!-- / message -->