(( نظر علي [عليه السلام] إلى امرأة على كتفها قربة ماء , فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها , وسألها عن حالها , فقالت :
- بعث عليّ بن أبي طالب صاحبي إلى بعض الثغور فقتل , وترك عليّ صبياناً يتامى , وليس عندي شيء , فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس .
فانصرف وبات ليلته قلقاً , فلما أصبح , حمل زنبيلاً فيه طعام ، فقال بعضهم : أعطني أحمله عنك .
فقال : من يحمل وزري عنيّ يوم القيامة ؟
فأتى وقرع الباب , فقالت : من هذا ؟
قال أنا ذلك العبد الذي حمل معك القربة , فافتحي , فإن معي شيئاً للصبيان .
فقالت : رضي الله عنك , وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب .
فدخل وقال : أنيّ أحببت اكتساب الثواب , فاختاري بين أن تعجني وتخبزي , وبين أن تعلّلي الصبيان لأخبز أنا .
فقالت : أنا بالخبز أبصر , وعليه أقدر , ولكن شأنك والصبيان , فعلّلهم حتى أفرغ من الخبز .
قال : فعمدت إلى الدقيق فعجنته , وعمد عليّ [عليه السلام] إلى اللحم فطبخه , وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره , فكلّما ناول [أحد] الصبيان من ذلك شيئاً قال له :
- يابنيّ , اجعل عليّ بن أبي طالب في حلّ مّما أمر في أمرك .
فلّما اختمر العجين , قالت :
- ياعبدالله , اسجر التّنور .
فبادر لسجره , فلّما أشعله لفح في وجهه , جعل يقول :
- ذق ياعليّ , هذا جزاء من ضيّع الأرامل واليتامى .
فرأته امرأة تعرفه , فقالت ويحك , هذا أمير المؤمنين .
قال : فبادرت المرأة وهي تقول : واحيائي منك يأمير المؤمنين .
فقال : بل واحيائي منك يا أمة الله , فيما قصّرت في أمرك ))
بحار الأنوار , طبعة حديثة ج41 ص 52 , عن المناقب .