هل يبحث بوش عن تغطية الانسحاب البريطانى فى العراق؟
الانسحاب من البصرة يثير غضب الإدارة الأمريكية
بوش يؤدى زيارة مفاجئة لبغداد لمداواة "الطعنة" البريطانية
بغداد- العرب- وكالات- الرئيس الأمريكى جورج بوش أدى زيارة مفاجئة أمس الاثنين إلى العاصمة العراقية بغداد مباشرة بعد تأكد الانسحاب البريطانى من مدينة البصرة وتركها إلى القوات العراقية والمليشيات المقربة منها، ويربط المتابعون بين الحدثين فى ظل ترد كبير للوضع وتهاوى المؤسسات المرتبطة بالحكومة العراقية وتكرر التقارير حول اتهامها بالفساد، وآخرها هروب رئيس هيئة النزاهة المكلف بملفات الفساد تلاحقه التهم.
أدى الرئيس الأمريكى جورج بوش زيارة مفاجئة إلى بغداد أمس الاثنين قبل توجهه إلى مدينة سيدنى الاسترالية للمشاركة فى قمة آسيا- المحيط الهادئ، وقد أجرى مباحثات مع أبرز الشخصيات العراقية وأولهم رئيس الوزراء نورى المالكى والرئيس طالبانى ونائبه طارق الهاشمي.
وحطت طائرة الرئيس الأمريكى فى قاعدة عسكرية فى محافظة الانبار إلى الغرب من بغداد، وبصحبته مستشار الامن القومى الأمريكى ستيفن هادلي، وقد سبقه إلى بغداد روبرت جيتس وزير الدفاع.
وتأتى هذه الزيارة قبل 12 يوما من موعد تقديم قائد القوات الأميركية فى العراق ديفيد بترايوس وسفير أميركا لدى العراق رايان كروكر تقريرهما إلى الرئيس بوش والكونغرس الأميركى بشأن مدى التقدم المحرز فى المجالين الأمنى والسياسى فى العراق على خلفية الزيادة فى عديد القوات الأميركية العاملة هناك.
ووصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جف موريل زيارة بوش للعراق بأنها تمثل اللقاء الأكبر والأخير قبل أن يقرر الرئيس الأميركى طريقة تعامله مع الوضع فى العراق مستقبلا.
محاولة يائسة
ويذهب مراقبون للوضع العراقى إلى القول إن بوش يحاول أن يخفف من الضغط الإعلامى والسياسى عليه من خلال الزيارة وإبراز أن الوضع ليس كما يصور، إنه قابل للتعاطى معه وقرار الهبوط فى قاعدة بمحافظة الانبار له أهميته، إذ أن هذه المحافظة يشار إليها عادة باعتبارها معقل المسلحين، وبالتالى فانه يلفت النظر إلى ما يصفه عادة بالنجاح الذى حققته القوات الأمريكية.
وفضلا عن محاولة تنفيس الوضع الداخلى وتشتيت الضغوط المسلطة عليه، فإن بوش وفق ما رأى بعض المحللين تحول إلى بغداد فى محاولة لمداواة الطعنة التى وجهها له رئيس الوزراء البريطانى غوردن براون بإعلانه الانسحاب الفعلى من البصرة.
الانسحاب البريطانى المفاجىء
فقد بدأت بريطانيا فى سحب قواتها من قاعدة فى مدينة البصرة فى خطوة يعرف رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون أنها تحظى بشعبية سياسية فى الداخل ولكنها تخاطر بإثارة غضب واشنطن.
ويمثل هذا الانسحاب خطوة نحو تسليم السيطرة الأمنية بمحافظة البصرة للقوات العراقية بحلول نهاية العام وتمهيد الطريق أمام انسحاب القوات البريطانية من العراق فى نهاية المطاف.
ويدرك براون الذى خلف تونى بلير كرئيس للوزراء فى يونيو حزيران أن حرب العراق عائق انتخابى لحزب العمال الحاكم وأنها أسهمت فى استقالة بلير المبكرة.
وتتزايد التكهنات باحتمال أن يدعو براون إلى انتخابات عامة هذا العام أو العام التالى ويعتقد معلقون سياسيون كثيرون انه يريد سحب القوات البريطانية من العراق أو على الأقل تقليص التدخل البريطانى قبل دخوله الانتخابات.
البصرة متروكة للفوضى
من جانبهم صحا أهالى البصرة على انسحاب القوات البريطانية من القصور الرئاسية فى وسط المدينة، بعد أربعة أعوام ونصف عام من غزو العراق. ورغم ترحيب سكان المدينة بهذه الخطوة التى انتظروها طويلا، لم يخف هؤلاء قلقهم من أن تنتهز الميليشيات الشيعية الفرصة لتتنازع السيطرة على المدينة ومسالك تصدير النفط.
ويقول البعض من المتابعين إن البصرة التى يهيمن عليها التحالف الشيعى الحاكم أصبحت مكانا مخيفا إذ تعددت الاغتيالات والاختطافات وتصفية الحسابات.
الحكومة العراقية تغرق فى الفساد
وهو ما يزيد من توسع المأزق الذى تعيشه الحكومة العراقية. ومن صور هذا المأزق هروب رئيس هيئة النزاهة المكلفة بمتابعة قضايا الفساد وكشف ملفات التلاعب المالى فى المؤسسات الحكومية هرب خارج العراق وبالذات إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال رئيس الوزراء نورى المالكى فى مؤتمر صحفى فى بغداد إن القاضى راضى الراضى رئيس هيئة النزاهة الحكومية فوجئنا بعد أن كنا قد وضعنا اسمه فى المنع.. لمنعه من مغادرة العراق... فوجئنا الآن انه استطاع أن يغادر العراق.
وأضاف المالكى أن الراضى كان متهما من قبل لجنة النزاهة التابعة للبرلمان والتى قامت باستدعائه ووجهت إليه جملة من الاتهامات.
وقال المالكى إن الحكومة العراقية كانت على وشك تقديم طلب للبرلمان بطلب سحب الثقة من الراضى وإقالته وإحالته إلى المحاكم.
وكان البرلمان العراقى قد استضاف الراضى قبل شهرين فى جلسة شهدت توجيه جملة اتهامات من قبل لجنة النزاهة التابعة للبرلمان تتهم الراضى بالفساد الإداري. ونفى الراضى هذه الاتهامات واعتبرها حملة موجهة ضده هدفها الإساءة إليه.