من أصعب اللحظات التي تمر بتاريخ الحياة الزوجية..لحظة الخلاف الأول ، تلك اللحظة التي تبدأ فيها بعض الاختلافات الفكرية أو السلوكية أو الأخلاقية تظهر وتفرض نفسها بقوة على مسرح الحياة..
فيكون الصدام الأول..الذي يذيب الأجواء الرومانسية ويكدر النسمات العاطفية.. ويوسع الهوة بين المساحات المشتركة..فيسقط الزوجان في لحظة من الصدام والغضب والانفعال المتبادل..
فإما أن يستوعب أحدهما أو كلاهما هذه اللحظة فيتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة ، وإما أن يستسلم كل منهما للحظة الغضب والعناد والمكابرة فتنمو المشكلة وتكبر وتتفجر ، وتلتهم بنيرانها كل لحظات السعادة والتفاهم والمشاعر الإيجابية..
ولكن الخطأ الأكبر والسقطة المدوية التي قد يسقط فيها البعض هو لجوء أي منهما أو كلاهما -خاصة من حديثي الزواج- للحديث أو الفضفضة مع غيرهم من أفراد العائلة..
وهذه هي العتبة التي نرجو من كلا الزوجين الوقوف عندها والتريث وعدم الانزلاق في هوتها:
** مبررات تلك الخطوة:
لابد أنها ستسوق المبررات ولابد أنه سيقدم الأعذار..
- فأنا قليل الخبرة..وحديث العهد بالزواج..وأتمنى الإفادة من خبرة أمي أو أختي أو صديقي أو صديقتي..
- أشعر بأن الغضب سيقتلني والانفعال الصامت سيدمرني ، ولابد لي من وسيلة للفضفضة ، والتفريج عن نفسي..
- أشعر بأنني ربما أكون قد أخطأت ، واحتاج لمن يقيم موقفي بحيادية ، ويساعدني في مراجعة الأمر..
- أريد منهم المساعدة والتدخل لحسم الموقف ، لأنني لم آخذ حقي ، ولم أقتص لنفسي..
نعم ستتعدد الأعذار ، وتتباين الأسباب لتبرر تلك الفعلة الكبرى ، وذلك المنزلق الخطير..
** وإلى كل زوج وزوجة على أعتاب الخلاف الأول..أتوجه إليكم بكلمة واحدة:
((تمهَّلوا..))
• فأنت بما ترتكبه توسع رقعة الخلاف ، وتنقله من بودقة أسرتك الصغيرة إلى محيط الأسرة الكبيرة..
• أنت بما ترتكبه تشحن النفوس وتعكر الأجواء وتكدر مشاعر المحيطين ، بما تنشره من أسرار الخلاف الأول ، والذي قد يذوب وتزول آثاره من نفسك ويحتفظ بها الآخرون في نفوسهم..
• فأنت بما ترتكبه توصم شريك حياتك بعيوب مشينة ، قد تتناسها مع السنوات وطول المعاشرة ، ولكن لن يتناسها من حولك ، وستكون مادة دسمة لجلسات النميمة التي ستكون حياتك الأسرية محورها الأول..
• أنت بما ترتكبه تفتح المجال لكل صاحب رأي ليدلو بدلوه في خصوصياتك ، هؤلاء ممن قد لا يتمتعون بالخبرة الكافية إلا مشاعرهم الذاتية وتجاربهم الشخصية التي قد تكون نموذجاً للفشل وليس للنجاح كما يدعي البعض..
• أنت بما ترتكبه توغر صدر شريك حياتك ، وتجعل من الخلاف البسيط أزمةً كبرى ، وجرحاً غائراً لا يسهل اندماله..
وأقول لك مرة أخرى ((تمهَّل..))
**..ولكن إذا وقع الخلاف.. ماذا أفعل؟؟:
- دع العاصفة تمر ، وحاول ألا ترتكب من الأخطاء ما يدينك في تلك اللحظة..
- لا تقيم الموقف أو تتخذ قراراً أو تصدر فعلاً في لحظات انفعالك..انتظر حتى تهدأ ثم ابدأ بتقييم الموقف مجدداً..
- إذا كان هناك خطأ قد ارتكبته فراجع نفسك من فضلك دون تكبر أو تعالي..
- إذا كان شريكك هو صاحب الخطأ فانتظر حتى تهدأ لحظات الانفعال ، ثم ابدأ بمراجعته بهدوء ودون تعصب لتحديد المشكلة والبحث معاً عن مخرج لها..
ويفضل أن تقوم بهذه الخطوة بعد أن تقوم بخطوة محببة بالنسبة له ، كالاتصال بأهل الزوج أو الزوجة والاطمئنان عليهم ، أو تقديم طعام محبب أو التجمل بزينة محببة بالنسبة للزوجة ..أو حتى شحن رصيد الجوال للطرف الآخر ..
** متى يمكنني أن ألجأ لأطرافٍ أخرى من الأسرة والأصدقاء؟؟:
- يمكن اللجوء لطرفٍ آخر في لحظات الغضب للتحدث في أمور عامة ، كمحاولة للتهدئة والخروج من لحظات الغضب..
- يمكن التحدث في الموضوع بصفة عامة دون الإدلاء بتفاصيل المشكلة أو مضمون الخلاف ..مع انتقاء الشخص العاقل ذي الحكمة المحايد والمتكتم
مثلاً: إذا كانت المشكلة خاصة بالإنفاق ، يمكن طرح موضوع عن الطريقة المثلى لإدارة ميزانية البيت ، وكيف يتم تحديد الأولويات وما هي الضرورات والكماليات من وجهة نظره..
وبهذا تستطيع الإفادة من خبرة هذا الطرف دون التعريض بمشكلات حياتك ولا تفاصيلها ، كما أنك ستحصل على رأي محايد وخبرة حقيقية خالية من التحيز لطرفٍ على حساب طرف..
- أما اللجوء للأهل فلا يكون إلا في المشكلات المصيرية ، وبعد استنفاذ جميع وسائل الحلول الهادئة والتي تتم في أضيق الحدود..
- ولعل اللجوء لأصحاب الرأي والمختصين لم يعد بالأمر العسير ولا المستعصي ، خاصة مع توافر خدمات الاستشارات في المواقع المتخصصة والعيادات المختصة بل وعبر رسائل الجوال..
من فضلك من أجل حياة سعيدة ومستقرة
اجعل الخلافات الزوجية ملفا سريا للغايه
مما راق لي