كشفت مصادر نجفية عن توجس وترقب مواطني محافظات الفرات الاوسط، من احتمال اندلاعصراع شيعي – شيعي للسيطرة على مدينة النجف، حيث مقر المرجعية الشيعية العليا، مشيرةفي هذا الصدد الى الصراع التاريخي بين آل الحكيم وآل الصدر للسيطرة على المدينةالمقدسة، وما تعنيه هذه السيطرة من نفوذ واسع النطاق على العمليةالسياسية.
وبحسب المصادر النجفية، التي تحدثت لوكالة (اور) شريطة عدمالاشارة اليها، فان الصراع بين العائلتين العلمائيتين، ليس وليد السنوات السبعالماضية، وانما هو إرث تتناقله الاجيال، فبينما كان عميد اسرة الحكيم اية اللهالعظمى السيد محسن الحكيم مرجع الطائفة الشيعية في العالم، خلفاً للسيد ابو الحسنالاصفهاني، كان السيد محمد الصدر قريباً من الاسرة الهاشمية المالكة، وبلاطها فيبغداد، ولعب دوراً مهماً في توزير عدد من السياسيين الشيعة وقتها.
وقالتالمصادر ان النفوذ السياسي مهما بلغت قوته، الا انه لايوازي نفوذ المرجع الاعلىللطائفة، وهذه حقيقة يدركها آل الصدر جيداً، ويتحرك الزعيم الشاب بمقتضاها، مازجاًالدين باللعبة السياسية.
واشارت الى ان زعيم التيار الصدري، "يتهيأ ليكونحسن نصر الله العراق، وليلعب دورا سياسيا كبيرا ومؤثرا"، محذرا من أن "صراعات حزبيةسوف تطفو على سطح الأحداث في النجف وكربلاء وبقية مدن الفرات الأوسط والجنوب من أجلالزعامة السياسية لشيعة العراق".
وبحسب المصادر ذاتها، فان "زعيم التيارالصدري يجري في بيت الاسرة بحي الحنانة، وهو حي نجفي قديم، لقاءات واجتماعات مكثفةمع قياديي التيار لترتيب أوضاعهم، وتصفية بعض الصراعات والخلافات داخل التيار، خاصةبين المعممين وغير المعممين، فالقسم الأول يؤكدون أنهم هم من حافظوا على التياروديمومته، بينما يرى غير المعممين أن الفضل يعود إليهم في تكريس التيار كحركةسياسية"، مشيرة إلى أن الاجتماعات واللقاءات تتحدث عن إبعاد بعض القيادات التقليديةالتي يعتقد زعيم التيار بأنها غير منضبطة أو لا تتماشى مع منهاج المرحلة الحاليةوالمقبلة، خاصة أن هناك بعض رموز التيار لم توجد في النجف منذ أن عاد مقتدى وحتىاليوم.
ويعتقد النجفيون إن "الصدر عاد إلى العراق وهو مزهو بمشاعر القوة بعدأن كان قد ترك النجف متخفيا وبصورة سرية خشية اعتقاله من قبل القوات الأميركية، علىخلفية مقتل نجل الامام الخوئي، لكن تياره اليوم له 40 مقعدا في البرلمان و7 وزراءفي الحكومة، وهذا ما سرع من عودته كي يلعب دورا سياسيا مؤثرا يشبه إلى حد كبير دورحسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان"، مشيرين في هذا الصدد إلى أن "اهتمام القادةالسياسيين العراقيين بالصدر اعطاه زخما أقوى"، عبر عنه بعض المقربين من الصدر، باناسرة آل الصدر والنجف قد تكون الفيصل والحكم في الخلافات بيت القوى السياسيةالعراقية، بدلاً من اربيل ودول الجوار.
وكان الرئيس جلال طالباني، زعيمالاتحاد الوطني الكردستاني، قد قام مؤخراً بزيارة للصدر في بيته بالنجف، كما أجرىالدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية وزعيم كتلة العراقية اتصالاهاتفياً مع زعيم التيار الصدري، وكذلك فعل رئبس الوزراء نوري المالكي ورئيس اقليمكردستان مسعود بارزاني.
ولاحظت المصادر النجفية أن الصدر يعمل حاليا علىتنظيم عمل التيار الصدري من خلال مؤسسات إعلامية ضخمة، إضافة إلى مؤسسات اقتصاديةوأخرى خيرية لمنافسة بقية الأحزاب السياسية الشيعية، لافتة إلى أن "قيادات الأحزابالشيعية التقليدية غير مرتاحة لعودة الصدر إلى عاصمة النفوذ الشيعي، النجف".
وأعربت عن اعتقادها أن تطفو على سطح الأحداث "صراعات سياسية ساخنة بينالأحزاب الشيعية من أجل السيطرة على مقاليد البيت الشيعي، خاصة بين التيار الصدريوحزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي، رئيس الحكومة، من جهة، وبين التيار والمجلسالأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، من جهة ثانية"، مشيرة إلى أن "صيغة الصراع بينالتيار الصدري والمجلس الأعلى ستكون أكثر علانية استنادا إلى الصراع التاريخي بينعائلتي الحكيم والصدر ".
وعزت المصادر النجفية اسباب علانية الصراع بينالمجلس والتيار الى تصريحات بعض كوادر التيار بإن مستقبل العراق السياسي سيكونللتيار الصدري نظراً لتحسن الأداء السياسي للتيار الصدري بنحو ملحوظ خلافا لباقيالكتل السياسية الأخرى، فضلاً عن اهتمام التيار الصدري بمناطق الجنوب الذي همشهالآخرون "سيؤهلهم لأخذ دور رئيس في مستقبل العراق السياسي".
وتقول المصادرأن "مقتدى الصدر لن ينسى أعداءه التقليديين بسهولة، ولن ينسى المعارك التي قادهاالمالكي ضد تياره والتي أدت إلى مقتل الكثير من أنصار التيار واعتقال آخرين، ومنهنا فإن الصراع بين الصدر والمالكي لن ينحصر في حدود الصراع الحزبي بين حزب الدعوةوالتيار الصدري فحسب، بل تدخل فيه جوانب شخصية وتصفية حسابات قد تضعف الطرفين، لاسيما أن حزب الدعوة يعتبر نفسه الحزب السياسي الأكثر سيطرة على النفوذ الشيعي فيالعراق ولا يقبل بغير ذلك، وينظر إلى نفسه بوصفه الممثل السياسي الوحيد عن شيعةالعراق بعد تراجع نفوذ المجلس الأعلى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وعدم حصولهعلى وزارات مهمة في حكومة المالكي الثانية".
ولا تستبعد المصادر أن "يبدأالصدر معركته الاولى مع المالكي من خلال انتقاداته لأداء الحكومة وعبر وزرائه ومنخلال نوابه في البرلمان لإضعاف موقف رئيس الحكومة من دون الانتصار عليه"، مشيرا إلىأن "الأشهر المقبلة سوف تشهد توترات بارزة بين قيادات الأحزاب الشيعية، وأن أهاليالنجف يتوجسون من هدوء التيار الصدري الذي يسبق العاصفة".
لكن مصادر مقربةمن الصدر، قالت لوكالة (اور) إن "العراق غير لبنان، وما يطبق هناك لا يمكن تطبيقههنا، لاسيما ان السيد مقتدى الصدر يشدد على الابتعاد عن السلاح، ويطالب بحل أيةقضية سياسيا"، مشيرا إلى أن زعيم التيار الصدري "ينتظر من الحكومة أن توفر الخدماتللشعب العراقي وإخراج قوات الاحتلال الأميركي، على الرغم من أنه قال عنها بأنهاحكومة ضعيفة لكنه سيدعمها ويمنحها الفرصة، وإذا لم تتحقق مطالبه، التي هي من أجلالعراقيين، فإن لكل حادث حديثا".
وكشفت المصادر المقربة من زعيم التيارالصدري عن أن "هناك خارطة طريق لم تتضح بعد، وستتجلى الأمور بعد زيارة الأربعينية،حيث ستكون هناك اجتماعات واسعة".