يقول ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي:-
(فإنها مبدأ الشر أو الخير، ومن الخواطر تتولد العزائم، من راعى خطارته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهراً إلى الهلكات، ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى – أي أمانٍ، جمع أمنية – وأخس الناس همة وأوضعهم نفساً من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة وتحلى بها وهي لعمر الله رؤوس أموال المفلسين ومتاجر الفارغين، وهي قوت النفس الفارغة ... وهي أضر شئ على الإنسان ويتولد منها العجز والكسل ...
وهي بذور الشيطان فإذا تمكن من بذرها سقاها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها حتى تكون عزائم ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال ..
وهذا ما يحدث للنفس الفارغة يقضي صاحبها وقته في التخيل والتوهم وأحلام اليقظة، فتبدأ شهوته بالإثارة فتجمع معها الإرادة ثم العزيمة ثم يعزم على قضاء هذه الشهوة بما لا يرضي ربه عنه .... فأول الشر هي تلك الخطرات، ومن هنا لزم على المسلم أن يقطعها ويصرفها عن ذهنه في بدايتها قبل أن تستفحل)
وكما يقول الشافعي:(نفسك إن لم شغلها بالحق شغلتك بالباطل).
فلذلك من الأولى أن يوجه المسلم خواطره للأمور النافعة التي يستجلب بها مصالح دنياه وآخرته ومنها:-
1- الفكر في آيات الله المنزلة وتفهمها ولذلك انزلها الله .
2- الفكر في آياته المشهودة في الكون .
3- الفكر في آلاء الله وإحسانه ونعمه الكثيرة على جميع مخلوقاته، وهذه الثلاثة تثمر في القلب معرفة الله ومحبته وخوفه ورجاءه.
4- الفكر في عيوب الناس وآفاتها وطريق إصلاحها .
5- الفكر فيما بينه وبين ربه من طاعات وآداب .
6- الفكر في الوقت وكيفية الانتفاع به.
7- الفكر في تصريف أموره الدنيوية فيما لابد منه من معاشه وكسبه وأهله.
8- الفكر في أحوال الاسلام والمسلمين .
9- الفكر في معاملته مع اقربائه وجيرانه واخوانه المسلمين في واجبه وحقوقهم .
وحتى يكون للأمر واقعه العملي ووسائله النافعة، نوجه هذه الاشارات الوقائية التي يمكن للمسلم أن يحمي بها وقته دون هجوم الخواطر على ذهنه، وعند بداية التخيلات والهواجس، وهذه الاشارات هي:-
1- من الأفضل وضع بعض كتب السيرة أو القصص الاسلامية عند الفراش مثل: (صور من حياة الصحابة) ، (تهذيب سيرة ابن هشام) ، (غزوات باشميل) ، ( شهداء الإسلام) ، (صور من حياة التابعين) .
وذلك لكي لا يخلو المسلم بنفسه مع خواطره ولكن يجد ما يشغل خواطره به من الأمور التي تنفع ولا تضر، وتهدي ولا تضل، فيتعود المسلم على ذلك .
2- النوم على طهارة وصلاة الوتر قبل النوم وترديد الأذكار والأدعية الواردة عند النوم من الامور التي تكسب الطمانينة والسكينة على قلب المسلم، وذلك بأن تكون آخر لحظاته هي ذكر الله .
3- ليتذكر المسلم أن النوم بمثابة الموت لأن فيه خروج الروح والله يمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى، ويتذكر أنه عند نومه يتنافس عليه ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختم بشر .
فإذا بات المسلم ذاكراً الله متذكراً نعمة الحياة خائفاً من سوء الخاتمة، مطيعاً لمَلَك عاصياً للشيطان، نال بذلك طمأنينة النفس وأمن نوازعها .
4- القيام بجهد بدني والتحول عن الفراش مهم جدا عندما تشتد على نفسه الخواطر الشهوانية فينهض فيغير مكانه أولى من التقلب والتلوي على الفراش.
5- يحرص المسلم على أن يعلق بعض الملصقات التذكيرية الوعظية في داره يقرأها دائماً، تذكّرة بالله، وتحذّره من الشيطان، وتوقظ الإيمان في قلبه . من ذلك قوله تعال: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201)
وقوله صلى الله عليه وسلم:- (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) .
وقول بعض العارفين:- (اتق الله أن يراك حيث نهاك)
6- قضاء وقت الفراغ وما قبل النوم بسماع الأشرطة الاسلامية.
7- الانشغال بالهواية المحببة للنفس، وشيء طيب أن يوجد المسلم لنفسه هواية يسعد بمزاولتها وينفع بها نفسه ودينه ويزاولها وقت فراغه .