رمضان في الصين
في الوقت الذي يحتشد فيه المسلمون في شتى أنحاء العالم لتعقب مشاهدة هلال رمضان، فإننا نجد معظم مسلمي الصين يستغنون عن هذا العناء بسبب التحديد المسبق لبداية شهر رمضان من قبل الجمعية الإسلامية الصينية، وهذا التحديد يشكل قرارًا ملزمًا، على أئمة المساجد اتباعه، فشعبان ثلاثون يومًا ورمضان أيضا ثلاثون يومًا كل عام.
ولا يقتصر هذا التحديد المبكر على موعد رمضان فحسب، بل يشمل كل المناسبات الدينية أيضا بما أن المسلمين لا يشكلون أي نسبه تذكر في المجتمع الصيني حوالي عشرين مليون مسلم فقط، حسب الإحصائيات الرسمية مقارنة بالتعداد السكاني الهائل المكون لدولة الصين مليار وثلاثمائة وخمسون مليون نسمة، لذا فإن قدوم شهر رمضان لا يجلب ولا يزيد شيئا من الخصوصية لنمط حياه المسلمين الصينيين، عدا الأماكن ذات الكثافة العالية التي يتجمع فيها المسلمون، والتي استطاع المسلمون فيها الحفاظ على خصوصيتهم والحفاظ عليها من الذوبان.
لذا فإن رمضان في المجتمع الإسلامي الصيني يختلف من منطقة إلى أخرى. فصوم رمضان في المناطق ذات التجمع الانفرادي للمسلمين أو يشكلون أغلبية سكانية، يكون إلزاميًا منذ مراحل العمر المبكرة، فيلزمون الإناث بأداء الصيام في التاسعة من العمر، ويلزمون الذكور في سن الثانية عشرة، ومن خرج عن هذه القاعدة دون عذر واضح قوبل بالطرد والنفي من المجتمع. فرمضان في هذه الأماكن مثله مثل باقي البلدان الإسلامية حيث يستعد المسلمون لرمضان بأحسن ما يملكون، فيكون الاستعداد اقتصاديا بجمع الأموال لشراء مستلزمات العادات المتبعة في رمضان، واجتماعيًا حيث يُجمع شمل الأسرة في رمضان. يشكل الجو الرمضاني هناك لوحه إيمانية رائعة حيث لا تكاد تصدق أن من لا يعرفون من العربية سوى ''لا إله إلا الله محمد رسول الله'' ينبع منهم ذلك الجو الإيماني الرائع.
امتلاء المساجد بالموائد الرمضانية الغنية بشتى أنواع المأكولات، وكل مسلم يأتي إلى المسجد وقد أحضر من بيته ما يستطيع حمله من المأكولات والمشروبات حتى يشارك إخوانه وحتى يستمتع بتناول الإفطار بين إخوانه المسلمين، ومن ثم يصرف المسلمون جلّ ليلهم في التراويح والتهجد والتقرب إلى الله، وكذا دروس توعية دينية يقوم بها الأئمة في المساجد.
أما رمضان في المناطق التي لا تكون قليلة الكثافة من المسلمين، إلا أنهم يشكلون أعدادًا لا بأس بها قد تصل إلى عشرات الآلاف، وهناك يكون الجو الرمضاني أقل حيوية من النوع الأول. وما يلفت النظر عن رمضان بشكل عام لدى مسلمي الصين هو أنه يعتبر شهرا للتعبد والتقرب إلى الله، وقضاء معظم الوقت في المساجد *منقول*