صُـورَةُ الحَجاري في عُمرهِ (13)
سَنة التي مَضى عَليها (43) عاماً
نُشِرَت هذهِ القِصَة وَفِيها مَغزى فِي 25/7/2011
السُؤالُ يُطرَح بَكثِيـرٍ مِنْ أهالِي الرُمَيثَة الأشْراف وَهُم يَسْألُونَ الشَيخُ
ألحَجاري عَن مُشكِلتِهِ مَعَ الذِينَ يَعِبُونَهُ مِنْ مُنافِقِينَ أهْل الرُمَيثَة,,
قالُوا شَيْخنا إذا كانَ أمْرُ المُنافِقينَ مَعكَ وَهُم على مِرُورِ ثَمانَيَةِ سِنِينٍ
يُريدُونَ إسْـقاط سُمعَتِكَ التِي تـَمَيَّزَت أمام الناس الطـَيبينَ مِـنْ دُونِهِـم
كَوْنِكَ مُفَسِراً لِلقُرآن فَلِمّا لا تُهاجِر مِنْ مَدينَتِكَ إلى مَدينَةِ أخْرى سَواءٌ
كانَت في العِـراقِ أوْ خارجه كَمّا هاجَـرَ مِنْ قَـَبْلِكَ عَـبد الحَمِيد وَسُـمِيَّ
بالشَيخِ المُهاجِر وَمَضى عَليهِ أكْثرُ مِمّا أنتَ فِيهِ فِي إبعادِهِ عَنهُم؟؟
فأجابَ الشَيخُ الحَجاري: لاّ فَكَيفَ لِي أهاجِرَ عَن مَدينَتِي الرُمَيثَة وَِهِيَ
مَدِينـَةُ أهْلِـي وَأسْلافِي وَهُـم أقـْدَمُ الناسَ فِـيها: فأنـا لا أريـدُ التناقِض
بِخِرُوجِي مِنها كَوْني قَـَد كَنيْتُ اسْمِي بإسْمِها وَحَمَلْتـُها بَـينَ جَوانِحِي
لِلعالَمِين اسْـماً بإسْـم (الشَيخُ الحَجاري الرُمَيثِي) لِـتَبْقى عَلَماً وَرمْـزاً
لأهلِي وَناسِي الطََيِّبينَ الأشْراف,,
قالُوا هذا لَيسَ بعُذرٍ ياشَيْخَنا فَكَيفَ لَكَ أنْ تَعِيشَ حُراً بَينَهُم بهذا الحال
بَعدَما ظَلَمُوكَ وَأسْقَطُوا مِنْ مَحَطِ سُمعَتِكَ أمام الدَنِيء والوَضِيع وَالتَقِي
قالَ الشَيخُ الحَجاري وُهُوَ يُردِد شِعرِ الإمامِ عَليِّ عَليهِ السَلام, والمَعنى
فِيه لِيُبَرر مَوقِف قَضِيَتَهُ مَعَ مُنافِقي أهْـل الرُميثَة كَما بَـرَّرَ الإمامُ عَليِّ
مَوقِف قَضِيَتَهُ مَعَ مُنافِقِي قـُرَيْشٍ وَقالَ سَلامُ اللهِ عَليه,,
إنِي إلى الأنـذالِ لـَسْتُ براغِـبٍ ...... وَلاّ يَهْـوى لِصُحبَتِهِم قَلْـبِي
وَلكِنَنِي أصْطادُ رِزقِي بأرضِهِم ...... فَلابُدَ لِلصَيادِ بِصُحبَةِ الكَلْبِ
(أقصِدُ: إياكِ أعنِي وَاسْمَعِي يا جارَة: وَحاشا اللـَّهُ بالنَيْلِ مِنْ شُرَفائِها
فإنَهُم التاجُ عَلى الرأس)
فَهَلْ نَظَرَ المُنافِقُونَ إلى ماضِيهِم ما كانُوا فِيه وَمّا هُم عَليه بحاضِرِهِم
وَقايَسُوهُما مَعَ ماضِي الحَجاري وَحاضِره الذِي كانَ شُجاع القَلْبِ فِي
عنفـوانِ شَبابـهِ بهـذِهِ الصُورَة التِي تـُذكِرُهُم فِيمّا مَضى عَليْها (43)
عاماً وَهُوَ فِي عُمْرِهِ (13) سَنَة يَمتَلِك تِكَ المَوهِبَةِ مِنْ صِغرِهِ,,
فالشِجاعَةُ لا تُقاس بذاتِ الأجْسامِ وَقوَتِها وَلاّ بوافِرِ المالِ, وَلاّ بالكَريم
أوْ بِصاحِبِ الجُودِ, أو الرياسَةِ والسِيادَةِ وَالجاهِ, وإنَّما تُقاس الشَجاعَة
بشَجاعَةِ القَلبِ الذِي هُوَ لا يَضْمَحِلُ بِشَيءٍ فإذا كانَ الحَجاري فِي أوَلِهِ
هكَذا هُـوَ: فَكَيفَ لا يَكُون فِي آخِـرهِ مُفـَسِراً لِلقـُرآن, فهـذِهِ هِيَّ عاقِِـبَةُ
المُتَقِينَ في أوَلِها بِدايَةِ خَيْرٍ, وَآخِرُها نَهايَةَ آجْرٍ وَشَرَفٍِ وَمَقامٍ,,
صَفحَةُ أعمال ألحَجاري طَويلَة فَحُصِرَت
لَكُم بهذهِ الأبيات الشِعريَة
أنا لَسْتُ بشاعِرٍ يا وَطَنِي بَـلْ ...... حُبِكَ جَعَلَنِي مِنْ فحُولِ الشُعراءِ
عَلَمٌ وَدِسْتور دَولَةٍ لاّ أعـرفُ ...... بَـلْ فـَذاً أنـا وَبأحـسَنِ الأغـْنياءِ
رَصِـيدِي شَـرَفِي وَمـذ كُنـْـتُ ...... صَغِيراً صَفحَتِي ناصِعَةً بَيْضاءِ
أيْـنَ مِنِي النَفس يَـومَ تـَرُنَها ...... هَلْ أعلَنَت زُهْدَها بِغـيْرِ اقـْتِفاءِ
بُـدِئَت بالقـُرآنِ وَهِـيَّ فاعِلَـةٌ ...... وَاسْتَقامَت بالعَدلِ بخَيرِ سَمائِي
نَفسِي بِمَنبَعِ التَصدِيقِ باقِـيَةً ...... يـَقتَفِيـها الحَـذرُ بِغـَـيْرِ أخـْـطاءِ
نَفحاتُ الهِدايَةِ تَذكُو مِنْ فَمِي ...... عَـبَقاً كَأنـَها شَــمائِلُ الأوْلــِـياءِ
عَبَسَتْ وجُوهُ المَدِينَةِ نَحوِّي ...... وَإذا بهَمْسٍ ألـَسْتُ مِنَ الغُرَباءِ
فَقـِيرُ الوَطَـنِ يَشْكُـو غـُربَــةً ...... وَغنِيُ الغُربَـةِ أعَــزُ الأصْـدقاءِ
مّاذا أقُول فِي القَصِيدِ وَمُهجَتِي...... تَحَطَمَت بـَقايَاها مِـنَ البُـذَهـاءِ
فَمّا قلْتُ حَـقاً أنكَرُهُ بِمُنكَرهِم ...... فَعُــذراً لَكَ يا خِــيرَةَ الأنـْـبياءِ
حُطَت عَليَّ مِنْ أهْلِها مَصائِبٌ ...... وَلـَمْ يَكدَرُ مِنِي مَعِينُ الصَـفاءِ
كـانَ لَـنا فِي المَهْجَـرِ أخـْـوَةٌ ...... ذُو شَجاعَــةٍ وَبـَأسٍ وَمَــضاءِ
كانَ فِرعَوْنَهُم بالأمْسِ سَـيْفاً ...... فـَشَتَتَهُـم فِـي القِفـارِ وَالبَيْـداءِ
وَلَمّا سَقَطَ هُبَل فَرِحُوا وَنَصَبُوا الظالِمَ عَلى المَظلـُومِ أوَلَ السُفَهاءِ
دَبَّ عَليْنا كَمّا دَبَّ العَدُوّ سالِباً ...... ما بَـيْنَ شَـيْخٍ وَعِمَـةٍ سَـوْداءِ
وَأعادُوا تارِيخ الخِيانَةِ نَفـسَهُ ...... بِلِسانِ كِـذبٍ وَبكَبائِـرِ الأخْطاءِ
مُدَّت الأيادِي لِتُنهِل مِن فـَيْضِ ...... جِهادِها فَرُدَّت مَقطُوعَةً جَّـذاءِ
قالُوا إليكُم عَنا يا جَهْلَةَّ الدِين ...... نَحنُ الذَهَب المُصَفى فِي الغَلاءِ
كُنتُم فِي الغُربَةِ عَمياءَ القِلُوب ...... فَلَسْتـُم بـِسَنا مَـدارِكُ الحُكَـماءِ
قـُلْنا ما مَنَعَنا مَعَكُم مِـنْ سَـفَر ...... إلاّ ضِـيقَ يَــدٍ وَعِـيالٍ وَنِــساءِ
فَتَرْفَعُ عَنكُم بـِما لَدَينا حِكايَـةً ...... فَعِلْمُنا وَعِلْمَكُم لاّعَلى حَدٍ سَواءِ
تـُخَرفـُونَ لِساعَــةٍ أوْ نَــهارٍ ...... وَنَحنُ الدائِبينَ فِي نَصْبٍ وَعَـناءِ
جِئتِمُونا بحُريَـةٍ وَدِيمُقراطِيَةٍ ...... وَوعُودٌ لـَنا فِـيها نِـعَمةً وَرَخـاءِ
لاّ حريَةً بَعدَ القَتلِ تَأتِنا لِثَوْرَةٍ فَجَرَها الشُجْعان وَاغتَصَبَها الجُـبَناءِ