مشروع وقاية الشباب
من
الأمراض المنقولة جنسياً


الدكتورعبد الحميد قضاة


منتديات الفرات


المقـدمــة :
يمكن تعريف الأمراض المنقولة جنسيا بأنها مجموعة من الأمراض المعدية، تسببها ميكروبات مختلفة، تنتقل من إنسان لآخر، بواسطة الإتصالاتالجنسية، وخاصة الزنا والشذوذ وما يؤدي إليهما.

من هم الأكثر تعرضاً ؟
تُشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية، والإحصائيات الصادرة عن المراكز العالمية المتقدمة والمتخصصة بهذا النوع من الأمراض، إلى أن أكثر الفئات تعرضـــا للإصـابـة، هم الشباب. كيف لا ؟! وهم الفئة الأكثر اندفاعا نحو الجنس، والأقـل خبرة ومقاومة للغواية. وقـد أشـــارت الدراسـات إلى أن حوالي 10 % من طلاب وطالبات المدارس الثانوية في أمــريكــا، يُصــابـون سنويا بواحد على الأقل من الأمراض المنقولة جنسيا، وهذه النسبة في تزايد مطرد مع انتشار الانحلال والإباحية وعولمة الرذيلة. بدأ ظهور هذه الامراض في بلدان العالم الإسلامي على شكل حالات فرديــة، انتقلت من خلال الذين كانوا يزورون أوروبا، ولم يتـورعــوا عــن ممارســـة الجنس الحرام، ليعودوا بعد ذلك إلى بلادهم بفساد الأخلاق والأجساد، ثم بدأت تتزايد بشكل متفاوت? من بلد لآخر ? تبعا لانتشار سلوكيات معينه، حيث أثبتت جميع الدراسات الإحصائية في شتى بقاع العالم، أن الغالبية العظى من المصابين بهذه الأمـراض، هــم مـن الزناه والشـاذيـن جنسيـا ومن مدمني المخدرات.

الانـحـلال ودوره.
مـــــع التطـــــــور الهائل الذي حققته البشرية في مجال الاتصالات والمواصلات التي جعلت مــن العـالـم قــريـة صغيـرة، ومع طفرة الثـورة المعلوماتية التي جعلت بمقدور أيِّ شخـــص في العــالـم الحصـول عـلى المعلومة التي يشاء، ومع انتشار الفضائيات التي أدخلت كل ثقافات العالم المختلفة بغثها وسمينها إلى كــل بيـت، كل ذلك شكل غـــزوا إقتحم علينا ثقافتنا وعاداتنا، ودمر كثيراً من قيمنا، شيبا وشبابا، ذكورا وإناثا، جاهلنا ومتعلمنا، بل كل طبقات المجتمع على حد سواء، فأدخلت بذلك الفساد والانحلال إلى عقول الكثيرين من أفـراد هــذه المجتمعــات.




كل هذا التطور والتقارب، وتداخل الحدود وزوال الفواصل بيــن الشعـوب، أصــاب الكثرين من شباب أمتنا المحافظة بداء الانحلال الخلقي، الذي هــــو المقدمــة الأولــــى والرئيسة للأمراض المنقولة جنسيا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: " ما ظهرت الفاحشة (الزنا) في قوم قط، يُعمل بها فيهم علانية، إلاّ ظهر فيهم الطاعون (الوباء) والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ...." رواه الحاكم.

مـخـطـطــات:
اقترن مصطلح الأمـراض المنقولة جنسيـا وانتشارها، بغياب الفضيلة، وانحدار القيم العليا، وسيادة الإباحية، بحيث أصبح يتبادر إلى الذهن حال سماع هذا المصطلح، وجود هذه المترادفات. ومعلوم أن هذا الانحدار والانتشار لا يتم تلقائيا ومن خلال ذاته، وإنما وراء كل ذلك أيد خفية، تسعى لتحطيم قيم البشرية، ليسهل لها القيادة والسيطرة، فها هو فرويد يقول :" إن الإنسان لا يحقق ذاته بغير الإشبـاع الجنسي.... وكل قيد من دين او اخلاق او تقاليد هو قيد باطل وهو كبت غير مشروع.".

ولمثل هذا تعمل الحركة الصهيونية، حيث تقول بروتوكــولاتها : " يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كـل مكـــان، فتسهــل سيطرتنـــا... إن فرويد منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية فــي ضـوء الشمـس،كـــي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقـدس،ويـصـبـح هـمـه الأكـبــر هـــو إرضـــاء غـرائـزه الجنسية،وعندئذ تنهار أخـلاقـه.. ".

وبالفعل نجح هذا المخطط، فانهارت الأخلاق، وأثمرت جنـوناً جنسـيـاً مـحـمـومـــاً، وثورة شهوانية عارمة، تؤججها المواقع الإباحية على الإنترنت، والمجلات الهابطة، و الأفلام الداعرة، كل ذلك بدعوى الحرية الشخصية .

حـقـــائــق:
فسد الكثير من الشباب، وتلاشت بنظرهم قيمة الفضيلة، وتحرروا من كـل عرف وتقليد، حتى أصبح اللواط والسحاق، والممــارســات الجـمـاعيــة للجنس، ونوادي الشذوذ والعراة، وعلب الليل والأفلام الجنسية، والصور الخليعة، و... و ...إلخ. كل هذا بات السمة المميزة للمجتمعات الغربية، ومن سار على نهجها، والنتيجة.... مشكلات كثيرة تحل بالإنسان، ينوء بحملها، ويئن من وطئتها، بما كسبت يداه، وهو يلج القرن الجــديــد.

ومــن هــذه المشاكل، ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، من أنها تواجه مشكلة صحية عالمية، يتفاقم خطرها يوماً بعد يوم، تتمثل في الأمراض المنقولة جنسيا، التي قفزت إلى رأس قائمة الأمراض المعدية، وإننا نرى أن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في العالم، قد صوبوا سهامهم المسمومة إلى نحور مجتمعاتنا الإسلامية، لتصير الى ما صار اليه غيرها . وصدق من قال " ان الجنس والانحلال هي عناصر الحرب القادمه "


نـتـائـج مـرعـبـة:
ورغم هذا التقدم الطبي العظيم، الذي يشهده العالم، إلا أن هذه الأمراض ما زالت بازدياد، مـن حيـث النــوع، وأعداد المصابين، حيث يُصاب في كـل عـام، حسـب تقارير منظمـة الصـحـة العالميـة 750 مليون إنسان بالأمراض المنقولة جنسيا، ورغم تـوفرالـدواء لبعضـهـا، وعدم وجوده لبعضهـــا الآخـر، إلا أن الإصـابـات بتصـاعـد مستمـر، وخاصة آخرها ظهوراً وهـو الإيـدز، الـذي لـم يزد عمره المعروف عن عقدين ونصف من الزمن. هـذا المـرض الـذي يفتـك بجسم المصاب شيئاً فشيئاً، حتى تضيق عليه الدنيا بمــــا رحبـت، بـل تضيق عليه نفسه التي بين جنبيه، ويتمنى الانتحار، حتــى يفر مما هو فيه، وقد قالها أحدهم : "إننا نموت ألف مرة من الأذى النفسي، قبل أن توارى أجسادنا التراب".

والنتيجة .... شكوى من كل جانب، وتلف في كــــــل جهاز، وهزال رهيب، وجسم متهتك، ونفسية منهارة، وجراثيم بالمليــــارات تسرح وتمرح، وتعيث فساداً وهدماً في جسم المريض دون اعتـــراض أو مقاومة من قوات جهاز المناعة التي إنهارت، وبالتالي هلاك محقق لا محالة .

هذه هي النهاية الحتمية، لكل من يتجاوز حدود الفطــــــرة البشرية، في تصريف الشهوة الجنسية إلى الشذوذ والزنا، وهذه نهايـة طبيعية لمن يستعجلُ الأمر قبل أوانه، وفي غير مكانه، نهاية خاسرة فلا متاع في الدنيا، ولا أمل في الآخرة !!.


فمــن لشـبــابنا....؟!
هذه الهجمة الشرسة المدمرة، تفتك بالبشرية، وتنخر عظامها، وتهدد مستقبلها...، ونحن نرى أنها تسير نحونا بخطىً بطيئة، لكنها مبرمجة ومدروسة، تعي هدفها وتعرف طريقها إليه، وهي رغم خطورتها البالغة، إلاّ أنّ الكثير من شبابنا يقفون حيالها لاهين غافلين، بعد أن استحال ليلهم إلى نهار، وانبهرت عقولهم بكل ما في الغرب... وفسدت أخلاقهم، وبهتت قيمهم .... فأصبحوا شبابا ضائعا بين مكر الأعداء، ولامبالاة الأولياء.

لذا كان لابد من قلوب خيِّرة عطوفةٍ مشفقةٍ على نفسها وعلـى أمتها، تعزم عزمة قوية ... واعية... ذكية، تتصدى لهذه الحرب الضروس، بقوة وحزم، من مواقعها المختلفة، رسمية او شعبية او فردية، هدفها التقرب إلى الله بتربية وتوجيه شباب الأمة لما ينفع البلاد والعباد.

الحروب العادية لها ضجيج مفزع، ينبه الغافل ويوقظ النائم، فتتسابق الفضائيات في عرضها، وسرعان ما يتدخل العالم لإيقافها، وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل اندلاعها... أما هذه الهجمة الشرسة، فخافية هادئة، لا ضجيج لها، تأكل من الأمة زهرة شبابها، وتفتك في جسدها ببطء وهدوء، بحيث لا يلتفت إليها إلاّ القليل من الناس... فمن لهذا الشباب الغضُّ؟، ولهؤلاء المساكين الغافلين؟ غير القلوب الكبيرة التي فُطرت على الرحمة، وغير النفوس العالية التي جُبلت على العزم، والتي لسان حالها يردد دائما في كل موطن خير وتحدٍ:


إن لم تقم بالعبء أنت فمـن يـقــوم بــــه إذن؟