بسم الله الرحمن الرحيم
" من فوائد المرض "
1 _ أنه تهذيب للنفس ، وتصفية لها من الشر الذي فيها فإذا أصيب العبد فلا يقل من أين هذا ، ولا من أين
أتيت ؟ فما أصيب إلا بذنب ، وفي هذا تبشير وتحذير إذا علمنا أن مصائب الدنيا عقوبات لذنوبنا عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن النبي " صلى الله عليه وسلم " قال : "ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم
ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " وقال " صلى الله عليه وسلم "
<< ولا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة >>
فإذا كان للعبد ذنوب ولم يكن له ما يكفرها أبتلاه الله بالحزن أو المرض وفي هذا بشارة فإن مرارة ساعة
وهي الدنيا أفضل من إحتمال مرارة الأبد ، ويقول بعض السلف لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس
2 _" ومن فوائد المرض "
أن ما يعقبه من اللذة والمسرة في الآخرة أضعاف ما يحصل له من المرض ، فإن مرارة الدنيا حلاوة
الآخرة والعكس بالعكس ولهذا قال " صلى الله عليه وسلم " : << الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر >>،
واذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة فحمد الله بني له بيت الحمد في جنة الخلد , فوق ما ينتظره من الثواب
وعن جابر " يود أناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب
أهل البلاء "
3 _ " ومن فوائد المرض "
قرب الله من المريض ، وهذا قرب خاص يقول الله : " إبن آدم ، عبدي فلان مرض فلم تعده ، أما لو عدته
لوجدتني عنده "
4 _ " ومن فوائد المرض "
أنه يعرف به صبر العبد فكما قيل لولا الإمتحان لما ظهر فضل الصبر ، فإذا وجد الصبر وجد معه كل خير ،
وإذا فات فقد معه كل خير ، فيمتحن الله صبر العبد وإيمانه به، فإما أن يخرج ذهباً أو خبثاً ،
والمقصود أن حظه من المرض ما يحدث من الخير و الشر ، فعن أنس " إن عظم الجزاء من عظم البلاء ،
وإن الله إذا أحب قوماً أبتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ، فإذا أحب الله عبداً أكثر
غمه ، وإذا أ بغض عبداً وسع عليه دنياه وخصوصاً إذا ضيع دينه ، فإذا صبر العبد إيماناً وثباتاً كتب في ديوان
الصابرين ، وإن أحدث له الرضا كتب له في ديوان الراضين ، وإن أحدث له الحمد والشكر كتب في ديوان
الشاكرين ، فإذا أنعم الله على الإنسان بالصبر والشكر كان جميع ما يقضي الله له من القضاء خيراً له ،
" فالمؤمن لابد وأن يرضى بقضاء الله وقدره في المصائب ، اللهم أجعلنا ممن إذا أعطي شكر ، وإذا أذنب
أستغفر ، وإذا أبتلي صبر ، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال ، وكل واحدة من السراء
والضراء في حقه تفضي إلى قبيح المآل ، إن أعطاه طغى وإن أبتلاه جزع وسخط .
5 _ " ومن فوائد المرض وتمام نعمة الله على عبده "
أن ينزل به من الضر والشدائد ما يلجنه إلى المخاوف حتى يلجنه إلى التوحيد . ويتعلق قلبه بربه فيدعوه
مخلصاً له الدين ، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء ومستخرج الشكر بالعطاء
" وتأمل عظيم بلاء أيوب فقد جميع ماله كله وأهله ومرض جسده كله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه ، ومع
عظيم هذا البلاء إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله ، ويمسي ويصبح وهو راض عن الله لأنه يعلم
أن الأمور كلها بيد الله ، فلم يشتكي ألمه وسقمه لأحد ، ثم نادى ربه بكلمات صادقه فكشف الله ضره
وأثنى عليه .
6 _ " ومن فوائد المرض ظهور أنواع التعبد " فإن لله على القلوب أنواعاً من العبودية ، كالخشية وتوابعها
فكم من بلية كانت سبباً لإستقامة العبد وفراره إلى الله وبعده عن الغي ، وكم من عبد لم يتوجه إلى الله
إلا لما فقد صحته ، فبدأ بعد ذلك يسأل عن دينه وبدأ يصلي فكان هذا المرض في حقه نعمه .
7 _ " ومن فوائد المرض أن الله يخرج به من العبد الكبر والفخر والعجب فلو دامت للعبد جميع أحواله
لتجاوز وطغى ونسي المبدأ والمنتهى ولكن الله سلط عليه الأمراض والأسقام والآفات وخروج الأذى منه
والريح والبلغم فيجوع كرهاً ويمرض كرهاً ويموت كرهاً ، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ،
ولا نشوراً .
8 _ " ومن فوائد المرض إنتظار المريض الفرج وأفضل العبادات إنتظار الفرج "
الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب
وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين
منقول