هل يحتاج الأمر إلى كثير إثبات كي أؤكد لك أن جميع الناجحين في هذه الحياة قد تحملوا مسؤولية حياتهم كاملة ،
ولم يقفوا لثانية واحدة كي يلوموا شخصا ما على الأشياءالسيئة التي علمهم اياها ، أو الأبواب الرحبة التي أغلقها دونهم ، أو العقبات المميتة التي ألقاها في طريقهم ..!؟
ما أسهل أن نقف لنشكوا جرم الآخرين في حقنا ،
ما أبسط أن ندلل على عظيم ما جنت يد آبائنا ، وكيف أنهم لم يعلمونا مبادئ النجاح والطموح فضلا عن ممارساتهم التربوية الخاطئة في حقنا .
وما أيسر أن نلقي بجميع مشاكلنا وهمومنا على هذا أو ذاك .
متخففين من مسؤولية مواجهة الحياة وتحمل أعبائها .
لقد علمتني التجارب أن الحياة بحر مضطرب الأمواج ،
وكل واحد منا ربان على سفينة حياته ،
يوجهها ذات اليمين وذات الشمال ، وأمر وصوله إلى بر الأمان مرهون بمهاراته وقدراته بعد توفيق الله وفضله .
لكن معظمنا ـ للأسفـ لديه شماعة من التبريرات الجاهزة ، فما أن يصاب بكبوة أو مشكلة ، إلا ويعلقها على هذه الشماعة ويتنصل من مسؤولية تحمل نتيجة أفعاله
تربيتنا السيئة، مجتمعنا السلبي، التعليم الفاشل،الظروف الصعبة، تفشي الفساد .
هذه بعض الشماعات التي كثيرا مانستخدمها وبشكل شبه دائمودعني أصارحك بأنك إذا ما أحببت أن تقبل تحدي الحياة ، وتكون ندا لها أن تتخلى وفورا عن كل التبريرات التي تعلق عليها مشاكلك وإخفاقاتك ،
وتقرر أن تتحمل نتيجة حياتك بكل ثقة وشجاعة .
هل سمعت عن معادلة النتائج الحياتية ؟ ، إنها تخبرك أن نتائج حياتك هي حاصل جمع ما يحدث لك مضافا عليه استجابتك لما يحدث ، أو هي بمعنى آخر :
موقف + رد فعل = نتيجة
نجاحات الناجحين قد جرت في حدود هذه المعادلة ، وفشل الفاشلين جرى وفق هذه المعادلة كذلك ..!
إنهم جميعا تعرضوا لمواقف أو أحداث ما ، ثم تصرف كل منهم وفق مايرى ويؤمن ، فافرز هذا السلوك أو ( رد الفعل ) النتيجة التي نشاهدها اليوم .
فالشخص الفاشل أو السلبي توقف عند (الموقف) ثم أخذ في الشكوى والتبرير ، فالمدير لا يفهم ، والوضع الاقتصادي متدهور ،
كما أن التعليم لم يؤهلنا بالشكل المناسب ،وفوق هذا تربيتي متواضعة ، وبيئتي سيئة ، وهكذا .
هذا بالرغم من أن هناك ناجحين كثر انطلقوا من نفس هذه الظروف ، ومن بين ثنايا هذه البيئة ، وربما كان حالهم اشد وأقسى ممن يشتكي ويولول .
لكننا لو نظرنا للشخص الناجح الايجابي ،لوجدناه يعطي تركيزا أكبر واهم لمساحة الاستجابة لرد الفعل .
فهويرى أن ما حدث قد حدث ولا يمكن تغييره ، يقول لك حال المشكلات :دعنا الآن ننظر فيما يجب علينا فعله ،
وكيف يمكننا استثمار هذا الحدث ـ مهما كان ـ فيتحقيق أعلى نتيجة أو أقل خسائر ممكنة .
قد يحتاج الأمر إلى أن يستشيرشخص ما ، او يغير من تفكيره ، وقد يستلزم الموقف أن يراجع بعض سلوكياته ، أو يعدل في رؤيته .
إنه يمتلك مرونة كبيرة، وعزيمة ماضية، وذهن مبرمج على إيجاد الحلول، بل وصناعتها .
سأكون صريح معك واقول أننا نستسهل الركون إلى الدائرة الأولى
(الموقف) لأنها اسهل من الناحية النظرية،
فليس هناك أيسر من الشكوى ، ليس هناك أبسط من أن نسلط شعاع النقدعلى الخارج، وندعي بأن الداخل كله خير ،
ومشاكلنا فقط تأتينا من الآخرين السيئين القاسيين ،
وللإسف فإن معظم البشر مبدعون في اختراع المبررات التي تبرئ ساحتهم من التقصير أو الفشل .
رسولنا عليه الصلاةوالسلام يعلمنا أن إذا حدث ما لا نريده أن ننطلق إلى الأمام بإيجابية ونتخلى عن عادة التحسر والتبرير
فيقول عليه الصلاة والسلام : لاتقل : لو أنِّي فعلتُ كذا لكان كذا، ولكن قُل: قدَّر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان.
أختم معك هذه الفقرة بالتأكيد على أن النجاح ليس مرهونا بتحسن وضع ما ، وأن الفشل لم تكتبه عليك إرادة عليا ، يقول الفيلسوف والشاعرالهندي (محمد إقبال)
المؤمن{ الضعيف } هو الذي يحتجُّ بقضاء الله وقدره، أما المؤمن{ القوي } فهو يعتقد أنه قضاء الله الذي لا يُرد، وقدره الذي لايُدفع .
ولقد سئل أحد قُوَّاد الفُرس أحد المسلمين يوما في سخرية: من أنتم؟
فقال له واثقا: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لهبطتم إلينا أو لصعدنا إليكم. نحن قدر الله .
وسؤالى .. لماذالا تكون أنت قدر الله الذى لا يرد .. وقضائه النافذ ..؟
لماذا ..؟
منقول