أحب أن أرى رأيكم في هذا المقال::::
ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا
شفيق محمد المغاسلة * - 13 / 8 / 2007م - 10:52 م
قال تعالى في محكم كتابه الكريم:
﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئده لعلكم تشكرون ﴾ النحل (آية:78)
من المعلوم أن الحواس الخمسة هي السمع والبصر والذوق والشم واللمس، بل وأضيفت حاسة سادسة لهذه الحواس. الأية الكريمة تدل على جعل إلهي لحاستين مهمتين من تلك الحواس، السمع والأبصار، أما الأفئدة فلها قصة أخرى سنذكرها فيما بعد.
الجعل الإلهي:
أولاً: حاسة السمع
السمع حاسة مهمة جداً ولربما هي أهم الحواس، وجهازها هو الأذن المقسم بطبيعته إلى ثلاث آذان، خارجية ووسطى وداخلية.
ثانياُ: حاسة البصر
تلي السمع في الأهمية وربما يعتقد البعض بأنها هي الأولى، وهي نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى أنعم الله علينا بها وجهازها العين.
ثالثا: الذوق
جهازها اللسان الذي يميز المر من الحلو...
رابعاً: الشم
جهازها الأنف، وبه نميز الروائح العطرة منها والمنفرة....
خامساً: اللمس
أما جهاز هذه الحاسة فجميع البدن، فنميز الخشن من الناعم، ونحس بالبارد والحار...
لكن السؤال هنا، أين هذه الحواس الثلاث الأخيرات (الذوق والشم واللمس) من الآية الكريمة، بل وأينها من كثير من الآيات.
قال الله العزيز:
﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ﴾ الأعراف (آية:179)
وقال أيضا:
﴿ قل أرأيتم ان اخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ﴾ الانعام (آية:46)
وهناك العديد من الآيات لو نسردها لوجدنا ذكر ثلاثة أمور متلازمة السمع والابصار والأفئدة، بل تدل الآيات على أن لكل حاسة جهاز أو قل لكل جهاز مهمة، ﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ﴾ الأعراف (آية:179)
القلب: ﴿ لهم قلوب لا يفقهون بها ﴾
القلب هو عبارة عن عضلة صغيرة بحجم قبضة اليد الكبيرة تعمل مثل مضخة تضخ الدم في الشرايين ومنه إلى أنحاء الجسم الأخرى كما أنها تستقبل الدم العائد من الأوردة، وشكل القلب كحبة الأجاص المقلوبة يتمركز في الصدر مائلاً قليلاً نحو اليسار ويوجد في القلب أربع حجرات اثنتان علويتان وتدعى الأذينان واثنتان سفليتان وتدعى البطينان وهي ذات جدار سميكة العضلة، كما أن القلب ينبض 60-80 نبضة في الدقيقة، والنبضات عبارة عن التقلص والاسترخاء لعضلة القلب ليتم ضخ حوالي 3-5 لتر من الدم في الدقيقة الواحدة، وتتغذى عضلة القلب من الأوعية الدموية المحاطة بها وأي انسداد بها يؤدي إلى الموت.[1]
إذا ما علاقة القلب بالفقه؟
العين: ﴿ ولهم أعين لا يبصرون بها ﴾
تكاد أن تكون العين مستديرة إلا عند مقدمتها حيث يوجد انتفاخ بسيط.
عرض العين في الأطفال حوالي ثلاثة أرباع بوصة تزداد إلى بوصة[2] في الشخص البالغ. ومن هذا يتضح أن العين لا تنمو كثيرا مع نمو الجسم.
تتكون العين من الأجزاء التالية:
• غشاء خلوي مخاطي Epithelium
عبارة عن طبقة واقية رقيقة، من الخلايا تغطي سطح القرنية.
• القرنية Cornea
نسيج قوي شفاف، مقوس، بشكل كروي، تقوم بدور نافذة العين. القرنية هي عنصر التركيز الرئيسي للعين. فحين يدخل الضوء العين ينكسر بواسطة بالقرنية.
• القزحية Iris
الجزء الملون المرئي، للعين الذي يوسع ويقلص الفتحة المركزية للعين.
• الحدقة - إنسان العين - البؤبؤ Pupil
الفتحة المركزية التي تسمح للضوء بالمرور لداخل العين.
• العدسة Lens
قرص مرن بلوري شفاف، محدب الوجهين يفيد في التركيز، ويقع خلف الحدقة. تسيطر عضلات على شكل العدسة بطريقة تلقائية ليتم التركيز. كلما تقدمنا في العمر تقل مرونة العدسة ومطاطيتها، وتسمى هذه الحالة «قصو البصر presbyopia» مما يؤدي إلى صعوبة في التركيز على الأشياء القريبة مثل صحيفة أو كتاب. وهذا هو سبب احتياج البعض لنظارة قراءة بعد سن الأربعين[3] .
إذا هناك علاقة بين جهاز العين والنظر.
الأذن: ﴿ ولهم آذان لا يسمعون بها ﴾
تعتبر الأذن أداة السمع عند الإنسان، والسمع هو إحدى الحواس الخمس، وقد فضل الله سبحانه وتعالى السمع على البصر وكثيراً ما ورد ذكرها في القرآن الكريم قبل البصر فيقول سبحانه ﴿ السميع البصير ﴾ ويقول ﴿ السمع والأبصار ﴾. ولقد اجمع خبراء التعامل مع العجزة والعميان ان الأعمى يرعى بإذنه جيداً ويحس بها كل شيء كأنه مبصر تماما.
[4]
تقسم الأذن تشريحياً إلى ثلاثة أقسام هي:
• الاذن الخارجية:
وتتألف من الصيوان «الجزء الظاهر على جانب الرأس» الذي يجمع الأمواج الصوتية نحو داخل القناة السمعية المسماة الصماخ. فتسري هذه الأمواج نحو الغشاء الطبلي وتذبذبه.
• الاذن الوسطى:
وهي تجويف في العظم الصدغي «يملأه الهواء» بين الغشاء الطبلي والأذن الداخلية، يحوي هذا التجويف ثلاث عظيمات متمفصلة هي على التوالي نحو الداخل: المطرقة والسندان والركاب - تنقل الذبذبات من الغشاء الطبلي الى الاذن الداخلية.
• الأذن الداخلية:
تتألف الأذن الداخلية المسماة التيه من منظومة معقدة من الإنفاق «القنوات» الغشائية داخل غلاف عظمي. ويتواجد عضو السمع في القوقعة الحلزونية الشكل. أما أعضاء التوازن فتعمل من بنى خاصة في الدهليز والقنوات نصف الدائرية، ووضائف أقسام الاذن الثلاث تتلخص في ان الاذن الخارجية تقوم بجمع الاهتزازات الصوتية وإيصالها الى غشاء الطبل، ووظيفة الاذن الوسطى نقل هذه الاهتزازات الصوتية الى دفعات كهربائية ونقلها الى الدماغ حيث تفسر كصوت. ومن وظائفها ايضا حفظ التوازن وادراك وضعية الجسم.وتتصل الاذن بالفم عن طريق قناة تسمى قناة استاكيوس والتي يبلغ طولها في الانسان البالغ 4سم، وهي تصل بين الاذن الوسطى والفم لتعمل على تحقيق التوازن في الضغط على غشاء الطبلة من خارج الاذن ومن داخلها.[5]
إذا هناك علاقة بين جهاز الأذن والسمع.
لنعد للآية الكريمة التي بدأنا بها: ﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئده لعلكم تشكرون ﴾ النحل (آية:78)
سلمنا هنا أن هناك ثلاث أمور يوجد بينها ارتباط ذكرتها الآية، السمع والأبصار والأفئدة، وعرفنا التركيب التشريحي لكل من هذه الأعضاء.
وذكرت الآية تفضل الله علينا بهذه النعم حيث قال: ﴿ وجعل لكم السمع والأبصار والأفئده ﴾، هذا الجعل من أجل ماذا؟
إذا تمعنا في الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿ لا تعلمون شيئا ﴾، وربطنا عدم علمنا عند الولادة بالجعل الإلهي وهبة الله لنا بالسمع والأبصار والأفئدة، نجد ثمة أمر باستخدام السمع والبصر ومن ثم الفؤاد لننال العلم وننتقل من حالة ﴿ لا تعلمون شيئا ﴾ إلى حالة ﴿ لعلكم تشكرون ﴾، فبالشكر تدوم النعم.
يتصور لي بأن الشكر هو التعلم حيث ﴿ لا تعلمون شيئا ﴾ لا ينقضها إلا تعلمون كل شيئ، أو بالعلم ندرك كيف نشكر الله.
توضح لنا الآية: ﴿ افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او اذان يسمعون بها فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ﴾ الحج (آية:46)، بأن القلب مركز التعقل، بل إن الكثير من الآيات تذكر ذلك، من هذه الآيات - وليس حصراً-:
﴿ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون ﴾ الحشر (آية:14)
﴿ وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ﴾ الفتح (آية:12)
﴿ ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ﴾ ق (آية:37): والظن والذكرى أمور عقلية، لأن الظن هو رجحان طرف من أطراف الحيرة على الآخر، كيف يرجح الانسان أمراً من أمرين متحير فيما بينهما إلا إذا استخدم العقل؟
و الذكرى لا محل لها بمفهومنا إلا العقل، وهذا ما تدل عليه الآية تماماً حيث تدل الآيات التي قبلها أن الله أخبرنا بنتائج ما يعمله المكلف من خير أو شر ليتذكر بها من كان يتعقل فيدرك الحق ويتبعه. قال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) ﴾ ق( آية 23-37)
كيف يتعقل الإنسان؟
نستفيد من الأية الكريمة بأن الجعل الإلهي لنا من السمع والأبصار بأنها أدوات لتلقي العلم، أما الأفئدة فهي لتعقل هذا العلم.
إذا الانتقال من حالة عدم العلم إلى حالة العلم تأتي بمراحل وأدوات، ما هي تلك الأدوات وما هي تلك المراحل؟ والجدير بالملاحظة هنا أن لا ذكر للحواس الثلاث الأخريات، الشم واللمس والذوق، لماذا؟
لنجيب على كيفية تعقل الإنسان يجب أن نعرف العلم الذي يتعقله، ومن هنا نقع في إشكال، إذ كيف للانسان أن يعرف العلم؟ ألن يستخدم علماً لتعريف ما هو العلم؟ إذ كيف يعرف شيئاً بنفس ذلك الشيئ؟
من هنا نتعرض لرأيين حول موضوع تعريف العلم، الأول بأن العلم لا تعريف له، حيث أن العلم معرف لكل شيئ ولا معرف له، وهو مُعرٍف بذاته، كالنور يكشف كل شئي ولا شيئ يكشف النور، فهو منكشف بذاته.
إذ في النور نكشف كل شيئ، ومن غير النور لا نستطيع كشف شيئ، كذلك العلم، العلم يعرف كل شيئ، ولا شيئ يعرف العلم.
الرأي الثاني حول موضوع تعريف العلم أن العلم قابل للتعريف، فالعلم نقيض الجهل وهو نقل صورة المعلوم من الخارج وإثباتها في النفس أو كما قيل هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع.
وقيل: العلم هو إدراك الشيء على ما هو به، أو على ما هو هو.
وقيل: زوال الخفاء من المعلوم، والجهل نقيضه.
وقيل: العلم صفة راسخة تدرك بها الكليات والجزئيات.
وقيل: العلم، وصول النفس إلى معنى الشيء.
وقيل: عبارة عن إضافة مخصوصة بين العاقل والمعقول.
وقيل: عبارة عن صفةٍ ذات صفة.[6]
و أظن بأن كل تلك التعريفات تعريفات معقدة، وأن التعريف البسيط للعلم هو: تطور الإحساس من انطباع حسي إلى إدراك عقلي.
الإحساس:
في رايي ينقسم الانطباع الحسي إلى قسمين: إحساس أولي وإحساس ثانوي.
الاحساس الأولي: هو ما نشعر به عن طريق الحواس، كإحساسنا بالخشن والناعم والنور والظلمة وبالأصوات المختلفة والروائح المتنوعة وإحساسنا بالألم والحزن والفرح…. إلخ.
الاحساس الثانوي: هو استرجاع تلك الاحساسات في الذهن وربما سميت عند البعض بالخيال والوهم، فالخيال للامور المادية والوهم للامور المعنوية. وشرح ذلك، نمثله بمثالين:
1. المخلوق الحي إذا رأى صورة شجرة فذلك إحساس أولي بالمادة (الشجرة)، فإذا فارقها يستطيع أن يسترجع صورة الشجرة في ذهنه، فإذا استرجعها هل هناك مادة (شجرة)؟ بالطبع لا توجد مادة لكن المخلوق الحي هذا استرجعها في ذهنه لأنه رأى صورتها، وهذا هو الاحساس عند غياب المادة وهو المسمى بالخيال.
2. عندما يرزق المخلوق الحي برزق وفير يفرح أو عند إصابته بمصيبه يحزن أو عند تعرضه للخطر يخاف، كل هذه الإحساسات إحساسات أولية مع وجود المؤثر، فإذا زال المؤثر من هذه الأمور فهل يستطيع أن يعرف معناً للفرح والحزن والخوف؟ نعم. إذا مع عدم المؤثر لتلك الأمور يستطيع الكائن الحي أن يعرف معنى الفرح والحزن والخوف، وهذا ما يسمى بالوهم.
الإدراك:
سمي إدراك الإنسان إدراكاً لأنه يمسكه ويعقد عليه عقداً وعقلاً، وما أدركه عقلاً، وهو القوة التي يزعم أنها إحدى القوى التي يتصرف بها الإنسان ويميز بها بين الخير والشرّ والحق والباطل عقلاً، ويقابله الجنون والسفه والحمق والجهل باعتبارات مختلفة.[7]
أقول بأن الإدراك هو عقل (أو عقد) تلك الأحاسيس والخيالات والوهم على أنها علم، وتصديق النفس واطمئنانها أن تلك الإحساسات جزئيات علمية فحينها يستطيع الإنسان بها إدراك أمور كلية. بالتجربة والمقارنة والنسبة والترجيح.. إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
المصدر: http://64.246.58.165/artc.php?id=17745