تدور احداث رواية "اليهودي الحالي" الصادرة عن دار الساقي – لندن - للشاعر الروائي اليمني علي المقري في القرن السابع عشر في اليمن في قرية تسمى "ريدة" بين فتاة مسلمة تدعى فاطمة، وهي ابنه مفتي وشاب يهودي اسمه سالم، حيث تعرض عليه فاطمة ان تساعده بتعليم القراءة والكتابة باللغة العربية كونها اكبر سناً منه، اخبر سالم والده بالموضوع قائلاً له: "اسمعني وافهمني.. تعلم لديهم القراءة، هذا معقول لكن انتبه حذار ان دينهم قرأنهم هم مسلمون يا ابني ونحن يهود هل فهمتني؟"
كانت تناديه باليهودي الحالي، بمعنى اليهودي المليح باللهجة اليمنية، وبقي الحالي يتعلم من فاطمة الحروف الابجدية ثم كيفية ربط الحروف لتكون كلمة، بدأت تعلمه حفظ القران وعندما سمع والده صوته في البيت وهو يتلو آيات القران الكريم، جن جنونه واعتبر ذلك إفسادا لابنه كونه يهودياً يتعلم قران المسلمين، ومنع ابنه من التعلم على يد فاطمة التي عرفت سبب المنع وتحدثت مع والده قائلة: "ما درسته هو علم اللغة العربية، حتى يعرف القراءة والكتابة. انا اعرف انه يهودي، ولكم دينكم ولنا ديننا. لا توجد مشكلة كلنا من ادم وادم من تراب، اللغة ليس فيها دين فقط، فيها تاريخ وشعر وعلوم. اقول لك والله توجد كتب كثيرة في رفوف بيتنا لو قرأها المسلمون سيحبون اليهودي ولو قرأها اليهودي سيحب المسلم"..
اصيب والد سالم بالدهشة والحيرة من هذا الحوار حيث اخبر فاطمة انها تستطيع ان تعلمه ما تشاء، بدأت فاطمة تعشق سالم رغم فارق السن والدين بينهما لكن الحب لا يعرف السدود والقيود، تعلم سالم القراءة والكتابة وبدأ يقرأ في اللغة والفلك وتعلمت فاطمة منه الكتابة والقراءة باللغة العبرية اصبحت تجسد له الوطن والروح والجسد، وعند بلوغ اليهودي الحالي سنه الثامنة عشر عرضت عليه فاطمة الزواج، ولانها على دراية بالشريعة الاسلامية "كان دليلي لقراري الامام الجليل ابو حنيفة الذي ابهجني باجازته للمرأة البالغة الراشدة بدون ولي امر وزادني سروراً المجتهد اللبيب ابو المعارف بهاء الدين الحسن ابن عبد الله بفتواه المدونة بالتصاريح المرسلة التي يجيز فيها من المسلمة الزواج من يهودي او نصراني"
هكذا هرب العاشقان من المدينة تجاه صنعاء واخبرته ان يبلغ بيت خاله بانه تزوج في مدينة تسمى "ريدة" وان يسميها فاطيماه التي واصلت اداء الطقوس والشعائر الاسلامية في غرفتها، حملت منه، واثناء الولادة سلمته وصية "هذه وصيتي اذا مت اعطها لابننا" انجبت مولودا ذكرا لكن فاطيماه ماتت وبقى سالم يتحدث عن اخلاقها وصفاتها "كانت تحب اليهود، وليست مثل الاخرين، هي مسلمة، تزوجتني انا اليهودي الحالي، انا صادق معكم، ستغضب اذا تكلمت عنها كذباً وهي ميتة، هل تسمعيني يافاطمة؟ اسمها فاطمة وهو يشبه اسمها بالعبرية فيطماه ص93. قاطعه جميع الحاضرين بما فيهم الحاخام يحيى "كيف يعقل تتزوج مسلمة وانت يهودي الا والله هم يتزوجون بنات اليهود، دينهم يسمح، لكن لايسمحون ان يتزوج اليهود بناتهم الا اذا اسلم اليهودي، فها هو واضح؟ اسلمت وجالس تضحك علينا.
ضاقت القبور لدفن فاطمة حيث لا تستقبلها لا مقبرة المسلمين ولا مقبرة اليهود اما المولود سعيد، فلم يرضَ به لا اهل والده اليهودي لان الولد في الديانة اليهودية يتبع امه، ولا اهل والدته لان الولد يتبع اباه وليس امه. وبعد ذلك اسلم سالم واعتنق الدين الاسلامي ليس عن مبدأ او قناعة انما ليحمل شيئاً من فاطمة.
تزوج ابنه سعيد "سامحني يا ابي انها قصة طويلة هذه فاطمة، مثلي لا تعرف اذا كانت يهودية ام مسلمة هي ابنة صبا وعلي المؤذين اللذين؟ تعرفهما. يهودية من جهة الام ومسلمة من جهة الاب (ص135) هكذا التاريخ يعيد نفسه وحفيدة ابراهيم. توفي سالم وحاول ابنه سعيد دفنه بجوار امه فاطمة فدفن بمقبرة المسلمين باعتباره مسلماً حسب ما اعلن، لكنه لم يبق في قبر الا ليلية واحدة حيث حضر اربعة اشخاص ونبشوا قبره واخذوا جثته ودفنوها في قبر معزول بعيد عن مقبرة المسلمين باعتقادهم انه كافر ولا يجوز دفنه مع المسلمين وهكذا شاءت الاقدار والتقاليد البالية، فهي واليهودي الحالي لم يجتمعا حتى في مقبرة واحدة... ماذا؟ ماذا؟ كيف؟ أتطحن عظامهما وتذر في الريح، هكذا في الريح بلا قبر ولا وطن؟ في الريح؟
وهكذا بقي القبران خاليين ومفتوحين، ويقول الراوي الحزين، ان سعيدا هام على وجهه وفي يده صرة مع ذكرياته الاليمة، لا يدري احد وجهته، أهي نحو الشرق او الغرب ويقول آخرون منتحبين، بل نحو الشمال، فيما اكد اخرون انه مضى نحو الجنوب والقليل من اعتقد غير ذلكً. أتراه سار وراء اليهودي التائه، في الاسطورة القديمة؟