الباحث الإسلامي السيد foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? القبانجي:
حاوره: شمخي جبر
يقول الباحث الاسلامي، السيد foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? القبانجي: ان مامتداول وسائد في الاوساط الدينية، اسميه (الاسلام التقليدي) ودعاته وحملته يتصورون ان هذا هو الاسلام الاصل
في حين ان كل فكر ديني هو قراءة للاسلام او للدين، والدين في أوجه له تفاسير متعددة، وكل رأي وفكر ديني يمثل قراءة خاصة للاسلام، والقراءة تتأثر بثقافة الانسان وظروفه وخصوصيات المجتمع الذي يعيش فيه، ولايمكن ان نقول ان هذه هي القراءة الصحيحة وما عداها باطل، الاطروحة التي طرحتها، تتلخص في ان الاسلام كدين باقٍ الى يوم القيامة وخاتم الاديان فعليه ان يساير المجتمع والثقافة والمتغيرات ولا يبقى جامداً في اطار الماضي. ظروف الماضي، تتمثل بالمجتمع القبلي البدوي، فالقراءة الموجودة الان لا يمكن الالتزام بها حرفيا لانها على الاغلب تأثرت بظروف تاريخية، من هنا كانت بداية حوارنا مع السيد القبانجي. الانسجام مع الواقع
في اطروحتكم للاسلام العقلاني، ودعوتكم للعقلانية، وبخاصة في كتابكم (الاسلام المدني، معالجة لاشكالية الجمع بين النص والعقل والواقع) تقولون (ليس الاسلام هو الذي يتعارض مع المجتمع المدني) بل ان هذه الرؤية الخاصة عن الاسلام، او هذه القراءة هي التي تتعارض او يراد لها ان تتعارض معه وهي التي يعبر عنها بـ(الاسلام الفقاهتي) او الاسلام الاصولي او (اسلام الشريعة) في مقابل ما نراه من الاسلام (الوجداني) او (الاسلام العقلاني).
*هل يمثل هذا قلقا يفضي للخروج من مأزق الفكر الثابت والواقع المتحول؟
ـ الحداثة الان تيار جارف، شئنا ام ابينا نحن غارقون فيها، فلا يمكن ان نلتزم باحكام ورؤى لا تتلاءم معها.
فاذا اردنا للاسلام ان يكون متحركاً وحياً، المفروض ان نكون منسجمين مع الواقع والظروف الحالية والثقافة الجديدة، والا يصبح هناك تضارب بين الثقافة الجديدة من حقوق انسان وديمقراطية وحقوق المرأة مع الفكر القديم، فاذا كنا نقول ان الفكر القديم هو الاسلام فالكثير من الاحكام مخالفة للحداثة والعصر، ومخالفة لمكتسبات العلم الجديد، فاذا بقينا متشبثين بكل الماضي علينا ان نتخلى عن مكتسبات العصر والحضارة وننغلق حالنا حال (طالبان) او اي فكر سلفي اخر لا يتلاءم مع العصر، وهذا ما يجعل شبابنا ومثقفينا يهربون من الدين.
فاذا اردنا حفظ الدين بوصفه حاجة فطرية فلا مناص من تحديث الفكر الديني، ليس في اساس الدين الذي يتمثل بالتجربة الدينية والايمان بالله والمعاد والاخلاق والقيم لان هذا كله من الثوابت. الاحكام التي عبر عنها بالشريعة هي المتغيرة، والقرآن يقول (لكل جعلنا شرعة ومنهاجا) اذ هنا شريعة foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?ة او عيسوية او محمدية، وغيرها هذا معناه ان الشرائع يجب ان تتغير وعلماء الاسلام في الاونة الاخيرة انتبهوا الى هذا ، فطرحوا مسألة الثابت والمتغير.
الثابت والمتغير
* الصباح: طرحتم في كتابكم (الاسلام الدين) اشكالية الثابت والمتغير في الاسلام على اساس ان الثابت هي المبادئ الكلية والاصول العامة التي تمثل الدين الاسلامي والمتغير في دائرة المعاملات والحدود والديانات وامثال ذلك، فالشريعة جاءت لتحل مشاكل وعقبات يواجهها مجتمع صدر الاسلام وليس لها صلاحية للاستمرار والشمول، فالاحكام التشريعية متغيرة ذاتا بتغير الزمان والمكان والعرف والثقافة وما الى ذلك ويبقى الدين يمثل الكليات وهو الثابت.ماهي الحدود بين الثبات والتغير؟
ـ هذه هي اطروحتنا في مقابل الاسلام التقليدي الذي يلتزم بكل ما ورد، يلتزمون بالشريعة متصورين ان الشريعة هي الدين، هذا الخليط بين الشريعة والدين سبب الكثير من المشاكل التي نواجهها في الفكر الديني فكل تجديد يتصورونه بدعة والحال ان القرآن نفسه فيه ناسخ ومنسوخ لكي يواكب المتغيرات، في مكة كانت المسالمة (لكم دينكم ولي دين) وعندما جاء الى المدينة، الكثير من الاحكام نسخت فهل يعقل ان في ظرف (23) سنة كانت هناك عشرات من الناسخ والمنسوخ والمتغيرات، وتبقى الشريعة ثابتة اكثر من (1400سنة) مع كل هذه المتغيرات، هذا غير معقول نحن نواجه ازمة، ومأزقا، والمأزق ليس فيما يخص الدين، والخلط بين الشريعة والدين هو الذي جعلهم يقعون في مآزق. عندما نقول ان الشريعة متغيرة، كما الناسخ والمنسوخ في القرآن والسنة، فالاسلام متغير مع حفظ الجوهر، جماعة (الاسلام الفقاهتي) او المتداول في الحوزات العلمية، يتصورون ان كل هذه التشريعات من الدين وبما ان الدين خاتم الى يوم القيامة فالتشريعات ايضا صالحة الى يوم القيامة. هذا هو سبب الازمة التي اوقعتنا في مأزق. نحن وجدنا حلاً لهذه المسألة واثبتنا ان الدين شيء اخر غير الشريعة والشريعة بذاتها متغيرة، وبهذا تخلصنا من الكثير من المآزق العملية والنظرية، هناك مآزق في الحكومة والاقتصاد والحقوق. والعقوبات البدائية، كقطع يد السارق او رجم الزانية وقتل المرتد.
الان لايمكن كل هذا مع التطور فاذا قلنا ان هذا من الدين فيمكن ان نواجه مشكلة لان الدين ثابت لايمكن تغيره، او اذا قلنا من الشريعة والشريعة متغيرة يمكن ان نجد حلا لكل هذه المشاكل، نحن نظل على الدين الاسلامي الحي المتحرك الذي يواكب متطلبات العصر، هذا في مقابل الاسلام التقليدي الذي يفرض الاسلام ككل فجعلوا من الاسلام كوثن. يحددون بهذه القيود والاحكام حركة المجتمع.
المجتمعات متحركة والاحكام ثابتة، وهذا ما يعيق حركة المجتمع وهذا احد الاسباب المهمة لتخلف المسلمين، الالتزام الحرفي بالدين، ليس الالتزام الحقيقي والواقعي والالتزام بلب وجوهر الدين.
فلو فرضنا ان النبي بعث الان او ان القرآن الان نزل قطعا احكام الغزو تنتهي وكذلك احكام العبيد وكثير من الاحكام الاخرى، وهذا ما نؤكد عليه للخروج من المأزق. نحن الان امام خيارين، اما ان الشباب وخصوصا المثقفين يرتدون عن الدين ويكونون لادينيين ونرى هذه الظاهرة لان الدين اصبح ثقيلا او نواكب العصر او نبقى جامدين كطالبان في افغانستان وبعيدين عن العصر والحداثة الخياران مران .
الإسلام وحقوق الانسان
* الصباح: مسألتان مهمتان في هذا الجانب، الشرائع الدولية وحقوق الانسان وحرية التعبير عن الرأي، وحرية المعتقد، الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات والمواثيق التي تنظم حقوق المرأة، وحرية تغيير الدين، وحقوق المرأة في الارث وعدم مساواتها مع الرجل، كيف تنظرون الى كل هذا؟.
ـ اذا نظرنا الى الماضي نرى ان المجتمعات البشرية تتعامل على ان الدين والعقيدة هي الاصل وليس الانسان، الانسان بلا عقيدة لاشيء (الا كالانعام بل اضل سبيلا) فلا أصالة للانسان بل ويجب ان يقتل او يحذف فيزيائيا من المجتمع اذا خالف عقائده.
لان الاصل في الانسان هو عقيدته، من جملة المتغيرات التي طرحتها الحداثة الانسان هو الاصل والعقيدة شيء ثانوي، من هنا صارت متبنيات جديدة وهنا لانستطيع ان نتمسك بالمتبنيات السابقة ولهذا فنحن مجبرون على مسايرة العصر والتمسك بهذا المبنى الجديد الذي هو اصالة الانسان، واذا تمسكنا باصالة الانسان فهناك حرية وتعددية لجميع المذاهب والاديان وحتى اللادين.هذه ضرورة تفرض علينا.
الان مفروض على رجال الدين فرضا التحدث بمبدأ المواطنة، (واقصد بالفرض الاستجابة لمتطلبات الواقع) وهو ما نراه الان من قبل الكثير من رجال الدين، وهذا مبنى جديد، هم لايملكون الجرأة للقول ان هذا المبنى جديد. المفروض تحديث الفكر الديني لانه متغير وليس الدين .
المرأة كان المبنى الذي يتعلق بها هو اصالة الرجل لان المجتمع ذكوري قائم على هيمنة الرجل على المرأة والمرأة تعد من الدرجة الثانية، وعندما جاء الاسلام اعطاها نصف ما للرجل، في الميراث والدية والشهادة، وهو ماكان متماشيا مع عدالة ذلك الزمان، اما عدالة هذا الزمان فقد اختلفت، فالمفروض ان المجتمع الان انفتح، ولان المجتمع الديمقراطي ليس مجتمعا ذكوريا، فلابد من وجود مساواة بين المرأة والرجل، فيجب ان تتغير الاحكام.
المجتهدون في الحوزة لديهم تغيرات طفيفة في الاحكام، ولكنهم لايمسون المباني والاسس. ومشكلتنا مع الاسس، هناك ثلاثة اسس او مبان كانت في زمان صدر الاسلام اصالة العقيدة، اصالة الرجل. فالعبودية مثلامبنى سائد في ذلك الزمان الان العبودية والرق انتهت، فكل الاحكام التي كانت موجودة تسقط، لان الموضوع تغير، وعند تغيير الموضوع يتغير الحكم، الان الموضوع تغير فالمفروض ان يتغير الحكم، فليس من المفروض ان نتمسك بقتل المرتد، لان قتل المرتد في زمان كانت الاصالة للعقيدة اما الان فالاصالة للانسان. فاذا قلنا الاصالة للانسان يفتح باب التعددية والحرية الدينية والفكرية.
من يتبنى عملية الإصلاح والتجديد؟
* هناك من يحدد التجديد والاصلاح الديني من اختصاص الفقهاء فلا يعطي دوراً للمفكرين والمثقفين والكتاب، هل ينطلق الاصلاح فقط من داخل المؤسسة الدينية؟
ـ هذا يعتمد على رؤيتنا للدين، فاذا كنا نقصد الشريعة، فالفقهاء اعلم بها من غيرهم اما اذا قلنا ان الدين هو الايمان فيمكن ان يكون انسانا عاميا ايمانه اكثر من رجل الدين، اذا اخذنا بهذه المقولة بان الدين هو الايمان والتجربة الدينية والاخلاق، يفسح المجال للمجتمع، فالمثقفون لديهم هاجس ديني لانهم يحبون الدين ولايتخلون عنه، ولكن لديهم مبادئ ومباني جديدة، واحكاما جديدة لاتنسجم مع احكام الفقهاء، لهذا نرى ان المثقفين لهم الريادة في التجديد قبل الفقهاء والفقهاء دائما يركضون وراء المثقفين اول من يطرح فكر الديمقراطية والليبرالية وحقوق الانسان هم المثقفون ثم يأتي الفقهاء مثلا ويطرحون اراءهم وفتاواهم.
مشكلة الفقهاء انهم دائما تابعون وليس مبادرين او يتصدرون ويقودون المجتمع، لكن المثقفين يواجهون الواقع ويجبرون على طرح الاشكاليات، لانها مطروحة عالميا، الفقهاء يجيبون على ما يسمونه الشبهات، ليس لهم صلاحية التجديد، هناك فقهاء مصلحون ولكن غير مجددين، التجديد ليس تغيير فتوى كحرمة الشطرنج او حليته، نحن نحتاج الى اجتهاد في الاصول والمباني،مثل هل ان حقوق الانسان المطروحة تنسجم مع حقوق الانسان في الاسلام؟اذا كانت لاتنسجم معه ما هو الحل؟ وحقوق المرأة والسياسة والتعددية كلها تحتاج الى اجتهاد، والفقهاء ليس لديهم هذا النوع من الاجتهاد، اذا كان هناك مصلحون فاصلاحهم في الفتاوى الفرعية جدا، واكثرهم يخشون الناس فلا يطرحون فتاواهم.
بين البدعة والإبداع
* جاء في بعض كتاباتكم وقال به غيركم،ان بعض الفقهاء مقلدون. اذ لم يتجاوزوا المشهور من الفتاوى وكأنهم كتاب تعليقات على الرسالة العملية لهذا الفقيه او ذاك ممن سبقوهم،اذ لم تتغير بنى واضحة داخل عجلة انتاج الفتوى لسنوات طويلة جدا،هذا ماشار له البعض واشرتم له انتم ايضا.هل هو تردد ام تقديس للسلف؟
ـ مبنى الاجتماع يعيق حركة الفكر لان اجماع علماء الف سنةكان لهم متبنيات، هذا اصبح حكما شرعيا والهيا، حتى المشهور،مثلا (صاحب الجواهر) وحين يستعرض بحثه، يستعرض اراء العلماء، فحتى اذا كانت هناك رواية صحيحة، واعرض عنها المشهور، يعرضون عنها سواء اكانت رواية صحيحة او اية، لانهم يأخذون بالمشهور، هؤلاء مقلدون للمشهور في زمان كان خلاف الاجماع وخلاف المشهور بدعتين. احد المتغيرات اصبحت البدعة شيئاً جيدا، وشيئاً ممدوحاً، فيما كانت (البدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) الان كلما جاء جديد فالناس يرحبون به لانه يلبي حاجات الانسان النفسية والاجتماعية والاقتصادية، هذه ليست بدعة محرمة، البدعة المحرمة التي تثير الفرقة والفتنة، الان اذا كان هناك اجماع على قتل المرتد، واحد الفقهاء يقول لايجب قتل المرتد، هذا لايثير فتنة، بل يصلح لانه يغير الرؤيا القاتمة والسوداء للدين والشريعة، كما نرى ان الارهاب باسم الدين اساء للدين كثيرا، هذا من الفكر الديني وليس من اصل ان نلتزم حرفيا بالنصوص وحتى في الماضي كان المعتزلة يطرحون بان لايجوز الالتزام الحرفي بالنصوص (يد الله فوق ايديهم) وقضية( العرش)، اذ كل هذا مجاز لانهم رؤوا ان هذا يخالف العقل فاضطروا ان يؤولوا.
الان ايضا يجب ان نوسع دائرة التأويل حتى يشمل العقل العملي، المعتزلة عملوا على العقل النظري، الان نواجه احكاما ونصوصا تخالف العقل العملي وتخالف العدالة، مثل عدم المساواة بين المرأة والرجل، وقتل المرتد اودية الكتابي والمسلم، هذه تخالف العدالة ايضا يجب ان تقرأ قراءة جديدة تحافظ على لب الدين وجوهره بهذه الطريقة، والا فان التمسك الحرفي بالنصوص معناه جمود الاسلام وموته. وكل مانراه من ارهاب وما اصاب المسلمين من صدمة واساءة كله ناتج التمسك الحرفي بالنصوص.
دولة الدنيا لادولة الدين
* أنتم تنظرون الى الدولة الاسلامية على انها دولة مدنية علمانية، وترون ان الدولة العلمانية اكثر صيانة للدين(الدين العقلاني) حتى دولة الرسول (ص) تقولون عنهاانها دولة علمانية.هل ترون ان الدولة العلمانية هي دولة الناس؟
ـ الدولية الدينية اصلاً تتضمن تناقضاً، اذ لايمكن ان تكون دولة دينية، الا بمعنى من المعاني، الدولة التي تشجع الدين، اما اذا قلنا ان هناك معنيين للدولة الدينية، المعنى الموجود في ايران وفي افغانستان ايام طالبان، اجراء الحدود الالهية، وهذا تناقض، اذ ان حتى دولة النبي (ص) اساساً هي ليست دينية بل عقلانية لان اهداف الدولة او الحكومة التي ينتخبها الناس، لابد ان تكون لها اهداف دنيوية وليست اهداف الحكومة دينية او اخروية، هدف الحكومة استتباب الامن واصلاح الدنيا واقامة العدالة والرفاه، هذه الامور، اليات عقلانية واهداف عقلانية، لهذا نرى ان النبي (ص) ظاهراً هو حكومته دينية ولكن في الحقيقة حكومته من عقل النبي بما هو حاكم وبما هو عاقل واعقل العقلاء من يسير الامور بعقله.
الحكومة الدينية حتى لو كان على رأسها معصوم فهي تفشل اذ ان الحكومة يجب ان تكون عقلانية. العقل مع المصلحة، مصلحة الناس، ومصلحة الدولة، وحتى في ايران حيث واجه التخمين مشكلة الاحكام تعيق مسيرة التقدم، فرض مجمع تشخيص المصلحة، هذا المجتمع مخالف لكل علماء الشيعة، ولكنه فرضه لانه رأى ان الحكومة مهددة بالفشل اذا لم يكن المعيار هو مصلحة النظام فالحكومة تتبع مصلحة الشعب، والدين مبادىء، فيمكن ان تخالف المبادئ المصلحة، فلهذا يصبح تناقضا او تقاضيا، لهذا نقول ان اساس الحكومة هو العلمانية، حتى حكومة النبي علمانية، وان امام النبي حكماً فيأتيه تاييد من الله، وهذا التأييد ارشادي، النبي حين هاجر وحارب في كل الاصقاع تأتي الايات بعد الاحداث وليس قبلها، فالايات تاتي بعد الواقعة يمكن وتؤيد ماقام به النبي بعقله، وليس بالوحي، لان النبي هاجر ثم جاء الامر بالهجرة، النبي قاتل في بدر وأحد ثم نزلت الايات.
فالنبي كان يعمل بعقله وهذه هي الحكومة العلمانية، الحاكم يستخدم عقله، النبي نبوته من الله، وحكومته علمانية، عقلانية من الناس، الناس هم الذين انتخبوه اذ ان الانصار والمهاجرين بايعوه، هذا التفسير يمكن ان نتمسك به وتكون حكومتنا ديمقراطية منتخبة من الشعب وليس لديها اية منافاة مع اصل الاسلام. تصور رجال الدين ان الديمقراطية منافية للاسلام بينما هي منافية للفكر الاسلامي السائد. فالفكر الاسلامي هو قراءة وليس هو اصل الاسلام.
الفقهاء والعامة
* قبل قليل اشرتم الى خوف المجتهد او المرجع من العامة وهذا مااثير كثيراً،واثاره الشهيد مطهري، اذ اصبح العامة هم من يقودون الفقهاء،ماهي مديات العلاقة بين الطرفين؟
ـ اذا اردنا ان نحسن الظن، نقول ليس خوفاً من العامة، بل خوف العلماء على دين العامة، لاخوفهم من العامة.طبعاً هناك من يخاف من العامة من الفقهاء، لكن اذا اردنا ان نحسن الظن بالاخيار من الفقهاء، اذ هم يخافون على دين الناس، فتراهم مثلاً لايحرمون التطبير، في حين ان السيد محسن الحكيم نقلا عن شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، يقول ان التطبير كان كالموس في حلقي، كان ضد التطبير لكن لايستطيع ان يعلن هذا.
انا مثلاً درست عند السيد محمد باقر الصدر، وكان في البحث الخارج يفتي بجواز حلق اللحية، ولكنه في الفتوى في رسالته العملية لايذكره وهذا لايعني انه يخاف من العامة، لانه كان في مواجهة مع حكومة صدام وحتى لايستغل هذا ضده في الاوساط الحوزوية في تحطيم مرجعيته. نحن لانحتاج هذه الفتاوى، بل نحتاج الى اجتهاد في المباني، الان المرحلة تجاوزت الفروع، حتى لو قلنا بحلية الموسيقى او الشطرنج او حلق اللحية هذا لايكفي، بالاساس لدينا مشكلة واقصد المباني، يجب ان يجتهد فيها .علماء الشيعة يختلفون عن علماء السنة بان رافدهم المالي من الناس ولهذا يتحاشون الاصطدام بالثوابت التي بايدي الناس، الزيارات، والتطبير او غيرها، اما السنة فليس لديهم خوف من العامة بل خوفهم من الحكومة لان رافدهم منها، جعلهم منقادين الى الدولة.يقول الشهيد مطهري رافدهم من الجمهور فيخافون منه، يخافون على دين الجمهور.
العلاقة بين المثقف والفقيه
* هل هناك كلمة اخيرة يريد ان يقولها السيد القبانجي ؟
ـ توصية للمثقفين ولرجال الدين، التوصية لرجال الدين ان ينفتحوا على العالم، فاذا كان رافد المعرفة في الماضي الدين او الوحي فالان مكتسبات العقل ومنتجاته لايمكن غض النظر عنها او تجاهلها، الانفتاح على المعارف العالمية والاقتباس منها، وهذا ماحدث في الحضارة الاسلامية ايام الترجمة من الفرس واليونان اذ اقتبس المسلمون الكثير، ولم تصبح حضارة اسلامية الا من خلال التلاقح الحضاري بين الثقافات المتعددة التي انصهرت في بوتقة المجتمع الاسلامي.
نحن ايضاً يمكننا بناء حضارة جديدة شريطة الانفتاح على الاخر، على الروافد الفكرية الجديدة لا العودة الى الماضي ،والحركات الاسلامية ورجال الدين بصورة عامة كانوا يتصورون ان الحضارة الاسلامية هي منتوج فقط من الوحي (القرآن والسنة) بينما نرى ان الحضارة الاسلامية في مئة سنة الاولى لم تكن حضارة بل غزو وفتوحات، وبنيت الحضارة بعد الترجمة، وظهور التعددية الفكرية والدينية والمذهبية اشاعرة ومعتزلة ومذاهب اخرى.
النصوص تؤيد اخذ المعرفة من خارج دائرة المجتمع الاسلامي كنا نتصور ان المعرفة لدينا فقط، وكل منتوج بشري ضلال وطاغوت وشيطان، اذ كنا متمسكين بما لدينا ومتجاهلين للمنتوجات البشرية.فالعقلانية الجديدة التي نفهم بها الدين، كما ايدت الدين فانها تؤيد المعارف والعلوم الاخرى، كلها روافد للمعرفة لاغنى عنها..
فاذا اردنا للاسلام ان يتطور ويؤثر ايجابيا وليس سلبياً من خلال الاحقاد والطائفية والاحزاب، لابد ان تنفتح على الاخر وتقتبس منه وندجن الفكر الجديد ونعيد انتاجه اسلامياً.
وبالنسبة للمثقفين ،انهم يواجهون رجال الدين وهذه المواجهة مفروضة عليهم بل الكثير منهم ترك الدين متصورا ان الدين هو رجال الدين. اقول لهم ان الدين هو الايمان بالله والالتزام بالقيم الاخلاقية وباقي المساحات مفتوحة، وهذا مايجعل المثقف ملتزماً ومتديناً ولكنه في الوقت ذاته متفتح على الاخر ويعيش قيم الحضارة الجديدة واخلاقها، بعيداً عن التعصب والدوغماتية التي يثيرها مايقدم من قراءة قديمة، المتمثلة بالجزمية التي تقول انا الحق والباقي باطل، هذه النظرة علينا ان نغيرها، فيصبح لدينا مثقف مؤمن ملتزم ياخذ بالمنهج العقلاني ويسهم في تطوير المجتمع الاسلامي. الان الاعتماد على المثقفين في عملية التطوير، والتطور لايعني التخلي عن الدين لان الناس تحتاج الدين، الاسلام متغلغل وفيه ايجابيات لايمكن الاستغناء عنها على المثقفين ان يأخذوا من الدين ما ينفعهم في اخلاقهم وفي رؤيتهم للحياة وفي ايجاد معنى للحياة، لان الدين يعطي قيما واخلاقا، وارتباطا بالمطلق. عشنا الدين المؤدلج فلم نستطع ان نفكر بحرية، لكن عندما ذهبنا الى ايران كنا نتصور ان الحكم الاسلامي هو من ينقذ البشرية، لكن لم نر الجنة الموعودة ،بل كان المأزق والازمة المتمثلة بالمواجهة التي حدثت بين الواقع والنصوص. ولاني كنت احب الحق والحقيقة فلم اتخذ الاسلام كصنم او اذوب فيه. لكن هناك من هو متمسك بالاسلام تمسك اعمى ،جاعلا منه كوثن،هذا البعض بقي خاضعا للاطر والمرجعيات الموجودة، ولكننا حين وجدنا ان في الفكر الديني نواقص انفتحنا الى آفاق اخرى وافكار جديدة ورأينا ان الفكر الغربي ليس كله باطل، ولم تكبلنا العقيدة بسلاسلها واغلالها فتوقف عقولنا. من يطلب العقيدة كما هو حال الكثير من الاسلاميين الذين بقوا مسجونين في هذا اطار.
انا اختلف عن البعض، لاني اتجه اتجاها عقلانيا، يسعى باتجاه الحقيقة، واعتبر ان هذا هو المسير الصحيح نحو الله، لان الله هو الحق والحقيقة، ليس الفكر الديني الذي يتأثر بالظروف والثقافات والاجتهادات للمفسرين والعلماء. اذن هو منتوج بشري، فما معنى التقيد بالمنتوج البشري، ونحسبه انه من الله وثابت.
انا مستعد دائماً للتغيير، اما الذي يعبد العقيدة فهذا متكلس وغير مستعد للتغيير.