أحس قلقا بالغا على مستقبل الإسلام وأمته وأوطانه ٬ فإن القوى المخاصمة له تطمع في استئصال حقيقته٬ واستباحة بيضته.
وهى ترى أن الظروف ملائمة لبلوغ هذه الغاية الهائلة..! وعندما أنظر إلى الواقع الكئيب أجد أعداءنا يتقدمون بخطا وئيدة وخطط صريحة حينا٬ ماكرة حينا آخر.. ولكنها خطط مدروسة على كل حال٬ محسوبة المبادئ والنهايات٬ لا مكان فيها للدعاوى والمغالطات٬ ولا للارتجال والمجازفات..! أما نحن المسلمين فعلى العكس من ذلك كله.. وقد نكسب تقدما ما في بعض الميادين وسرعان ما نفقد ثماره في ميادين أخرى تكون خسائرنا فيها أبهظ..
وعندما أشعر بأن حلقات الحصار تضيق حول الإسلام٬ وأن مكاسب عداته تكثر على مر الأيام أتساءل: هل وعى تاريخنا الطويل أحوالا في مثل هذه القساوة والخباثة؟ وأتردد في الجواب قليلا!! لقد سقطت الدولة الإسلامية قديما٬ وناوشها الأعداء من الشرق والغرب٬ واحتلوا عواصمها ٬ وألحقوا بها أفدح الخسائر.. ومع ذلك نهضت من عثرتها واستأنفت المسير٬ فلم لا تكون ظروف اليوم كظروف الأمس؟
وأقول لنفسي: لعل!! ثم أدرك أننى أغالط٬ لأسباب ينبغى شرحها إن أردنا مواجهة الحقيقة والنجاة من عواقب الخداع..
لقد أقام ا لاستعمار العالمي ` إسرائيل ` في أرضنا من عشرين سنة وكان الإنجليز قبل ذلك بثلاثين سنة يخلقون الجو الذي يمهد لقيام إسرائيل ويستجلبون اليهود من كل بلد لينشئوا على أنقاضنا كيانهم الجديد.. وإذا كانت هذه السنوات الخمسون قد وعت الإعداد والتنفيذ في فلسطين فإنها قد وعت أيضا التدويخ والتفتيت للعرب حول فلسطين٬ من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر كما يحلو للبعض أن يصف حدود الأمة العربية التائهة..!!
]