العراق يريد مغادرة الانفصاليين الأكراد أراضيه العواصم - وكالات الأنباء:
قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس: إن العراق يريد أن يغادره الانفصاليون الأكراد المتمركزون بشماله بأسرع ما يمكن. وقال زيباري في مقابلة أجرتها رويترز إن الحكومة العراقية غير مرتاحة للتصويت الذي أجراه البرلمان التركي وأعطى الضوء الأخضر للجيش لعبور الحدود إلى شمال العراق لتعقب أعضاء حزب العمال الكردستاني. وأضاف أنه لا يتوقع أن تشن تركيا عملية عسكرية كبرى قريبا وقال إنه إذا حدث هجوم فربما يكون مجرد ضربات جوية على مواقع حزب العمال الكردستاني المشتبه بها في شمال العراق.
من جانب آخر، المح وزير الخارجية التركي علي باباجان الى ان الفرصة مازالت سانحة لحل توافقي لمشكلة المتمردين الاكراد الاتراك في شمال العراق مؤكدا ان هذه المسالة ستناقش خلال اجتماع دول جوار العراق. ويعقد اجتماع دول جوار العراق في اسطنبول مطلع الشهر المقبل بمشاركة مجموعة الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي. وقال باباجان أمس الخميس للصحافيين بعد لقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك ان «الاجتماع الوزاري لدول جوار العراق الذي سيعقد في اسطنبول في الثاني من نوفمبر المقبل بمشاركة وزراء خارجية دول مجموعة الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن سيعطي فرصة لمناقشة جميع المشاكل في العراق ومشكلتنا مع الارهاب وعناصره«. ولكنه حذر في نفس الوقت من انه لا ينبغي على «اي طرف ان يعتبر ان تركيا ليست عازمة على مكافحة الارهاب«، مضيفا «ان لدى تركيا العزم والتصميم على مواصلة مكافحة الارهاب وليس هناك تردد في ذلك«. وكان الوزير التركي يرد بشكل غير مباشر في ما يبدو على تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) جيف موريل الذي قال يوم الاربعاء ان تركيا «ليست مستعجلة« لشن عملية عسكرية ضد المتمردين الاكراد الاتراك المتحصنين في شمال العراق محذرا من «عواقب كبيرة لا تقتصر علينا ولكن تشمل الاتراك ايضا«. وقطعت الحكومة التركية يوم الاربعاء خطوة جديدة في تهديدها بالتوغل العسكري في شمال العراق بعد حصولها على موافقة البرلمان على مهاجمة المتمردين الاكراد الاتراك في كردستان العراق. وتتهم تركيا الاكراد العراقيين بتامين اسلحة ومتفجرات لحزب العمال الكردستاني ويأخذ على بغداد وواشنطن عدم قيامهما بما يكفي من جهد في مواجهة هذه المنظمة التي تعتبرها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية. وحث الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء تركيا على عدم القيام بعمليات توغل عسكري في كردستان العراق معتبرا انه ليس من مصلحة انقرة ارسال جنودها الى العراق. وشدد باباجان على ان «موقف بلاده واضح منذ البداية وهو ضرورة الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية ونحن ملتزمون بهذا الموقف«. من جهة أخرى، رأى محللون ان الجيش التركي يستعد لشن عمليات محدودة ضد متمردي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يتوخى منها تحقيق مكاسب نفسية اكثر منها عسكرية. ولفت الخبراء الى انه بالرغم من دعوات بغداد الى اتاحة فرصة اخيرة للتفاوض ومن تحذيرات واشنطن، فان البرلمان التركي ارسى مبدأ التدخل عسكريا ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في العراق بالتصويت يوم الاربعاء على مذكرة تسمح بهذا التدخل عند الاقتضاء لمدة عام. وقال سيدان لاجينر رئيس معهد الابحاث الاستراتيجية الدولية انه بعدما كانت الحكومة معارضة لعملية عسكرية خارج الحدود «واجهت ضغوطا قوية جدا من الرأي العام ووسائل الاعلام والجيش«. وتابع ان الحكومة «باتت في موقع لا يترك لها الكثير من الخيارات«، في اشارة الى الخسائر المدنية والعسكرية التي تكبدتها تركيا في الايام الاخيرة والى فشل خطط التعاون مع السلطات العراقية والامريكية في التصدي لمقاتلي حزب العمال الكردستاني. ومن غير المطروح في المقابل نشر قوات كثيفة على الاراضي العراقية. وقال لاجينر «لا اتوقع عملية واسعة النطاق بل سلسلة من العمليات الصغيرة. وسيطلق الجيش التركي صواريخ ويشن غارات جوية ويقوم بعليات عدة محدودة المدى« على اهداف معينة يقررها مع الحكومة. من ناحية أخرى، تظاهر الاف الاكراد العراقيين أمس الخميس امام مقر الامم المتحدة في محافظة اربيل كبرى مدن اقليم كردستان العراق احتجاجا على قرار تركيا التوغل في شمال العراق لمطاردة حزب العمال الكردستاني. وافاد مراسل فرانس برس ان التظاهرة بدأت عند الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي (00.07 تغ) وشارك فيها طلبة المدارس والكليات وموظفو الدوائر الحكومية واعضاء النقابات. ورفع المتظاهرون الاعلام الكردية ولافتات كتب عليها باللغات العربية والانكليزية والكردية «لا للحل العسكري نعم للحل الدبلوماسي« وسنطالب الحكومة العراقية والمجتمع الدولي الوقوف ضد التهديدات التركية« و«خرق حدود كردستان خرق لسيادة شعب كردستان«. وهتف المتظاهرون «كلا للتهديدات التركية، نعم للسلام«. واشار المراسل ان المتظاهرين قدموا مذكرات احتجاج الى المسؤولين في مبنى الامم المتحدة في الاقليم. وهتف متظاهرون اخرون «لا نقبل بدخول القوات التركية الى اقليم كردستان واحتلال ارضنا«. وشارك عدد من العراقيين العرب النازحين الى اقليم كردستان العراق في التظاهرة. وفي مدينة دهوك التي تقع على الحدود مع تركيا تظاهر نحو خمسة الاف مواطن كردي مطالبين «باللجوء الى الحوار وعدم استخدام القوة في حل المشكلات العالقة« مع اقليم كردستان. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «اين الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي من التهديدات التركية« واخرى تقول «هجوم تركيا ليس عملا حضاريا ومخالفا للقوانين والاعراف الدولية«. ووزعت اللجنة العليا المنظمة للتظاهرة بيانا طالبت فيه الحكومة العراقية الاتحادية «باتخاذ موقف فعال تجاه الحفاظ على حدود العراق الاتحادي الموحد«. وطالبت ايضا «الامم المتحدة وجميع الاوساط الدولية بالقيام بواجبها والدفاع عن حقوق الانسان وسيادة الديمقراطية والمجتمع المدني في اقليم كردستان«. وفي الاطار ذاته، دعت حكومة اقليم كردستان العراق انقرة الى اجراء حوار مباشر غداة موافقة البرلمان التركي على القيام بتوغل عسكري في شمال العراق وناشدت تركيا الامنتاع عن اي عمل عسكري في العراق. وقال بيان للحكومة نشر على موقعها على الانترنت ان «حكومة اقليم كردستان ترحب بحوار مباشر مع انقرة في كل القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين من ضمنها قضية حزب العمال الكردستاني«. واضاف ان «حكومة الاقليم تعتبر ان علاقات طيبة مع تركيا هي احدى اولوياتها وان الشعب التركي صديقنا وجارنا الذي نشاركه الكثير من القضايا« مؤكدا ان «التجارة والاستثمار التركي امر اساسي في نمو اقتصاد اقليمنا«. وتابع البيان ان «اي مشكلة او اختلاف بين حكومة الاقليم وتركيا يجب ان يحل من خلال القنوات الدبلوماسية والحوار«. وقال البيان «نناشد اصدقاءنا وجيراننا الاتراك الامنتاع عن اي عمل عسكري في العراق «مشددا على ان «الاقليم لا يريد اي مواجهة مع تركيا (...) ونحن لن نسمع ولا نسمح ان تستخدم مناطقنا قاعدة لشن هجمات ضد جيراننا«. واكد بان «حكومة الاقليم لا تتدخل في شؤون تركيا الداخلية ونتوقع منها ذلك بالمقابل«.