بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
وإذا أصابك في زمانك شدة .. وأصابك الخطب الكريه الأصعب
فالجأ لربك أدنى لمن .. يدعوه من حبل الوريد وأقرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي .. فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
أدعو نفسي وأدعوكم أيها الأحبة إلى التمعن والتدبر في هذه الأبيات الجميلة والرائعة والتي تحوي نصيحة من أثمن النصائح التي إن عمل بها المؤمن استغنى عن الحاجة إلى أمثاله من المخلوقين
نعم الإنسان في هذه الدنيا محكوم بالعلل والمصائب والهموم والكربات والتي تكون بمثابة المنبه الذي يذكره بخالقه خالقه بعد طول غفلة
وهي بمثابة الحاجز الذي يحول بينه وبين التمادي في السير في الظلام المودي إلى غضب الجبار
وهي المعين له على محو الذنوب التي أثقلت ظهره وآذت نفسه وجعلتها هائمة قي طريق طويل ومتعرج ينتهي بهاوية مشتعلة بسعير سجرها جبارها لغضبه
وهي البلاء الذي أراد الله يمحص المؤمن الصابر على قضائه وقدره ممن يبعد على حرف فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابه بلاء تذمر وتأفف وأبدا الإعتراض على على ذلك
فعلى المؤمن أن يكون في رضا دائم في السراء والضراء والشدة والبلاء فلا يغتر بنعمة ولا يجزع على شدة بل يكون في شكر دائم لله الذي أنعم عليه بنعمة الوجود وأعد له دار الخلود وليكن على بينة من أمره أنه لم يخلق في هذه الدنيا ليرتاح ويخلد
فالدنيا سجن المؤمن وإن كان منعما فما نعيم هذه الحياة بالنسبة للنعيم الذي أعده الله له في آخرته والتي جعلها الله جنة له إلا كحبة رمل في صحاري الأرض وأن الكافر يعيش في جنة الله على أرضه وإن كان مضيقا عليه عيشه لأنه يعمل كيفما يشاء مازجا الفضائل بالرذائل ولا من رادع يردعه ولا وازع يمنعه فهو وإن كان فقيرا معدما إلا أنه في راحة من أمره بينما الآخرة بالنسبة له فهي ذلك السجن الرهيب الذي يحوي العذاب الشديد الذي لا خروج منه أبدا
فما هذه المصائب التي تحل بنا والبلايا تجري علينا إلا نعم كتلك النعم التي نتقلب فيها ونسعد بها بل قد تكون هذه البلايا والشدائد خير لنا من المسرة والرخاء إلا أننا ولمحدودية تفكيرنا نشعر بالألم والضجر والتأفف وقد يكفر البعض منا بخالقه الذي أراد له الخير من خلال هذه الكربة أو تلك المصيبة فيصيرها نقمة تهوي به في الجحيم بعد أن كانت نعمة له تسعى به إلى النجاة من عذاب الله الأليم
فعلينا أن نكون حامدين لله صابرين على بلائه ملتجئين إليه ليخلصنا مما نحن فيه من بلاء فهو رحيم بنا وقريب منا ومحب لنا ولحبه لنا ابتلانا بما ابتلانا به لنكون مشدودين إليه بالدعاء رافعين أيدينا إليه بارجاء لنسعد بخطابنا له فنكافأ على ذلك بتخليصنا من البلاء ويهب لنا ذنوبنا لنكون مهيأين للإقبال عليه بالطاعات واجتناب المحرمات
قال تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ 186 البقرة