+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نقد الشعر الشعبي العراقي

  1. #1
    qeen ام فيصل is on a distinguished road الصورة الرمزية ام فيصل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    51,391

    افتراضي رد: نقد الشعر الشعبي العراقي

    الأخ الدكتور هاشم الفريجي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بداية ارحب بك اجمل ترحيب في منتدى الفرات -- شريان الحياة

    واتمنى لك دوام المتعة والإفادة وانت تنتقل بين ربوعه لتضفي

    لنا رونقا آخر من ابداعاتك

    قرأت سطورك وانا على يقين بأنني امام انسان متعمق في بحور

    الشعر عموما ويحمل امنية جميعنا يرغب في الوصول اليها

    خدمة للشعر والشعراء

    وكان طرحك مدعاة للولوج بين سطوره لنتعرف اكثر على بحور

    الشعر وجناسه واوزانه وروعة معانيه

    وكما تفضلت فالأغلبية من شعراء هذا العصر يتناولون الشعر

    وخصوصا الشعر الشعبي والأبوذيات

    والدارمي والزهيري معتمدين بذلك على احساسهم اكثر من

    الولوج الى مفردات الأبيات وقواعد

    الكلمات ولايخفى عليكم ان اغلبهم قد يكون شاعرا بالفطرة اي

    بلا خلفية ثقافية وادبية لأصول

    الشعر ومكوناته وانما يكون اعتماده على احساسه ونظم

    الكلمات التي تحاكي الواقع والظروف

    التي يعيشها

    وهذا بالتأكيد لايعني ان هناك من برع في توصيل احساسه

    ومايريد الى المتلقي وهذا جل

    همه ومايتمناه - ان يرى صدى لقريحته لدى البعض

    ومن هنا لابد من نشر ثقافة الادب والشعر على باب اوسع

    ليتمكن من له نهم بالتعلم والقراءة

    ان يستنبط الافضل وان يوسع ادراكه على هذا المنحى ليخرج لنا

    شاعرا متكامل يرفدنا بالنص

    والمفردة والقواعد والإحساس معا وبهذا تكتمل لدينا صورة

    الشاعر المثالي والفطحل وليرفد الساحة العراقية بروائع انتاجه

    وهنا تقع المسؤولية على الجهات المهتمة بفنون الشعر والأدب

    وعلى المبتدئ للوصول الى

    مايطمح اليه هو -- ومايريده المتذوق للشعر عموما


    اعتذر منك على الإطالة عزيزي

    واشكر لك جميل طرحك وسلاسته فقد وصل الينا بدون اي تكلف وبأريحية تامة

    مع كل التقدير لكم

  2. #2
    فراتي دكتور هاشم الفريجي is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    164

    افتراضي نقد الشعر الشعبي العراقي/ الجزء الرابع

    الجزء الرابع:
    *********************
    وكمثال على ذلك ما أورده الكاتب نفسه حول ( السريع) في العامية فيقول (انه مأخوذ من بحر
    السريع في الفصحى وليس من وزن الموشح ويقول: وهذه الأمثلة تثبت ذلك فالسريع في
    الفصحى:
    رَشأَ كأَنّ َالْخَاَل في خَدِّهِ
    نُقْطَةُ حِبْرٍ فَوْقَ قُرْطَاسِ
    وَعَقْرَبُ الصَدْغِ على خَدِّهِ
    يحمِي ْمِنَ الجنَّةِ والنَّاس

    والسريع في الشعبي:
    الْيِذب فُوْگ الْنَار حِزْمَة حَطَب
    يِصْبِح وُگُوْد إلْهَا إوْ يِضِرَّه الْلَّهَب
    أمَّا الموشح في الفصيح:
    يا مَن هَجَا المحبَّ عَمْدَاً وَسَلا
    وَرَمَاهُ عَلَى الْلَّظَى قَتِيْلاً وَسَلا

    والموشح في الشعبي:
    يَا دَهر شعْمَلت ويّاك إوْ جِنيت
    نغَّصتلي ابْدنيتي لذّة العيش

    ومن هذه المقارنة نتوصل إلى أنَّ السريع الشعبي هو من السريع الفصيح).
    ولكن الكاتب لا يوضح لنا كيف يمكن أنْ نتوصل إلى ذلك.
    فان المثالين الفصيح والشعبي على السريع صحيحان، رغم خلل في بداية
    الشطر الأول للشعبي حيث أتت تفعيلته الأولى على فَاعِلاتُنْ. ولكن المثال
    الذي أورده للموشح الفصيح (وفق رأيه) لم يكن صحيحا.
    فان الشطر الأول من الموشح الفصيح الذي أورده المؤلف:

    يا مَن هَجَا المحبَّ عَمْدَاً وَسَلاْ
    وتقطيعه **** يامَنْ هَجَلْ - مُحِبْ بَعَمْ - دَنْ وَسَلَىْ
    وتفعيلاته **** مُسْ تَفْ عِلُنْ - مَفَاْ عِلُنْ - مُفْ
    تَعِلُنْ
    وهو من الرَجز العروض مطوية (مُفْتَعِلُنْ)، وليس من الموشح الذي يقصده الكاتب حسب تعريفه
    وهو الرمل. أمَّا الشطر الثاني فيبدو أنَّ فيه خطأ طباعيا لأنه لا يشبه شطره الأول.
    أمَّا الشطر الأول للبيت الشعبي الذي أورده الكاتب كمثال للموشح:

    يا دَهَر شِعْمَلِتْ وَيّاكْ إوْ جِنَيْت
    وتقطيعه يَا دَهَرْ شِعْ - مَلِتْ وَيْ يَاْ - كُوْجِ نَيْتْ
    وتفعيلاته فا عِلاْ تُـنْ - مَفَاْ عِيْ لُنْ - فاعِ لاْنْ

    وهو غير موزون لدخول مَفَاْعِيْلُنْ بدل فَاْعِلاتُنْ على تفعيلاته.
    وعروضه مذالة (فاعلان). وشطره الثاني:

    نغَّصتلي ابْدنيتي لذّة العيش
    وتقطيعه نَغْ غَصِتْ لِبْ - دِنْ يِتِيْ لَذْ - ذَتِلْ عَيْشْ
    وتفعيلاته فا عِلاْ تُـنْ - فا عِلاْ تُنْ - فاعِ لاْنْ
    ووزنه مثل وزن رباط بيت الهات للمفوعر السوداني الذي أورده الكاتب كمثال للموشح
    في الشعر الشعبي:

    خَلْنِي أخْتِم كِل صِوَرَّه الغَامِضَاتْ
    وتقطيعه خَلْ نِأخْ تم - كِلْ صِوَرْ رَلْ - غَامِ ضَاتْ
    وتفعيلاته فَا عِلا تُنْ - فَـا عِـلا تُنْ - فاعِ لانْ
    والفرق واضح بين تفعيلات المَثَلين اللذين ضربَهُما الكاتب لبيان وزني الموشح في الفصيح والشعبي. ومثال الرمل في الموشح من الفصيح قول الشاعر ابن زهد الحفيد:

    أَيُّها الساقي إلَيكَ المُشتَكى
    قَد دَعَوناكَ وَإن لَم تَسمَع
    وَنَديمٌ هِمتُ في غُرّتِه
    وَشَرِبت الراحَ مِن راحَتِه
    كُلَّما إستَيقَظَ مِن سَكرَتِه
    جَذَبَ الزِقَّ إلَيهِ وَإتَّكا
    وَسَقاني أَربَعاً في أَربَع

    ومثاله في الشعبي للشاعر ملا منصور العذاري الحلي وقد جعل مطلع
    قصيدة إمرئ القيس مطلعا لقصيدته وكلاهما من الرمل:

    دَنَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرْ
    لِغَزَالٍ صَدَّ عَنّي وَنفَرْ
    فيقول في أول أبياتها :
    يِنْفُرْ اشْسَوِّيتْ مِنْ ذَنبْ أوْ يِصِدْ
    چَنْ طِلَعْ مَلالْ وَافْعَالَهْ تِضِدْ
    شِنْهُوْ صُوْجِيْ الصَّارْ لابُدْ عَنْ گَصِدْ
    يِتْعَبْ البَارَاهْ وِالْوَدَّهْ خِسَرْ

    وكمثال آخر على الخلط بين الأوزان ما أورده الأستاذ خليل رشيد ففي حديثه عن وزن الإبوذية في
    كتاب (الأدب الشعبي) فيقول:
    (فلو أردنا ضرب المثل من هذا النوع لقصر بنا الوقت وأعيتنا الحيل لجمعه وفي هذين البيتين كفاية
    للتدليل لما أردنا التدليل عليه، والإبوذية عادة تأتي على وزن (جُوْهَر يَزْنَاد الشَّامِيَّة) أي تختتم بياء
    وهاء وبحرها الوافر).
    وهو ما أورده أيضا الأستاذ علي الخاقاني في الحلقة الأولى من سلسلة فنون الأدب الشعبي،
    إذ يقول في صفحة 56 ما نصه: وقد حدثني سباح آل ثاني أحد وجوه قضاء الشامية...
    إنَّ أول مَنْ وزن الإبوذية وقالها هو حسين العبادي بقوله (جُوْهَر يَزْنَاد الشَّامِيَّة).

    وأقول إنَّ ما أورده خليل رشيد والخاقاني بين القوسين وهو: ( جُوْهَريَزْنَادألشَّامِيَّه)

    وتقطيعه جُوْهَرْ - يَزْنَاْ - دِشْشَاْ - مِيْيَهْ
    وتفعيلاته فَعْلُنْ - فَعْلُنْ - فَعْلُنْ - فَعْلُنْ
    وهو موزون من المتدارَك والعروض مقطوعة (فَعْلُنْ) وهو هوسة اعگيلية، لأن (الهوسه العگيلية)
    تنظم على المتدارك وبأشكال مختلفة تطول او تقصر لكنها تبقى على نفس البحر. أمَّا الإبوذية فتنظم على الوافر، لكن الرباط يمكن أنْ يكون على شكل هوسة اعگيلية كما سنرى لاحقا.
    وبالعودة إلى جاسم الشواي في كتابه السابق في صفحة 72 يتحدث عن الإبوذية فيقول في
    معرض نقده على الكاتب البناء مجيد لطيف القيسي:

    (إنَّ إرجاعَ المؤلفِ الإبوذيةَ إلى وزن النَصّاري غير مقبول، لأن المؤلف عَرَّف النصاري بأنه من
    الأوزان الشعبية العراقية القديمة إنتشر في القرن التاسع عشر الميلادي كوزن منبري وابتكره الشيخ علي بن نصار المتوفى سنة 1292 هجري ونَظَمه في ملحمة الطف كما جاء في كتابه (النصّاريات).
    في حين يؤكد المؤلف قِدَمَ الإبوذية إلى ثلاثة قرون من الزمن فكيف يعود وزنُها إلى النصاري حديث
    الابتكار).
    فأقول ردا على ذلك: إنَّ الإبوذية والنصاري كلاهما ينظمان على الوافر، لكن الإبوذية لها قالبها الخاص
    ولها جناسات وتنتهي بياء وهاء كما هو معروف.
    أمَّا النصّاري فَيُنْظَم على شكل قصائد بلا جناسات وكثيرا ما يكون مقفى في الصدر والعجز. فلا فرق
    بين مَنْ سبق مَنْ النوعين لأنهما في الحقيقة مِن وزن واحد، وإنْ اختلفا شكلا. ولو أنَّ الشواي راجع أمثلة القيسي التي أتى بها في نهاية الكتاب لاتضح له ذلك.
    ومن أمثلة النصاري لعريان:

    أحِن لِمْسَامَرَك وَلْگَاْكْ شَلْگَاك
    شَرِي الْمَعْشَر حَلاوَة شُوْگ مَا بِيْك
    يُمُر صَيْفَك صَبُر وَاتْنَطَّر إشْتَاك
    تِبِيْعَك عِزِّتَك وِبْذِلِّتِي اَشْرِيْك

    وكما هو واضح من تقطيعه فإنَّه إبوذية لا يقبل الشك:

    أحِن لِمْسَامَرَك وَلْگَاْكَ شَلْگاكْ
    تقطيعه أحِنْ لِمْ سَاْ - مَرَكْ وَلْ گَاْ - كَشَلْ گَاكْ
    تفعيلاته مَفَا عِيْ لُنْ - مَفَا عِيْ لُنْ - فَعُوْ لانْ
    موزون من الوافر العروض مذالة (فَعُوْلانْ)،
    بتحريك كاف ( وَلْگَاْكْ) لالتقاء الساكنين لغرض الوزن.

    وفي صفحة 84 من الكتاب نفسه يعود الكاتب الشواي إلى ذكر النصاري ليقول ما يلي:
    (إنَّ نسبةَ النصاري إلى بحر الوافر ليست أكيدة).
    ويورد هذه الأمثلة كدليل على صحة استنتاجه فيقول الوافر بالفصيح:

    هِي الْدُّنْيَا إذَا كَمُلَت
    وَتَمَّ سُرُوْرُهَا خَلُدَت
    وهذا المثال من النصاري:
    مِن حَيْث الْبَشَر أجْنَاس وَشْكَال
    تَوْحِيْدَه صَعُب يَاگلُب وِمْحَال

    وتعليقا على ذلك أقول:إنَّ مثال الفصيح الذي أورده الكاتب ليس من الوافر
    التام وإنَّما من مجزوء الوافر أي بتفعيلتين فقط.

    وتقطيعه هِيَدْ دُنْيَاْ - إذَاْكَمُلَتْ
    وتفعيلاته مَفَاْ عِيْ لُنْ - مُفَا عَلَتُنْ

    وامّا الوافر التام فإنَّه مكون من ثلاثة تفعيلات
    متشابهة في الشطر الواحد هي في الأصل كلها (مُفَاعَلَتُنْ) فيكون البحر كله هكذا:

    مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُنمُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُنْ
    لكن أيا من شعراء العرب لم ينظم على هذا البحر بتمامه، بل يأتي مجزوء أي بحذف تفعيلته الثالثة
    فيصبح كل شطر بتفعيلتين:

    مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُنْ
    وتدخل على تفعيلته الأخيرة علّة (القطف) إذا كان تاما فتقطع السبب الخفيف في آخرها- تُنْ- فيصبح شكلهُ:
    مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلُمُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلُ
    ثم تُسكّن اللام الأخيرة في كل شطر (بالعَصْبِ) فتصبح مُفَاعِل وتنقل إلى فََعُوْلُن لأنها على نفس
    وزنها فيصبح شكل البيت هكذا:

    مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن فَعوْلُن مُفَاعَلَتُن مُفَاعَلَتُن فَعوْلُنْ
    وكثير من القصائد نُظمت على هذا الوزن منها للمتنبي:

    بِغَيْرِكَ رَاعِيَاً عَبَثَ الذِئَابُ
    وَغَيْرَكَ صَارِمَاً ثَلَمَ الضِرابُ
    وَتَملِكُ أَنفُسَ الثَقَلَينِ طُرّاً
    فَكَيفَ تَحوزُ أَنفُسَها كِلابُ

    كما يمكن أنْ يدخل (العصب) على أي من تفعيلتيه الباقيتين في كل شطر فيغيرها إلى مَفَاعِيْلُن بحيث يمكن أنْ يأتي البيت كله أحيانا على شكل:

    مَفَاعِيْلُن مَفَاعِيْلُن فَعوْلُن مَفَاعِيْلُن مَفَاعِيْلُن فَعوْلُنْ
    كما هو الحال في الإبوذية، ومثاله في الفصيح للمتنبي:
    سَقَاني اللَهُ قَبلَ المَوتِ يَوماً
    دَمَ الأَعداءِ مِن جَوفِ الجُروحِ

    وهذا هو الشكل الأخير الذي تنظم عليه الإبوذية والنصّاري.
    فالنصاري على هذا التوضيح يكون من الوافر بلا
    أدنى شك.
    والبيت الشعبي الذي أورده الشواي هو على نفس هذا الوزن وكما يلي فالشطر الأول:
    تقطيعهمِنْ حَيْ ثِلْ - بَشَرْ أجْ نَا - سِوَشْ كَالْ
    تفعيلاته مَفْ عُوْ لُنْ - مَفَا عِيْ لُنْ - فَـعوْ لانْ
    والشطر الثاني:
    تقطيعه تَوْ حِيْ دَهْ - صَعُبْ يَا گَلْ - بِـوِمْ حَالْ
    تفعيلاته مَفْ عُوْ لُنْ - مَفَا عِيْ لُنْ - فَـعوْ لانْ
    حيث أتت التفعيلة الأولى في الشطرين مخرومة (فَاعِيْلُنْ) وتقلب إلى (مَفْعُولُنْ), والتفعيلة الأخيرة في كليهما مذالة (فَعوْلانْ) بدلا من (فَعوْلُنْ), وهما من الزحافات التي تدخل على تفعيلات هذا البحر.
    ويبدو أنَّ الشواي لا يعرف هذه التفاصيل، ولو عرفها لما وقع في هذا الإشكال.
    وقد كرره أكثر من مرة في كتابه أثناء انتقاده البناء القيسي في موضوع الأوزان الشعبية.
    وكذلك يقع الشواي في شبهة أخرى عندما يتحدث في صفحة 75 عن التجليبة ويقول: (إنها ليست من الهزج). حيث يورد المثال التالي عن الهزج في الفصيح:

    أدِر لِي خمْرَةَ الْرِّيْقِ
    وَخَالِف كُلَّ زِنْدِيْقِ

    ثم يورد البيت التالي من الشعبي كمثال للتجليبة:

    لِعِد جِسْر الْرِصَافَه رِحِت عَصْرِيَّه
    أسْتَنْشِغ نُسَيْمَات الْهوَى الْعِذْرِيَّه

    ومن المثالين يستنتج الشواي أنَّ التجليبة ليست من الهزج.
    وتعليقا على قوله أقول:
    إنَّ بيت الفصيح وبيت التجليبة اللذين أوردهما كلاهما من الهزج.
    إلا أنَّ الفصيح ينظم عادة على مجزوء الهزج أي بتفعيلتين هما (مَفَاعيلُن مَفَاعيلُن) بينما تنظم التجليبة على بحر الهزج التام بتفعيلاته الثلاثة وهي (مَفَاعيلُن مَفَاعيلُن مَفَاعيلُن)
    وهذا الموضوع شرحته بالتفصيل في باب البحر الذي تنظم عليه الإبوذية.
    وجاء الشطر الثاني في بيت التجليبة الذي أورده الشواي غير موزون.
    وقد تحدث الشواي عن أوزان أخرى مثل النعي والطويل في الشعر الشعبي وكانت استنتاجاته عنها
    غير دقيقة ولولا الإطالة لتحدثت عنها جميعا.

    وفي كتابه (الفنون الشعرية غير المعربة) يتحدث الدكتور رضا محسن القريشي عن أوزان العتابة
    وهي من الوافر ويورد منها وزنين، ثم يذكر مثالا على كل وزن. فيقول في صفحة 28 من الكتاب
    ومن ذلك:
    (مَفَاْعِيْلُنْ مُفَاْعَلَتُنْ مَفَاْعِيْلُنْ).
    ويذكر البيت التالي:
    هَلِي شَالَوْا گطْعِ الْشَّام دَاوِيْن
    عَلَيْهُم لَصْبَغ إثْياب الْحِزِن دَاوِيْن
    يَدَمْعِي إتْگُوْل نَاعُوْرٍ بِدَاوِين
    إلْشِّتَا وِالْصَّيْف ما يَبْطَل نَمَا

    وتعليقا على قوله أبين ما يلي:
    أنَّ وزن الشطر الأول في البيت لا يستقيم إلا بإضافة حرف كحرف اللام مثلا قبل كلمة (گطْع) لتصبح
    (لِگَطْعِ). والشطر الثاني ليس على الوافر. لكن الشطر الثالث موزون من الوافر. أمَّا الرباط فمن
    بحر الرمل. وجميع الأشطر لم يأتِ أيٌ منها على الوزن الذي أورده الكاتب. وكما سأوضحه الآن:
    فالشطر الأول من الوافر بعد إضافة حرف اللام وعروضه مذالة (فَعُوْلانْ):

    التقطيع هَلِيْ شَا لَوْ - لِگَطْ عِشْ شَاْ - مِدَا وِيْنْ
    الوزن مَفَا عيْ لُنْ - مَفَـا عِيْ لُنْ - فَعوْ لانْ

    وإذا حذفنا اللام من كلمة لِگَطْع يصبح وزن الشطر: مَفَاْعِيْلُنْ مَفْعُوْلُنْ فَعُوْلانْ.
    أمَّا الشطر الثاني فوزنه (مَفَاعيْلُن مَفَاعيْلُن مَفَـاعِيْلانْ):

    وتقطيعه عَلَيْ هُمْ لَصْ - بَغِثْ يا بِلْ - حِزِنْ دَا وِيْنْ
    وتفعيلاته مَفَا عيْ لُنْ - مَفَا عيْ لُن - مَفَـا عِيْ لانْ
    فهو من الهزج التام عروضه مذالة. ويقال عنه (
    التجليبة) في الشعبي. والشطر الثالث موزون من الوافر بعروض مذالة مثل الشطر الأول:

    وتقطيعه يَدَمْ عِتْ گُوْ - لِنَا عُوْ رِنْ - بِدَا وِيْنْ
    وتفعيلاته مَفَا عيْ لُنْ - مَفَا عِيْ لُنْ - فَعُوْ لانْ
    وأما الرباط على وضعه الحالي:
    فتقطيعه إشْشِ تَاْ وِصْ - صَيْفِ ماْ يَبْ - طَلْ نَمَاْ
    وتفعيلاته فَـاعِ لا تُنْ - فَـاعِ لا تُنْ - فَا علُنْ
    وهو من بحر الرمل.
    فهذا البيت جاء كل شطر منه على بحر مختلف. ولم ينطبق الوزن الذي أورده الكاتب على أي من أشطر البيت كما أوضحته بالتقطيع والتفعيلات. فكيف تحقق الكاتب من الوزن الذي ذكره لبيت العتابة هذا.
    ثم يورد الدكتور رضا القريشي في صفحة 29 وزنا آخر للعتابة وهو:

    (مُفَاْعَلَتُنْ مَفَاْعِيْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ).
    ويأتي بالبيت التالي كمثال عليه:
    هَلِي إكْبَارِ الْمَنَاسِف مِنْـدَلَلْهُم
    وِدَرْبِ الْكَرَم سَابِچ مِنْدَلَلْهُم
    گِرُوْم الْنَّاسِ تِشْرَب مِنـدَلَلْهُم
    هَلِي بِلْكَوْن عَيِّيْن الْطِلاب

    والبيت من الوافر وحسب تقطيع أشطره كالتالي:

    هَلِكْبَارِلْ مَنَاسِف مِنْـ دَلَلْهُم (مفاعيلن مفاعيلن فعولن)
    اوِدَرْبِلْ كَرَمْ سَابِچ مِنْ دلَلْهُم ( مفعولن فَعِلُ مفاعيلن فعولن)
    گِرُوْم الْنا سِتِشْرَبمِنـ دَلَلْهُم (مفاعيلن مفاعيلن فعولن)
    هَلِي بِلْكَوْ نعَيِّيْنطْ طلاب (مفاعيلن مفاعيلن فعولْ)

    ونلاحظ أنَّ أيا من أشطر البيت لم يأتِ وزنه على التفعيلات التي ذكرها الدكتور القريشي، علما ان
    الشطر الثاني غير موزون.
    ولا أستبعد أنْ يكون الكاتب قد أورد الموضوع كلَّه من مصدر غير دقيق فنقله كما هو دون التأكد من
    صحته. وربما دون أنْ يطَّلع الكاتب على علم العروض ليتأكد من وزن البيت.
    خصوصا أنَّ البيت السابق بصيغته التي ذكرها الكاتب غير موزون أيضا كما تم إيضاحه.

    وفي سياق النقد الأدبي يقول عامر رشيد السامرائي في كتابه (مباحث في الأدب الشعبي) أثناء نقده لأحد أبيات العتابة:

    أَرِيْد اَبْچِي عَلَى رُوْحِي وَنَـاحَي
    إبْعَيْني حِلْيَت الدِّنْيَا وَنَاحَي
    صِدِيْج الْمَا نِشَد عَنيّ ِوَنَـاحَي
    مَرِيَدَه يَوْم رَدَّات التِّرَاب

    فيقول: (فعبارة وناحي في الشطر الأول أصلها وأنوح وفي الشطر الثاني نواحيها غير أنَّ الأصل
    غُيَّر كما ترى). وقد تطرق إلى هذا البيت وغيره في تعداد أمور اختلاف الشعبي عن الفصيح حيث يقول في النقطة الثالثة منه:
    يمتاز الأدب الشعبي أيضا بالخروج على ما الِفَتْه العامة في كلامها إذ نجد هناك تحويرا في اللفظة
    الواحدة او تغييرا في تركيب العبارة من تقديم وتأخير في الألفاظ او حذف او إضافة بعض
    الحروف إلى اصل الكلمة ويكثر ذلك في الشعر.
    وفي تعرضه إلى هذا البيت أيضا:

    إحْنَا مِن عَلِي يَزْهَر سِمَانَا
    إوْ يِنْفِث عَالْكُفُر دَايِم سَمَانَا
    وَرى الأفْقِ إتْاَفَل شَمْسَه سَمَانَا
    وَبَدْ مَتْغِيْب شَمْسِ الْحَيْدَرِيَّه

    فيقولُ: (فسمانا في الشطر الأول أصلها (اسِمْنَا) وفي الثاني (سِمْ) وفي الثالث (سَمَائنا). غير أنَّ تلك الأصول جرى عليها التغيير الذي رأيت بل قد تَتَغَيّر اللفظة إلى حد يصعب معه فهم المعنى بيسر وقد يحتاج القارئ إلى وقت غير قليل وجهد كثير للعثور على أصل اللفظة بعد أنْ يعثر على ما أضيف إليها او حُذف منها او ادغم فيها من حروف).

    والسامرائي محق في تحليله هذا لأنه قرأ الجناس هكذا: (سَمَانا) ولم يقرأه هكذا (سِمَلْنَا)، وعندها
    يكون معنى الجناس الأول هو (سِمَه الْنَا) أي علامة. والجناس الثاني هو (سمٌّ) لنا وهو السُّم القاتل، والثالث سِمَا الْنَا وهي السَّماء كما هو واضح. وهذه إحدى مشاكل اللفظة العامية التي يمكن أنْ تُقرأ بعدة وجوه إلا إذا استعملت معها الحركات كما في اللغة الفصحى.

    وإذا كان الأستاذ عامر رشيد لم يزعج أحدا بتحليله الذي اعتبر فيه تغيير المفردات وحرفها عن معانيها وألفاظها صفة ملازمة للشعر الشعبي رغم اعترافه بما يُلحِقه ذلك من صعوبة في الفهم وجعل الإبوذية مؤلفة من طلاسم واحجيات لا يفهمها إلا مَن يرحل بعيدا في عالم الخيال ليحذف حرفا او يضيف آخر او يحل مدغما او يشدد او يزيل التشديد من حرف آخر، ولم يحسب ذلك عيبا واضحا في البيت او تركيب جناساته رغم خروجها على مفردات اللهجة العامية التي لها قواعد كما لها مفردات وضعت لتعني مسمّيات بأسمائها، فإنَّنا في جانب آخر نجد كتّابا ينتقدون جناسات الإبوذية والكلمات التي تتعرض إلى التحريف الذي لا داعي له فيشوِّه بذلك المفردات ويأتي بها غريبة عن اللهجة العامية كما يذكر منصور الحلو في كتاب (صور عراقية ملونة) وهو يشرح هذا البيت:

    إبْلِيَالِي إجْفَاك مَا تِدْرِي مَنَاحَي
    عَلِيْك أَتْحَزَّم إوْ اَنْصُب مَنَاحَي
    إبْشُوْگَك لا تِگُوْلِش حَي مَنَاحَي
    إعْرَاز اَمْشِي إعْلَى چَيْد الْعِذَل بِيَّه

    وبعد شرحه لمعاني الكلمات ومعاني الأشطر واحدا بعد الآخر ينتقل الكاتب إلى جناس الشطر الثاني فيقول: (مَنَاحِيْ تحريف للكلمة مَنَاحَه، وقد اعترضت كثيرا على هذا التحريف الذي لا مبرر له
    ولكن بلا جدوى ويبدو انه عرف سار عليه الشعراء الشعبيون). وقد أصاب بنقده الهدف فإذا كان الشاعر يقصد جمع (مَنَاحَه) فليس هذا جمعها، وإذا قصد بها (مَنَاحَتي) أي ينسبها إلى نفسه فإنَّ مناحي لا تعني مناحتي أيضا.
    إنَّ الشاعر الجيد هو الذي يحدثنا بحديث نفهمه مشافهة كما نفهم محدثنا العادي بالحديث اليومي
    الذي نتداوله. أمَّا أنْ يتركنا نضرب أخماسا بأسداس فهذا ليس من الشعر بشيء بل هو اقرب إلى (
    الحوازير) التي يتبارى بها الناس فيما بينهم. ولقد أورد الأستاذ السامرائي بين دفتي كتابه أمثلة أخرى واضحة في جناساتها وقد كُتبَت بنفس الكلمات التي نتداولها يوميا. وهذا ما يؤكد عليه علماء الفصاحة والبلاغة في أساليب الشعر والنثر.

    ويقول ابن الأثير الكاتب في كتابه (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) ما نصه (وإذا نظرنا إلى
    كتاب الله تعالى الذي هو أفصح الكلام وجدناه سهلا سلسا وما تضمنه من الكلمات الغريبة يسير جدا، هذا وقد أنزل في زمن العرب العرباء وألفاظه كلها من أسهل الألفاظ وأقربها استعمالا وكفى به قدوة في هذا الباب حيث قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أنزَلَ اللهُ في التوراةِ ولا في الإنجيل مِثْلَ أمِّ القرآنِ وَهِيَ السَّبْعُ المثاني) يريد بذلك فاتحة الكتاب، وإذا نظرنا إلى ما اشتملت عليه من الألفاظ وجدناها سهلة قريبة المآخذ يفهمها كل أحد حتى صبيان المكاتب وعوام السَّوَقة وإنْ لم يفهموا ما تحتها من أسرار الفصاحة والبلاغة فإنَّ أحسن الكلام ما عرف الخاصة فضله وفهم العامة معناه. وهكذا فلتكن الألفاظ المستعملة في سهولة فهمها وقرب معانيها). وهذا الكلام ينطبق على اللهجة العامية أيضا.
    والشاعر كاظم السلامي في كتابه (صور بلاغية في الشعر الشعبي العراقي)، لم يتحدث لنا إلا عن
    أشعاره التي نظمها في فنون مختلفة من الشعر الشعبي وقام هو شخصيا بنقدها فجاء كتابه مخالفا لعنوانه، إلا إذا اعتبر نفسه ممثلا للشعر الشعبي في العراق وإنَّ بلاغته في أبياته وقصائده هي البلاغة المقصودة في الشعر الشعبي العراقي.

    ولو انه سمَّى كتابه (البلاغة في شعر كاظم السلامي) لكان العنوان أقرب إلى المضمون. ورغم
    ذلك يقول الأستاذ عباس كاظم مراد الذي قَدّم للكاتب .....

    التكملة في الجزء الخامس

    دكتور هاشم الفريجي


+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك