برشلونة في ميدان التحرير
مقالة نشرتها وكالة أنباء المستقبل للصحافة والنشر (ومع)
كاظم فنجان الحمامي
توالت ردود الأفعال العالمية تجاه الثورة المصرية البيضاء, وانطلقت مواقف الدعم والتأييد, ومشاعر المواساة من كل حدب وصوب تضامنا مع شهداء ميدان التحرير, وتضامنا مع عوائلهم المنكوبة, وجاءت هذه المرة من ملعب (المولينون) في قلب الأندلس, حيث وقف لاعبو (برشلونة), ولاعبو (سبورتنج خيخون) دقيقة واحدة حدادا قبل بدء المباراة, ليحيوا شهداء الثورة المصرية, التي اندلعت من ميدان التحرير في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني), وانتهت برحيل محمد حسني مبارك, وإزالته من منصبه.
وقف جميع من في الملعب تكريما للأرواح الزكية, التي سقطت ظلما وعدوانا بسلاح كلاب السلطات الجائرة, واهتزت أركان الملعب بالهتافات الحماسية لمصر ولشعب مصر, بينما تخلف لاعبو المنتخب المصري الوطني عن المشاركة في ملحمة ميدان التحرير, وحدث ما لم يكن بالحسبان عندما اندفع حسن شحاتة وكتيبته الموالية للنظام المباركي, واصطف مع الحشود المشفرة, التي خرجت في أربعاء الخيول والبغال, فارتكب اللاعبون الموالون للنظام هفوات جسيمة في حق أنفسهم, وأساءوا إلى تاريخهم الرياضي, وسجلهم الوطني, حينما رفضوا الانضمام للأغلبية المسحوقة, فلم يلبوا نداء الجماهير الثائرة, ولم يصطفوا مع الأحرار الذين كانوا وراء انتصاراتهم في الملاعب, والذين حملوهم على الأعناق, وهيئوا لهم الدعم الشعبي اللامحدود, والتشجيع المتواصل في السراء والضراء.
لقد راهن بعضهم على بغال السلطة وأبقارها, التي فرت مذعورة لا تلوي على شيء, وسقطت في كبوتها الأخيرة, بعد أن خارت قواها على صخرة الصمود والتحدي عند مشارف ميدان التحرير, فخسروا الرهان وخابت آمالهم, وفقدوا احترام الناس.
لم يكن شهداء مصر بحاجة إلى مواقف المتخاذلين والمتواطئين مع أذناب السلطان المستبدة, فقد وقف معهم كل الشرفاء في كوكب الأرض بخطوطها الطولية والعرضية, وأعلنوا تضامنهم وتخندقهم مع صقور ميدان التحرير, وحملت لنا رياح الأندلس أنباء المبادرة الكريمة لأبناء برشلونة واشبيلية وبلد الوليد الذين تعالت صيحاتهم في ملعب (المولينون), أو الموالون باللغة العربية, الذين كان ولائهم لصوت الحق ونداء العدل أقوى من ولاءات اللاهثين وراء الأمجاد الكروية الزائفة, فحملت لنا الأنباء من اسبانيا مواقف الربوع الأندلسية الدافئة, وعبرت عن حزنها على شهداء مصر في ميادين الشرف والإباء والتحدي