السلام على الحسين وعلى علي أبن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحياة البرزخية في القرآن
إذا كانت حالة الاحتضار نهاية النشأة الأُولى وبداية النشأة الثانية ، فالتكفين والصلاة على الميت والتدفين في القبر ، هو المنزل الثاني من النشأة الثانية ، وهو منزل ضيق للغاية ، ولعل الإنسان لا أُنس له بهذا النوع من المنازل ، وتنقطع صلته عن الحياة الدنيويّة إذا وُري جثمانه الثرى ، وهذا أمر ملموس ، يشير إليه قوله سبحانه : ( ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) (1).
ولكن في بطن هذا المنزل من تلك النشأة ، عالم فسيح يحيا فيه الإنسان لا بهذا البدن المقبور ، بل ببدن يناسب تلك النشأة ، وهو البدن المثالي الذي له آثار المادة وإن تجرّد عنها ، وهذا ما يعبر عنه بعالم البرزخ ، وقد صرح به الذكر الحكيم ، يقول تعالى : ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَومِ يُبْعَثُون ) (2) ، فقوله : ( وَمِنْ وَرائِهِمْ ) بمعنى أمامهم لا بمعنى خلفهم ، بشهادة قوله سبحانه : ( وَكانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً ) (3)
في عالم البرزخ ، والثاني هو الإحياء بعد نفخ الصور. يقول سبحانه : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُون ). (1)
ولأجل إعطاء صورة واضحة عن طبيعة الإماتتين والإحياءين ، نقول :
الإماتة الأُولى عند حلول أجله القطعي.
والإماتة الثانية عند نفخ الصور الأوّل.
والإحياء الأوّل بعد الموت وانتقاله إلى النشأة الأُخرى.
والإحياء الثاني عند نفخ الصور الثاني.
وبهذا يعلم وجود الحياة البرزخية بين النشأة الأُولى وقيام الساعة.
مفاهيم القرآن
العلاّمة جعفر السبحاني
منقول