التنافس الايجابي .. نعم
إن الإسلام يعتبر التنافس البناء من أجل زينة الحياة الدنيا، عاملا أساسيا في عمارة الأرض. فلولا التنافس على بناء البيوت وإنشاء المصانع وتطوير التجارة، لم تنشأ مدنية أو حضارة.
ولو اكتفى كل انسان برغيف خبز يأكله، وقطعة ثوب يلبسها، ورقعة أرض يسكنها، فهل كانت تُبنى هذه القصور والعمارات، وتلك المصانع والمؤسسات؟
ولو لم يكن التنافس في تحدي مجتمع لمجتمع آخر، لم تتسابق المجتمعات نحو الإبداع والإبتكارات والصناعات.
ولو لم يكن التنافس بين أبناء المجتمع لم يرهق الناس أنفسهم في المزيد من العمل، ولركنوا إلى القعود والكسل، ولكن التنافس هو الذي يدفعهم إلى مواصلة الليل بالنهار، والكدح في سبيل الحصول على المال والثروة والتكاثر فيها.
وقوانين الإسلام في الملكية الفردية، تدفع الناس إلى التنافس البنّاء لعمارة الأرض وإصلاحها، لأن غريزة التملك عند الإنسان من أقوى الغرائز التي تدفع إلى العمل والإبداع.
ولقد حاولت النظرية الشيوعية - التي لم تطبق حتى الآن في العالم بالرغم من المحاولات العديدة التي بذلت في هذا الشأن، بل وسيقت إلى متحف النظريات بعد سقوط الإتحاد السوفياتي - حاولت أن تجرب إلغاء نزعة الملكية الفردية عن الشعب في الإتحاد السوفياتي - سابقاً - فكانت النتيجة أن انعدم الحماس للعمل عند الأفراد. ولكنهم بعد أن أعادوا جزئيا فكرة التملك عن طريق منح امتيازات مادية ومعنوية لمن يعمل أكثر، وجدوا أن النشاط قد دب في الناس، وبدؤوا يعملون.
إذن الملكية الفردية بحدودها المشروعة يؤمن بها الإسلام، ويؤكد عليها. بل إن ملكية الإنسان لأمواله تمتد إلى ما بعد وفاته، وذلك عن طريق الإرث والوصايا. لأن الإنسان إذا عرف بأنه سوف يفعل في أمواله ما يشاء في حياته وبعد مماته، فإنه يشعر بالإطمئنان تجاه هذا الجهد المركز الذي نسميه بالمال.
وعندما يقول الإسلام بأن حرمة أموال الآخرين كحرمة أنفسهم، فإنه يشدد بذلك على احترام الملكية الفردية، لأن ذلك في الواقع هو إحترام للإنسان نفسه، فالمال إنما هو جهد مدّخر، وحينما لا تحترم جهد أحد فكأنك لا تحترمه شخصيا. ومن هنا يأتي موقف الإسلام الحاسم تجاه المال.
اسم الكتاب: المجتمع الاسلامي - الجزء الاول - قيم التقدم في المجتمع الاسلامي
المؤلف: آية الله العظمى السيدمحمد تقي المدرسي