بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد سيد المرسلين , وخاتم النبيين , وحجة رب العالمين , المنتجب في الميثاق ,المطهر من كل عيب المؤمل للنجاة المرتجى للشفاعة المفوض اليه دين الله ,وصلي على أهل بيته الذين خلقتهم هدات على نهجه برره كرام لاتأخذهم في الله لومة لائم , صلاة دائمة بدوامك ربي لا أنقطاع لها
بسم الله الرحمن الرحيم
تلك الدار الأخرةُ نجعلها للذين لايريدون عُلواً في الأرض ولافساداً والعاقبةُ للمتقين ) .
المتتبع للقرآن الكريم يجد ان هناك مجموعة من الآيات نهت الأنسان عن التعالي والفساد وسبب تكرار النهي عن هذه الصفاة لخروج الأنسان المتخذ لها من صفت الأنسانية , فالتعالي مدعات لجر الأنسان الى الشعور بعدم أحتياجة لأحد لأنِ ِنفسه تجره الى الغرور فأن الأنسان كلما رفع نفسه درجه من الغرور وضعة الله درجة في أعين الناس فيصبح ذلك الشخص مكروه من الأخرين ينظرون له بعين صغيره كما قال أمير المؤمنين علي سلام الله تعالى عليه ( المتكبر كالذي على جبل يرى الناس ضغارا ويرونه صغير )
نعم هو صغير في عين الناس وعين الباري والسبب لأنه أكتسب صفه ليست له بل هيه من صفات الخالق سبحانه لأنه الوحيد الذي يمتلك كل شيئ وبيده كل شيئ ويعيش عليه كل شيئ , لا ذلك العبد البائس الذي لايملك لنفسه النفع ولايدفع عنها ضرا , مانحن الا أناس ضعفاء لاحول لنا ولاقوه , ترى أحدنا يبكي بكاء الأطفال من وجع ضرس أو المة به مصيبة , ولو أخذنا ذلك الأنسان المتعالي فوضعنا في صحراء وحيدا ليس له أنيس ولا ماء ولا طعام ماذا سيفعل سيشعر أنه مخلوق ضعيف هالك لامحالة وأن أعطيته قليل من الطعام والماء على أن يعمل عمل الحيوانات لفعل بلا تردد , فلماذا هذا التعالي والأنفة وتقمص صفة ليست له حري بالأنسان العاقل أن ينظر الى الحياة نظره الضعيف , فأن هذه دنيا دنيه لاتسمن ولاتغني من جوع فهي خداعة مكاره ترشد أهلها الى غير سبيل الرشاد ونحن أناس ليس لنا حول ولاقوة تسحبنا الدنيا كيف شائت تريد بنا سبل الهلاك والسقوط لأن الدنيا ورائها الشيطان الذي لايكف عن الوقيعة بنا لذلك حذرنا الله سبحانه وجعل لنا نوراً نهتدي به لكي لايكون لنا حجة عليه يوم القيامه , فجعل لنا القرآن وعرفه لنا ووضع لنا فيه الخارطة الصحيحة للمسير في هذه الحياة كي لانزل ولانخزى يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعة , وجعل له تراجمة وحمله وهم الرسول الأكرم صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام لأن الله لم يخلق الحياة عبثاً ولا لعباً حاشا تقدسة الائه بل جعل لنا فيها قوانين ودستور نسير عليه فالضال الذي لايعطي كل شيئ حقة ويسير على هوى نفسه الأماره بالسوء , وقد أنتدب لنا خير أناس وخير خليقة جمع لهم الله الصفات الكاملة للأنسان السوي الأنسان الذي يعلم ماله وما عليه , أخلاق عاليه ونيات سليمه وقلوب مطمئنه وعقول راسخة يعمل أحدهم العمل الخير ولايريد منه الا مرضاته سبحانه لاتأخذهم في الله لومة لائم , عباد حقيقيين من غير رياء وعمل بجهد من دون تكليف يجتهدون لطاعة الله تعالى ويعملون بما يأمر يتوكلون عليه وحده في كل شيئ , يعرفون الحق فيرشدون اليه ويعرفون الباطل فيحُذرون منه , جعلهم الله لنا أماناً من الفتنة ومصابيح في ليل الظلمة نهتدي بهم في الظلام ونهرع اليهم في كل حين ونتعلم منهم الأخلاق الحميدة ,
فهذا أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) يروى أنه في أحدى سفراته الى الكوفه صاحبه في سفره أحد الأشخاص , وفي الطريق سأله عن أسمه ومكان سكناه ودينه فقال الأعرابي : أنا فلان أسكن في القرية الفلانية القريبة من الكوفه وأنا يهودي .
فقال له أمير المؤمنين سلام الله عليه : وأنا عربي مسلم وأسكن الكوفه ,
فأخذا يتحدثان أثناء السفر في عدد من المواضيع حتى وصلا الى مفترق الطرق حيث يذهب أمير المؤمنين الى الكوفه بينما يتوجه اليهودي الى الطريق الأخر المؤدي الى قريته , لكن أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يتوجه الى طريق الكوفه بل أستمر مع اليهودي في طريقة الى قريته , فلما أنتبه اليهودي الى ذلك سأل أمير المؤمنين : ألم تقل بأنك ذاهب الى الكوفة فلمذا لم تأخذ الطريق المؤدي إليها ؟ ألم تنتبه الى ذلك ؟ قال أمير المؤمنين روحي له الفداء , بل أنتبهت الى الطريق المؤدي الى الكوفة , لكنني أرغب أن اودعك قليلاً في الطريق الذي تسلكها الى قريتك وخاصة وأنت رفيق سفري , ذلك حق الصحبة علي : فتعجب اليهودي من أخلاق أمير المؤمنين فسأله : هل هذه ميزه من أخلاقك الشخصية أم أنها واجب يحتمه عليك دينك ؟ وهل أن مراعات مثل هذه الحقوق يرتبط بتعاليم دينك ؟
فقال عليه السلام : إنه سلوك شخصي وديني .
فأطرق اليهودي مفكراً : ماهذا الدين الذي يرعى حقوق الأخرين الى هذه الدرجة من الممارسات الأخلاقية العليا, ثم ذهب كل الى طريقة .
وفي اليوم التالي جاء اليهودي الى مدينة الكوفة فوجد ذلك الأعرابي وقد تجمع حوله عدد كبير من الناس وهم يقدمون له كل الإحترام والتبجيل والتقدير فسأل أحد الناس الواقفين الى جانبه : من يكون ذلك الشخص ؟ فقال له أنه خليفة المسلمين علي أبن أبي طالب عليه السلام , أطرق اليهودي وفكر طويلاً وقال في نفسه : إن هذا السيد هوأمير المؤمنين وخليفة المسلمين وقد أبدا تواضعا كبيرا معي يوم أمس .فعند ذلك أدخل الله تعالى الهدايه الى قلبه فأنكب على يدي وقدمي أمير المؤمنين يقبلهما وأسلم على يديه وأصبح من خلص شيعته .
هذه أخلاق أمامنا وقدوتنا وشفيعنا هذا علي عليه السلام الذي عطر التأريخ بسيرته وعجزت الأقلام عن الكتابه في شخصيته فهو القوي الأمين أمام المتقين الذي له قوة الثقلين قالع باب خيبر ترى في الليل دموعة تسيل على خديه يتمسح جدران البيت يناجي ربه ربي كيف تغمض عيناي ولا اعرف أنت راضاً عني أم معرض اللهم هل أنا من البائسين أم من السعداء , يقضي أكثر الليل هكذا الى أن يغشى عليه ( روحي له الفداء ) .
هذا نموذج من جاه علي فكيف برسول الله صلى الله عليه واله مصباح الهدى .
روى أن الزهراء عليها السلام وأثناء أحتظار سيد الكائنات محمد بن عبد الله صلاة الله وسلامه عليه وعلى اله
سألته أبتاه أين ألقاك يوم القيامه ؟
فقال عليه السلام في الجنة .
فقالت سلام الله عليها ؟ وأن لم أجدك في الجنة
فقال سلام الله عليه : عند حوض الكوثر .
فقالت ؟ واذا لم أجدك عند حوض الكوثر .
فقال : عند الميزان .
فقالت ؟ وأن لم أجدك عند الميزان .
فقال : تجديني عند الصراط واقفاً أنادي رب العالمين : يارب سلم أمتي .
أننا عباد الله فرحين بهذه الأمنيات التي من الله بها علينا , أن يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلب من الخالق العلام أن تسلم أمتهُ من النار والعذاب .
أيها المؤمنون والمؤمنات أعملوا خيراً وعملاً صالحا حتى يشفع لكم محمد صلى الله عليه وسلم وعلي سلام الله عليه يوم المحشر , حيث أن الأعمال الصالحة خير وسيلة للشفاعة المحمدية .
فهناك بعض الأفراد تسود قلوبهم من الذنوب , فيخرج من الدنيا بغير أيمان ويستحق لعنة الباري عز وجل (مثل ذلك الرجل الذي لم يعمل صالحاً في حياته غير كل خبث ودنائه , فأتته المنية فطلب ولده الصغير لكي يوصي اليه أن يوصل ماكان عليه فجلس الصغير بجانبة وجائته سكرت الموت فأراد أن يتشهد في أخر رمق من حياته فقام الصغير فسد فمه أباه ) نعم هأولاء هم الذين لاتنالهم شفاعة محمد واله عليهم السلام .
نعم يجب أن نكون صالحين حتى ظهور المصلح العالمي فأن جميع مافي الأرض والزمان من الجن والأنس والملائكة والحيوانات والكائنات تحوم حول وجوده المبارك وتسير بمعيته ,ذلك أن حكومته هي الحكومه الألهيه المنتظره , أننا نقول وننادي جميعا : اللهم أرسل مصلح الدنيا والدين , ذلك الذي سيملاء الأرض قسطا وعدلا بعدما أنملأت ظلما وجورا .
فذلك أبا عبد الله الحسين عليه السلام أراد أثناء وقفته في الطف أن يمثل الحق والأخلاق الساميه والشجاعة وكل صفة عاليه تُكون الأنسان المؤمن يمثلها بشخصة عليه السلام , مقابل الشر والنائة وسوء الخلق في شخص أعدائه .
فترى يوم الطف جاء لأعدائه بكل حجه , عرفهم شخصة فقال لهم أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأني أعرفه بنفسي أنا الحُسين أبن علي أبن ابي طالب أمي فاطمة بنت رسول الله الذي قال في وفي أخي الحسن والحُسين سيدا سباب الجنه .فعرفوا وأقروا بمعرفته , فلم يتورعوا عن مقتله سلام الله تعالى عليه
وهو عليه السلام ينظر الى الدنيا نظرة من يعطي لامن يأخذ , ومن يضحي ويؤثر لامن يستأثر ويحتكر وكان ينشد ويردد قول من قال :
أذا جادت الدنيا عليك فجد بها .. على الناس طرا قبل أن تتفلت
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت .. ولاالبخل يبقيها إذا ماتولت
هذا هو مبداء الحسين عليه السلام حتى قتل عليه السلام مظلوماً مقهوراً مسلوباً عطشاناً ليس له ناصر يشكوا الى الله ماحل به وبعياله رحل عن الدنيا وهو لايريدها له بل يريد أن يصنع اناساً تمج الله وحده تعبده لاتشرك به طرفة عين فكان جزائه حز الرؤوس وسبي العيال ورض الجسم والدوران بالرئس الشريف من بلد الى بلد ومن مصر الى مصر بين أناس لايعرفون من الدنيا الازخرفها , فأنا لله وأنا اليه راجعون وأنما نشكوا بثنا وحزننا الى الله نحن شيعته ونعلم من الله مالايعلمون , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين
والصلاة والسلام على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
نسألكم الدعاء