سر خلق الكون من نور محمد
محمد ابن عبد الله لم تهد إليه النبوة على طبق من ذهب ولم يحمل ما ناءت بحمله الجبال عن صدفة او واقع حال
وانما كان بحمله لأمانة من الله عز وجل وما اختتم بها من رسالات السماء معجزة واقعيه وفك لأسرار خلق هذا الكون
من يعلم منا ومن لا يعلم أن الله عز وجل ابتدأ الخلق بنور محمد (صل الله عليه وعلى اله وسلم)
ومنه ولأجله خلق الكون والحياة والمعاد والآخرة والجنة والنار
فما لعظمة محمد ومكانته عند الله كي تدور حوله فلك الخلائق ويكون وسيله لتقرب كل الأنبياء والرسل من الله عز وجل على الرغم من عظم منزلتهم وعلو مكانتهم عند الله ؟
هل هو انتجاب مخير التغيير له من بين الخلق
أم هي معجزة في خلقه واختياره من باب كن فيكون
أم ان لمحمد روح وعقل قد سما بهما عن كل نقص وعيب فوصل بهما إلى العلياء وارتقى عن غيره لله ( دنى فتدلى فكان قاب قوسين او أدنى)
ومن هنا سأتطرق للحديث عن جانب من حياته (صلى الله عليه واله ) ألا وهو البلاء والمحن التي مرت به منذ ولادته وحتى مماته وكيف تعامل معها وطوعها كي يكون أحب خلق الله
لان الله اذا أحب عبد ابتلاه
ولمحمد كل الحب من ربه وكذالك أعظم البلاء مر به والصعاب التي لم تمر على نبي أو رسول من قبله
فكيف كان محمد يواجه تلك الويلات
وأحال منها إلى وسيله كي يقوم بها كمال خلقه
فنال العصمة في كل شئ عن استحقاق
فما مر به رسول الله (عليه وعلى اله الصلاة والسلام)
لم يمر به أي من الأنبياء فقد مر باليتم المتكرر فقد والده قبل الولادة وبعد ولادته فقد أمه وجدة عن صغر في العمر وكذا فقد أحبته ومقربيه
عمه وأبنائه وزوجته فيما بعد
فما كان منه الا التقرب لله وعزز بذالك إيمانه بأنه لا يدوم إلا وجه الله
وكل مخلوق مهما كان مقرب منه فهو الى دار الفناء زائل
وما ذاق من الفقر وقله المال فقد امتهن رعاية أغنام اهل مكه في صغره مما هيئا له وقت للانعزال عن الناس وفرصه كي يتأمل ويتدبر فيما خلقه الله حوله
وترك لعقله حرية السؤال عن من خلق هذا الكون وأبى على نفسه ان يتبع ما وجد عليه قبله فتكامل بذالك نضج تفكيره وإدراكه للأمور العميقة التي تدرس خلق الكون من حوله واما الفقر فقد اكتفى بأيسر الأمور مما يجلب له العفه والعزة وعدم إذلال النفس بغيه أمور ماديه فرضي بالقليل واقتنع ان الغنى غنا النفس والأخلاق فواصل تقويم نفسه بنفسه وبرعاية الله له فعرف بالصادق ألامين بين قومه وكانت له مكانة كبيرة نالها بسمو اخلاقه وعمق تفكيرة حتى جاءت إليه النبوة وبنزول الوحي اكتملت نبوته وعصمته التي نالها من قبل وعصمه كامله وفي كل الامور ولم تستثنى جانب دون اخر وهنا لم تنته معاناته عليه وعلى اله الصلاة والسلام
بل بدءت مرحله جديدة اصعب وأوسع فقد نال العداوة من اقرب الناس اليه اهله وعشيرته ونال منهم الكره والغدر لكن مارد به على من جاء يراوده عن رسالته والتخلي عن الأمانة الربانية الملقاة إليه كان دليل بعظمه النبي محمد وتكامل خلقه وكيانه وكل يعرف قوله الذي ألقاه على عمه ابي طالب ردا عليهم (والله ياعم لووضعوا الشمس عن يميني والقمر عن شمالي على أن اترك هذا الأمر ما تركته إلا أن يأذن الله به أو اهلك دونه )
اذن هو رد وقرار ان يواصل ماجاء به ومن لديه غير ذالك فليسعى لتغير نفسه لا محمد
من هنا انتهى مجال النقاشات والمفاوضات
فبدئت مرحله أخرى من أهل قريش ومكة وهي المكر والغدر والتأمر لإطفاء وهج الرسالة والنبوة
قامو بتعذيب أتباع دين محمد الجديد كي يؤلبوهم عن أتباع محمد ولم يكونوا يدركوا بعد إنهم يتبعون امر الله الذي جاء به محمد لهم لم يفلحوا ولن يفلحوا
حتى مع الحصار الذي فرضوه عليهم 3 سنين متتالية أضنى بها من اتبع محمد حتى امر الله بمعجزة له بأضعف خلق له كي تمحي اتفاقهم ومعاهداتهم الظالمة
وفي هذه الفترة التي كانت صعبه جدا علي سيدنا محمد (صل الله عليه واله) فيها فقد اقرب أحبته عمه ابو طالب سلام الله عليه الذي لازمه وساندة طول رسالته وزوجته سيدتنا خديجه سلام الله عليها التي اضناه المرض والأسى في هذه الفترة الصعبة
نال منهم ما نال ظلم قريش
فلم يجدو فكاك سوى
هجرتهم قسرا من مكه الى الحبشة ولم تنتهي قريش عن ايذائم لكن الله وفق المهاجرين بان وجدوا ملجئ أمنوا به حينا من الوقت حتى يأتي أمر الله بالتوجه الى المدينه المنورة (يثرب)
وهنا لم يجد القرشيين إلا التأمر مع بقيه العشائر لقتله كي يهدر دمه وهو الصادق الأمين
باءت بفشل وكان لابن عمه علي ابن أبي طالب (عليه السلام)
دور لا يخفى أو ينكر من بطولته الفريدة حينما بات في فراشه كي يوهم من تربص برسول الله صل الله عليه واله وسلم غدرا كي يقتله قبل هجرته إلى المدينة والعداوة والتهجير والحروب
والفتن
وطوال طريق هجرته اتبعه غدر ومكر المشركين بالله
واتبعته عين الله بالحفظ وتوالي معجزات الله له
(يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
حتى وصل مدينه يثرب التي سميت بالمدينة المنور بعد وصوله إليها
هنا انتقل إلى مرحله أخرى كون أسس دوله إسلام تتبع قواعد الدين التي يوصي بها الله عز وجل
فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلى متابعه ما بدئه
في تحمل الصعاب هنا انتقل الى مرحله الدفاع عن دوله المسلمين فانخرط إلى حروب وغزوات متتالية
شهد فيها إيذاء من البعض وخيانة وتخلي من بعض آخر
حتى نصرة الله برجوعه إلى مكه التي اخرج منها منتصرا بثباته ونصر أصحابه له من المؤمنين (الذين صدقوا ما عاهدوا الله به)
كل هذه الصعب والمحن ما كان لرسول الله عليه وعلى اله الصلاة والسلام
مطلبا أو طمعا غير وجه الله وناله باستحقاق
وغير ألرحمه والرأفة بذوي القربى الذي طالما كان يوصي بهم وان أجره من المؤمنين إيتاء ذي القربى حقهم
(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )
لكن بعد وفاته بدئت رحلة معاناة أخرى لأل بيته
وعلى نفس دربه ساروا والتزموا النهج وكأنهم ورثوا عنه توالي المحن والصعاب
وماكان منهم إلا الشكر والرضا
(اللهم خذ حتى ترضى)
وأخيرا والحياة أصبحت تنال منا وتتفنن في نزول البلاء علينا
وظلم الناس بعضهم لبعض
ماذا اعددنا لمواجهة الفتن التي تتلاحق على امتنا وديننا
ماذا اعددنا كي نحافظ علة ماجاء به سيد الكائنات
عامر في قلوبنا كي نرتقي أن نكون عباد لله
أليس لنا في رسوله أسوة حسنه
أليس لنا بأفعاله قدوة ومنهج نقتدي به
خيرا من مسالك وسبل الانحراف
محمد سر خلق هذا الكون
وهو بذاته يقول
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
فبالأخلاق ألمحمديه نرتقي إلى رضا الله في الدنيا والآخرة
فسلام عليك أبا القاسم محمد يوم خلقت ويوم ولدت ويوم بعثت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
سلام عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين
صلاة دائمة قائمه لا تفني ولا تنقطع موصوله لابتراء
اللهم صلي على محمد وال بيت محمد