طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كل داء... معجزة جديدة من تربة الحسين
حسن الهاشمي
طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كل داء.. معجزة جديدة من تربة الحسين
لقد منح الله تربة الإمام الحسين عليه السلام في مقابل تضحيته الكبرى واستشهاده في سبيل إحياء الدين والمناقب الإنسانية، معطيات وأحكاما خاصة بها نوردها في هذا البحث الذي يتناول خصوصيتها ومواردها ومدياتها المؤثرة في السجود للمصلي والإستشفاء للمريض، لما ورد بشأنها جم غفير من الروايات التي تؤكد على البركات الثاوية والرحمات المكنونة فيها، لعل الإنسان العادي لا يتفاعل إزاءها لما يتطلب من الإذعان والاعتقاد الذي لا يفارق المؤمنون العارفون لمنزلة الشهيد بكربلاء.
فتربة كربلاء الدامية التي تضمّ جسده الشريف مُلهمة للتضحية والعظمة، وتذكار لبذل النفس في سبيل القيم الإلهية، ولهذا فإنّ السجود على هذه التربة مستحب، وللذكر بمسبحة تلك التربة فضيلة عظيمة أيضا، وفيها شفاء للأمراض، ويستحب أيضا أن يوضع شيء منها مع الميت حين دفنه، أو تمزج مع الحنوط، كما وان للدفن في كربلاء ثواب، وفيه أمان من العذاب.
إن دم الحسين عليه السلام هو الذي أضفى هذه القدسية والكرامة على تربته، واستشهاد ثأر الله وتحلقه في سماء الحرية والبطولة والتضحية في سبيل الله، وستبقى تربة سيد الشهداء إلى يوم القيامة مزارا للعشاق والعرفاء والمخلصين ومنارا للأحرار.
اعلم إن الروايات في موضع أخذ التربة الحسينية لغرض الاستشفاء بها مختلفة، يستحسن أن نعرض لجانب منها قبل الخوض في البحث، وهذه الروايات مع حذف الأسانيد:
* قال الإمام الصادق عليه السلام: في طين قبر الحسين شفاء من كلّ داء وهو الدواء الأكبر. (من لا يحضره الفقيه 599:2، المزار للشيخ المفيد:143).
* وروي أن من جملة الفضائل الخاصة بالإمام الحسين عليه السلام هي أن: الشفاء في تربته ، والإجابة تحت قبته ، والأئمة من ذريته. (المناقب لابن شهراشوب 82:4) .
* عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال: (إن عند رأس الحسين عليه السلام لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء إلا السام) الحديث.
* عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: (قبر الحسين عليه السلام عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسَّراً روضة من رياض الجنة) الحديث.
* عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: (إن لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة، من عرفها واستجار بها أُجير، فقلت له: فصف لي موضعها جعلتُ فداك. قال: إمسح من موضع قبره اليوم خمسةً وعشرين ذراعاً من ناحية رأسه، وخمسة وعشرين ذراعاً من ناحية رجليه، وخمسة وعشرين ذراعاً من خلفه، وخمسة وعشرين ذراعاً مما يلي وجهه).
* وعنه عليه السلام: (يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعاً).
* وعنه عليه السلام: (حرم الحسين عليه السلام فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر).
* وعنه عليه السلام: (حريم قبر الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربع جوانب القبر).
* وعنه عليه السلام: (طين قبر الحسين عليه السلام فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل).
* قيل للصادق عليه السلام: (جعلت فداك، إني رأيتُ أصحابنا يأخذون من طين الحائر ليستشفوا به، هل في ذلك شيء مما يقولون من الشفاء؟ قال: يستشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال) الحديث.
* وعنه عليه السلام: (التربة من قبر الحسين بن علي عليه السلام عشرة أميال).
والتحقيق: تبعاً لغير واحد من الفقهاء (المتقدمين والمتأخرين): أنهم قد جوّزوا أخذ التربة من كل ما مرت إليه الإشارة في الأخبار المتقدمة، غير أن الوجه في هذه الأخبار هو ترتب هذه المواضع في الفضل، فالأقصى خمسة فراسخ، وأدناه من المشهد فرسخ، وأشرف الفرسخ خمسة وعشرون ذراعاً، وأشرف الخمس والعشرين ذراعاً عشرون ذراعاً، وأشرف العشرين ما شُرف به، وهو الجسد نفسه.
ويمكن التوفيق بين هذه الأخبار من جهة اعتماد ما ورد في أخبار أُخر تتضمن: أن حرم الحسين عليه السلام هو أرض كربلاء كلّها، كالحديث الذي جاء فيه عن علي بن الحسين عليه السلام في نداء كربلاء: (أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء) الحديث، فمع اعتماد هذه الجهة لا حاجة إلى تصحيح السند، ضرورة عدم خروج ما تتضمنه الأخبار المزبورة أعلاه عن أرض كربلاء المشرفة.
والعجب من غير واحدٍ من فقهائنا في الإعراض عن هذه الجهة، ونسبته (الاقتصار في الأخذ من التربة على القبر الشريف وما جاوره) إلى الشهرة! وأعجب منه ذكر الحائر في هذه المسألة ولزوم الأخذ منه بقاعدة (الاقتصار على المتيقن) مع أن هذه القاعدة مناسبة لمسألة التخيير بين القصر والإتمام في صلاة المسافر!
فالحكم فيها هو: أن القدر المتيقن في الحائر هو الحواشي القريبة إلى القبر مما حار فيه الماء بأمر المتوكل، ويدل عليه المناسبة اللفظية في كلمة حائر كما لا يخفى. والمشهور بين ساكني البقعة الشريفة أن الحائر: ما أحاطت به جدران الصحن المقدس.
لقد أفتى الفقهاء بتخيير المسافر بين التقصير والإتمام في الصلوات الرباعية في أربعة مواضع منها الحائر الحسيني، أي في المساحة التي تحيط بالمرقد الشريف من كل جانب بمقدار خمسة وعشرين ذراعاً ـ أي ما يقارب 5 / 11 متراً ـ ، وهذا المقدار هو الثابت والمتيقَّن.
ومما يدل على حصول اللبس بين المسألتين، ما قاله صاحب كتاب جنات الخلود : (أن من أسامي أرض كربلاء الحائر، وفي قدره خلاف، فبعض يعتقد أنه القبر، وآخر أنه خمسة وعشرون ذراعاً من كل جانب، وبرواية خمسة فراسخ من كل طرف منه: يتخير فيه المسافر بين القصر والإتمام، وإن لم يقصد إقامة عشرة أيام) إلى آخر كلامه.
أقول: هذا من باب اشتباه الحرم بالحائر كما عرفت، ولذا نوه السيد عبد الأعلى السبزواري قدس سره في المهذب بقوله: (وأما التحديدات الواردة في حد حرم الحسين عليه السلام، كما في خبر منصور بن العباس: أنه خمسة فراسخ من أربع جوانبه، وفي مرسل البصري: أنه فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر، فهي من جهة التبرك وأخذ التربة، ولا ربط لها بالمقام)، أي لا ربط لها بمسألة التخيير بين القصر والإتمام في الصلاة في الحائر المقدس.
والحاصل: أن تربة الحسين عليه السلام التي تؤخذ للأكل طلباً للاستشفاء هي كل ما صدق عليه اسم (التربة الحسينية). وهذا التطبيق يقتضي رفع التعارض الظاهر بين تلك الأخبار، وطيّها ضمن عنوان عام يدل عليه خبر علي بن الحسين عليه السلام المشار إليه و نحوه. وبالتالي: الحكم بإباحة أخذ التربة من جميع أرض كربلاء، مع مراعاة ترتيب الفضل.
وعلى الرغم من إن أكل التراب حرام، إلا أن تناول مقدار قليل من تربة الحسين بنيّة الاستشفاء جائز، بل مستحب وله حدوده وآدابه. (سفينة البحار122:1و463) .
*قال الإمام الرضا عليه السلام : كل طين حرام كالميتة والدم وما أهل لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين عليه السلام فانه شفاء من كلِّ داء. (نفس المصدر السابق ).
*وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كل داء، فإذا أخذته فقل: بسم الله اللهم أجعله رزقاً واسعاً وعلماً نافعاً وشفاءً من كل داء انك على كل شيء قدير.
*وأيضاً أنه قال: إن طين قبر الحسين عليه السلام مسكة مباركة، من أكله من شيعتنا كانت له شفاء من كل داء، ومن أكله من عدونا ذاب كما يذوب الالية، فإذا أكلت منه فقل: اللهم أسألك بحق الملك الذي قبضها وبحق النبي الذي خزنها وبحق الوصي الذي هو فيها أن تصلي على محمد وآل محمد وان تجعل لي فيه شفاءً من كل داء وعافية من كل بلاء وأماناً من كل خوف برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى اللهم على محمد وآله الطيبين، وتقول أيضاً: اللهم إني أشهد إن هذه التربة تربة وليك0 وأشهد أنها شفاء من كل داء وأمان من كل خوف لمن شئت من خلقك ولي برحمتك0 وأشهد إن كل ما قيل فيهم وفيها هو الحق من عندك وصدق المرسلون.
وهنا نورد شهادة الأخ المؤمن ( أبو زيد) بتاريخ 6/4/2009م، حيث أن زوجته وببركة تراب الحسين عليه السلام قد تماثلت للشفاء التام بعد أن أبتليت بمرض عضال دام زهاء السنتين مثلما تماثل الألوف من أمثالها ببركة تناولهم تربته الطاهرة منذ استشهاده عليه السلام لحد الآن، وكان مما ذكره: إن الشفاء الذي أودعه الله تعالى في تربة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام) لهو من الكرامات التي أعطاها الله تعالى له في الدنيا واختصها لعباده المؤمنين ( يعني من امنوا بالولاية لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام) ).
وقد توارثنا هذا الاعتقاد الجازم والأمر الثابت لأننا من الذين امنوا بولايتهم ورزقنا الله حبهم ونسأله أن يجعلنا الله من الذين يقتفون آثارهم ويتبعون سننهم.
لقد كنت مهاجرا أكثر من عشرين ونيفا من السنين خارج العراق ورجعت إلى بلدي أنا وعائلتي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد أصيبت زوجتي بالسرطان منذ حوالي أكثر من سنة وأجرينا لها عملية جراحية استئصالية وكما هو معروف أخذت جميع الجرعات الكيمياوية المخصصة لها وما فتئنا في تلك الحال ولحد الآن من مراقبة الحالة والمرض وبشكل مستمر عسى أن يكون المرض تحت السيطرة ولا ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسد وكنا نراقب المرض بحالة من الحذر والترقب، وقد وقع ما يحذر منه وظهرت غدة أخرى في احد الأحشاء بأبعاد 7.5×3.5 سم وقد أكدتها فحوص السونار والفحوص الأخرى، وقد قررنا أنا وزوجتي إن إجراء العملية الثانية والعلاج الجديد يجب أن يكون في الخارج خوفا من عدم رعاية الموارد الصحية ونظرا لتقدم الطب هناك مقارنة بالعراق وكنا في تداول مستمر وفي حالة من المعنوية المتصدعة ولكن بالتسليم لأمر الله وبالتوسل والدعاء المستمر عند الأئمة الأطهار ( عليهم السلام) وبالخصوص عند الإمام الحسين (عليه السلام)، اعترتنا رغبة عارمة بالتشفي بتربة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام) بعد أن هدانا الله لها وبعناية منه ( عليه السلام) وقد اقتنينا شيئا يسيرا منها على يد احد أولاده البارين إنشاء الله تعالى بتوصية احد المؤمنين وقد تفضل هذا السيد إن هذه التربة يجب أن تخلط بالماء ويشرب الماء، ولا يجوز أن تؤكل لأنها ليست من محل القبر الشريف ولكن من محل آخر اقرب إليه.
وقد فعلنا هذا الأمر وشربت زوجتي من ذلك الماء وكنا على اعتقاد جازم من الأمر بقي شيء من الماء في الإناء ( الدولكة) إلى الليلة الثانية وكانت قد غطته بكاس صغير وضعتها عليه، لم يتسن لهذا الكأس أن يغطي كامل فتحة الدولكة، وعندما ذهبت إلى مضجعي دعوت الله أن يريني كرامة منه، جلست زوجتي في منتصف الليل لتصلي وكانت بكامل انتباهها ويقظتها وقد اعتادت أن تستيقظ في كل ليلة، ورأت الإناء ينبعث منه نورا احمرا من ثنايا الفجوة بين رأس الإناء والكأس ( الغطاء) وقالت في نفسها عجبا كيف يضع زوجي مصباح النوم الأحمر هنا!!
فبادرت إلى تحريك الإناء فإذا بالنور ينطفأ ولما أصبح الصباح لم تخبر بهذا الأمر، بل بادرت بسقينا والأولاد جميعا من هذا الماء وقبل الإفطار وكانت تنظر إلينا بوجل خوفا من أن يرفض احدنا شرب هذا الماء أو يعترض ولكنا بحمد الله شربنا من ذلك الماء جميعا.
أخبرتني في عصر ذلك اليوم فحمدت الله كثيرا وقد اعتقدت جازما إن الشفاء قد حصل بحمد الله، وبعد يومين اعترتني رغبة قوية من إجراء الفحوص المختبرية ثانية وقد كنت مصرا أن نأخذ السونار عند نفس عيادة الدكتورة المتخصصة وليس في عيادة أخرى، أجرينا الفحص وسألت الدكتورة بتعجب بعد أن كانت متعجبة بنتائج الفحصين في مدة لا تتجاوز الأسبوع، وعدم ظهور أي غدة في الفحص الجديد سألتها هل أنها تناولت أي دواء؟ لكنها لم تجبها!!.
نعم الدواء هو الشفاء في تربة المولى الحسين ( عليه السلام) كتمنا الأمر ولم يعلم به سوى أنا وزوجتي وهذا السيد الجليل الذي رجعت إليه لأشكره وأخبره بالكرامة التي حصلت، وكيف لا يكون كذلك والإمام الصادق عليه السلام يقول: كلنا سفن النجاة ولكن سفينة جدي الحسين أوسع وفي لجج البحار أسرع، وأخيرا وليس آخرا لا يسعنا إلا أن نقول: ما خاب من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم.
فأي نور ... وأي جوى... وأي عشق في الملا...
حكاية الأزل ... في بعد الأمل...
لله درك يا حسين ...