رسالة باليد
الى وزير الشباب والرياضة العراقي... كن شجاعاً وادخل التاريخ!!
بقلم الدكتور كاظم العبادي
www.alabadie.com
kalabady@yahoo.com
تهنئة خالصة اتقدم بها الى معالي المهندس جاسم محمد جعفر بمناسبة اختياره وللمرة الثانية لمنصب وزير الشباب والرياضة وتصديه لقيادة الرياضة في العراق... متمنيا له تحقيق المزيد من النجاحات خلال السنوات القادمة وراجيا ومتمنيا ان يكمل مشواره الصعب الطويل في تطوير وتحديث عموم الحركة الرياضية العراقية بعد ان عرف وتعرف على شؤون وشجون واسرار وخفايا عالم الرياضة الحقيقي ومحاولاته الجادة والطموحة في تطوير وتحسين الاداء الرياضي من خلال تسنمه مسؤولية واحدة من اهم الوزارات التي اعتبرها شخصيا اهم وزارة عراقية لسببين :
§ الاول لانها الوزارة الوحيدة التي تهم فعالياتها ونشاطاتها معظم العراقيين وتساهم وبشكل عفوي على جمع كل اطياف العراق وتعمل على توحيدها خلافا لبقية الوزرات التي غالبا ما يختلف العراقيون على ادائها او توجهاتها بسبب الانقسامات والانشقاقات المعلنة او غير المعلنة.
§ الثاني انها الوزارة الوحيدة التي تتحمل مسؤولية اعداد وتنمية وتاهيل قدرات ومواهب وكفاءات اكثر من (30%) من ابناء الشعب بامانة وعلمية وطرق واساليب عالمية متطورة وحديثة.
لا يمكن الانكار ان المهندس جعفر قد قام بجهود طيبة خلال السنوات الاربع الماضية... وترك العديد من المؤشرات التي توميء بوجود المزيد لو توفر الوقت وتوفرت الفرصة... من خلال ما علمته وشاهدته وسمعته من المقربين من اصحاب القرار الرياضي... وقد بدا لي كما للكثيرين من المهتمين بهذا الشأن ان البلد بقيادته الجديدة اخذ يفكر ويخطط ويبني وفق تصورات ورؤى منفتحة الكثير من المشاريع التي تساهم في بناء قاعدة رياضية متينة وذلك بعد سنوات من التخلف والحرمان الذي اصاب كل مفاصل الرياضة في العراق ... ولاول مرة بدأ العراق وبشكل جاد يفكر باستقدام الخبرات التدريبية الاجنبية رغم افتقار الاسماء الى السمعة الدولية... اضافة الى بناء الملاعب الرياضية ومرورا بسلسلة من المشاريع الرياضية المهمة وفي هذا السياق اعتقد ان وزير الشباب والرياضة يحتاج في المرحلة الراهنة الى من يقدم له الافكار ذات المنظور العالمي والتي تنسجم مع مستوى الرياضة العراقية وليس الافكار المحلية المستهلكة وذلك من اجل النهوض بالرياضة العراقية التي تحتاج الى الكثير في المرحلة القادمة لتطويرها وبداية صفحة جديدة للقضاء على التخلف الرياضي.
ننتظر من المهندس جعفر ان يتخذ جملة من القرارت الرياضية ليدخل بها التاريخ الرياضي العراقي من اوسع ابوابه واهمها:
1. الرياضة العراقية في كل الالعاب بحاجة الى مراجعة وتقييم شامل... ويجب ان يتم تقييم كل لعبة من قبل مؤسسات عالمية مهنية محترفة تعمل على وضع الاستراتيجية المناسبة لكل لعبة وعلى ان يتم تقييم هذه الاستراتيجيات وبشكل مستمر لمعرفة فيما اذا كانت ناجحة او فاشلة... وذلك عبر مؤشرات عديدة لا تكون محلية, او عربية, او عبر بطولات الفئات العمرية. ولكن من خلال احتراف اللاعب العراقي في الغرب حصرا او على الاقل عدم الاكتفاء بالاحتراف في الاندية العربية, وكذلك عبر التاهل الى البطولات العالمية مثل كأس العالم وغيرها.
2. لا انتظر من المهندس جعفر ان يصنع بطلا عراقيا اولمبيا خلال اربع سنوات لكننا ننتظر ان يسجل له التاريخ أنه اول من وضع اللبنة الاولى على طريق البناء الصحيح, واول من خطا الخطوة الصحيحة وان يكون له دور مهم في صنع بطل اولمبي بعد عشرة اعوام او اكثر, وان يقال وبكل فخر واعتزاز ان رجال العراق الجدد كان لهم بعد نظر وكانوا فرسانا في كل عمليات التطور والتسابق للحصول على المزيد من الخلق والابداع.
3. ان المرحلة القادمة مرحلة مهمة لانها ستكون مرحلة التصحيح والتغيير واعطاء صورة ناصعة على قدرة رجال العراق الجدد على التغيير والبناء السليم العلمي المنطقي للوصول الى العالمية وليس الاكتفاء فقط على التنافس على القاب وبطولات ضعيفة... هذه المرحلة تتطلب بناء الرياضة العراقية على اسس سليمة... معتمدة على تجارب عالمية, وقيادة تدريبية عالمية, لذلك اصبح من غير المقبول ان تسلم المنتخبات العراقية ومنتخبات الفئات العمرية بيد مدربين عراقيين غير مؤهلين عالمياً وليست لهم تجارب وانجازات عالمية.
4. تهيئة اجيال جديدة من المدربين العراقيين من خلال دعم خريجي كليات التربية الرياضية او ماشبهها واختيار من يمتلك القدرة والمؤهلات التي تؤشر على امكانية ان يصبح مدرباً كبيراً... ومن بعض هذه المؤشرات اللغة والطموح والذكاء للدراسة في المعاهد والكليات العالمية المتميزة او الاندية الكبيرة المعروفة والمتخصصة في اعداد وتطوير المدربين... وامكانية فتح مركز تاهيلي للمدربين العراقيين مستقبلا في العراق تحت اشراف عالمي.
5. السعي لدعم ومساندة الاحتكاك القوي المستمر مع المنتخبات والفرق العالمية والذي سيدعم بالتالي تطوير المنتخبات العراقية وزيادة خبرتها الدولية... هنالك خلل كبير في هذا الجانب... لو تراجع مشاركات العراق ومبارياته امام المنتخبات الكبيرة خلال السنوات الاربعين الماضية ستجد شحة في مثل هذه المباريات التي يحتاج اليها العراق باستمرار.
6. التشجيع المستمر على اجراء البحوث العلمية الرياضية التي يحتاج لها العراق تحت اشراف جامعات عالمية للتاكد من جدوى البحث... والتشجيع على النشر في المجلات والدوريات العالمية المتخصصة من اجل التاكد من جودة هذه البحوث... واقامة مركز رياضي عالمي للبحوث في العراق.
7. الاستمرار في بناء الملاعب والقاعات والمدن الرياضية وبمواصفات عالمية حديثة... فالبلد بحاجة الى ملاعب كثيرة ومتنوعة تستوعب الكفاءات والقدرات الرياضية وتلبي طموحات الجماهير الرياضية وقبل ذلك حاجة الكوادر الرياضية المتعطشة الى هذه الملاعب بعد ان حرمت ولعقود طويلة من ابسط مستلزمات الرياضة ناهيك عن شحة وبؤس هذه المستلزمات التي كان يتعذر الحصول عليها وان حصلوا عليها فبشق الانفس وغالبا ما كانت تصرف للاعبين على انها مكرمة من قبل القيادة انذاك لقد مل الجمهور العراقي وضاق ذرعا بما وفرته له القيادات الرياضية من ملاعب وقاعات اكل الدهر عليها وشرب وقد صبر طويلا وتحمل المشقات وهو يتابع الفرق والمنتخبات العراقية تلعب او تتدرب في اجواء غير سليمة وغير صحية.
8. السعي الى بناء اعلام علمي قوي ومحايد... لقد عانى الاعلام الرياضي كما الاعلاميون في العراق من اهمال لا يصدق... لا عناية ولا دعم ولا تدريب ولا تطوير... وكان الاعلامي الرياضي العراقي يقدم انجازاته وابداعاته على حساب راحته وراحة عائلته وعلى نفقته الشخصية وبدون مقابل وكان يحرث الملاعب للحصول على خبر او تغطية مباراة في ظروف صعبة لحبه لمهنته وبلده... لقد حان الوقت لتصحيح هذا الخلل واصبح من اللازم حتما العمل على تقوية رجال الاعلام وتشكيل مؤسسة رياضية اعلامية متطورة لاعداد الاعلاميين الرياضيين وتشجيعهم على التخصص في رياضات معينة او الاعلام المرئي او المسموع او المقروء.
9. العمل على بناء وانشاء اندية رياضية محترفة وتشجيع اللاعب العراقي على الاحتراف واللعب في الاندية الغربية ... مع دعم الاندية العراقية لفترة من الزمن وتشجيعها على بناء نفسها معتمدة على النظريات الاقتصادية لان الاقتصاد مهم جدا في بناء الاندية والمنتخبات... حيث لا توجد خزانة مفتوحة للبذخ بدون اسس اقتصادية.
10- ادخال علم الاحصاء في كل المجالات الرياضية... وهنالك نماذج عالمية ممكن الاستعانة بها اوالاقتباس منها لانها الوسيلة الوحيدة لتقييم أي اتحاد او فريق او منتخب او لاعب... الاحصاء شيء مهم لاثبات التطور او عدمه ويوفر الارضية الصلبة التي تسمح بالمقارنة ما بين المراحل الزمنية المختلفة وبدون الاحصاء لا معنى لأي تقييم.
11. تشكيل المدارس الرياضية لبعض الرياضات منها كرة القدم وغيرها ويجب توامتها مع نماذج عالمية متطورة بدلا من تسليمها بيد رجال لا خبرة لهم في هذا المجال والنتائج قد لا تكون مقبولة ومن الممكن جدا ان تكون مضيعة للوقت والمال العام ان لم ترتبط بالشريك العالمي.
12. القضاء على ظاهرة التزوير التي استشرت خلال العقود الماضية ومنعه وتحريمه بل وتجريمه ان اقتضى الامر والتشديد على منعه عن كل منتخبات الفئات العمرية الكروية وغيرها... العراق الجديد او عراق الغد ينتظر التصحيح وينتظر القضاء على كل حالات التخلف الذي اشاعته القوى الظلامية الجاهلة ... ليس من المقبول ابدا ونحن في العقد الاول من الالفية الثالثة ان يحرم ابناء هذا البلد من اخذ حقهم المشروع بالمشاركة في منتخباتهم الرياضية واهدائها بدون وجه حق الى جيل ثان اكبر عمراً من اجل تلميع صورة مدرب جاهل ورفع اسمه على حساب اجيال العراق... او اتحاد رياضي فاشل غير حريص على مستقبل الرياضة العراقية همه ان يضحك على العراق والتشدق بانجازات فارغة لا طعم لها يريد ان تسجل له وتحسب له كانجاز ليقال بانه كان يعمل من اجل العراق وابنائه... بدل ان يسعى الى بناء اللعبة على اصولها حتى لو تحمل الهزائم... البلد يريد ان يعرف مستواه الحقيقي في منتخبات الفئات العمرية ليتم التقييم الحقيقي والتطوير على اساسه في المستقبل بدلا من تحقيق انجازات كاذبة حيث ان النتائج في هذه البطولات لا تعني شيء بقدر ان تكون خطوة مهمة لاعداد اجيال رياضية جيدة... النتائج التي تحقق في منتخبات الفئات العمرية تعطيك انطباع غير حقيقي بان القاعدة الرياضية والبناء بالف خير وهذا غير معقول لاننا نعرف ان البنى الاساسية في البلد لا تزال غير مكتملة والمدرب العراقي لم يؤهل بعد. رغم وجود قاعدة كبيرة من الرياضيين في كل الالعاب قادرة على تحقيق الانجازات لكن تحقيق مثل هذه الانجازات يحتاج الى كوادر تدريبية عالمية واعداد مبكر.
لا اعتقد ان وزير الشباب والرياضة او أي مواطن عراقي اخر بامكانه القبول بان يسلب حق ابنه في اخذ فرصته الطبيعية في التعليم مثلا او العمل ليتم تقديم هذه الفرصة الى شخص آخر لا يستحقها وبالتالي لا يمكن لاحد ان يقبل ان يتم تزوير المستندات الرسمية للبلد... ونرفض المزور ونقبل في احالته الى القضاء ومحاكمته في كل مجالات الحياة الا المزور في كرة القدم والفرق الرياضية الاخرى للفئات العمرية فالمزور حر طليق يتباهى بافعاله المتخلفة... لذلك لا نقبل ان تستمر عمليات التزوير فهذا ليس العراق الجديد الذي انتظرناه.
كنا نحلم بـ عراق حضاري متطور يتطلع الى البناء والعمران وتسود فيه الاخلاق العالية وتتخذ فيه القرارات السليمة الصائبة... عراق عادل ليس فيه ظلم او خداع او كذب... عراق لا تهضم فيه حقوق اجياله... عراق يحرص فيه قادته على اجياله التي يجب الحفاظ عليها وبناؤها على اسس صحيحة.
كنا ننتقد اساليب الماضي من خلال سلوكيات وتصرفات قياديي الرياضة العراقية انذاك لانها كانت محطمة ومدمرة وغير علمية... قصص عدي وافعاله اثناء قيادته الحركة الرياضة العراقية مثلا لم يعتقد احد انها قد تنكشف في يوم من الايام... كل اسرار الماضي اصبحت معروفة ولم تشطب من سجلات التاريخ... لذلك ليس من المقبول ان ياتي يوم ويقال بان عمليات التزوير بقيت واستمرت في عهد المهندس جعفر... انتظر ان يكون القرار رقم واحد في (2011) هو ايقاف التزوير في اعمار اللاعبين نهائياً ومعاقبة كل من يشترك في مثل هذه العمليات كخطوة اولى لبناء عراق الغد.
لقد اظهر العراقيون وخلال العقود الماضية قدراً كبيراً من "التخلف والتراجع" يفوق كثيرا ما لديهم من مخزون في القوة والامكانيات... بعد ان اصبح كل من كان في موقع القيادة من الجهلة والمتخلفين راضيا بالذل والمهانة مقابل ان يبقى في مقعده ومنصبه... مرحلة مهمة انتهت دون اعتذار, ولكن العراق الجديد لا يزال بانتظار التصحيح, ولا يزال هذا التصحيح متوقفا على ما يبدو على النية الصافية الصادقة وعلى الارادة القوية الصلبة والقرار الحاسم الجريء وعلى كلمة واحدة لا غير كلمة يقولها الرجل لتمثل التزاما مطلقا وتعهدا ملزما حاسما, وعشمنا ان يكون هذا الرجل هو الوزير المهندس محمد جاسم جعفر لتكون كلمته هي كلمة كل العراقيين بكل ما فيها من عزم واصرار وثقة بالمستقبل وكلمة كل العراقيين هي كلمته الصادقة المخلصة بكل ما فيها من الم وحسرة على ما فات.