عين التمر.. درة الصحراء ومحطة التائهين
بابنيوز: ربما أرادها الله أن تكون هنا في عمق الصحراء مجاورة لأرض كربلاء في وسط الصحراء حتى وصفها اهلها بانها مدينة وازقة رئة كربلاء السياحية ومتنفسها الوحيد والغنية بالنفط والآثار والأرض الزراعية المشهورة بالنخيل وأشجار الرمان والزيتون والمعروفة بقدمها وأصالتها وتراثها العريق..
تأريخها يمتد الى ماقبل الإسلام الذي دخلته سنة (12)هـ وكانت تسمى قديما (سفاثا) وسفاثا باللغة (الآرامية) تعني (الرائقة الصافية) لكثرة المياه الجوفية فيها وعيون الماء المعدنية والتي فيها شفاء لأكثر من داء (عين التمر) الواحة الخضراء التي تحيطها رمال الصحراء. مدينة شمعون ابن جابر اللخمي.. إنها المدينة التي ولدت فيها السيدة نرجس أم الإمام المهدي(عج) كما يعتقد بعض المؤرخين، معروفة بطيبة أهلها البسطاء والكرماء ويغلب عليها الطابع العشائري وتسود فيها الأعراف والتقاليد كانت سابقا محط رحال القادمين من الشام باتجاه مكة المكرمة، في عين التمر من السياحة الدينية مالا يعد ولا يحصى هذا بالإضافة لسياحة الآثار.
قبل الوصول
حين تريد السفر إلى قضاء عين التمر الذي يبعد عن كربلاء 85 كم إلى الغرب منها فان أول ما يثير قلقك وانتباهك وتذمرك هو الطريق الرئيس فهذا الطريق بممر واحد للذهاب وللإياب. وهذا الطريق فيه من التعرجات والتموجات ما يدع سائق السيارة يفضل ان يترك الطريق (المعبد) ليسير على متن الطريق لتفادي الضرر الذي أصاب الطريق ولينقذ حياته وحياة من معه من المسافرين.. نعم قد ترى إعمارا لهذا الطريق إلا انه إعمار خجول وفقير ودون المستوى والمسؤولية. فطريق عين التمر- كربلاء طريق ستراتيجي وحيوي ودولي فالكثير من الشاحنات المحملة بالمواد التجارية تسلك هذا الطريق سواء كانت قادمة من سوريا أو الأردن أو السعودية هذا بالإضافة إلى إن هذا الطريق يسلكه حجاج بيت الله الحرام.. ويقول الذين يسكنون المنطقة انه أنشئ قبل ما يقارب من أربعة عقود وتستخدمه سيارات الحمل التي يحملها أصحابها أكثر من حمولتها المقررة ما أدى إلى استهلاك هذا الطريق وعدم صلاحيته.. ويروون حكايات عن حوادث تسبب بها هذا الطريق نسبتها اضحت تصل إلى حادثة في كل يوم أو خمسة حوادث أسبوعيا وإذا كانت حركة السيارات قليلة فان عدد الحوادث يصل إلى خمس عشرة حادثة شهريا وهذه حقيقة غير مبالغ فيها كما يؤكد بعض الاهالي، ومثلما نشير الى تلك المواقف اليومية على مكاتب المسؤولين في قضاء عين التمر.. حتى إن السكان راحوا يطلقون على هذا الطريق أسماء عديدة منها (طريق الموت) و(طريق الصد مارد).
الآثار العديدة والإهمال
ربما يعرف الناس إن كربلاء مدينة القباب الذهبية وربما لا يعرفون أن أرضها تكتنز آثارا وصروحا تراثية عديدة حتى لا تكاد منطقة من المناطق تخلو من موقع تراثي او اثري هنا وهناك إلا إن هذه الآثار وحين تعبر الصحراء فتجد هذه المواقع وكأنها تستصرخك أن تأتي لها بالناس لان الخوف والإهمال والتصدعات عبثت بها وهي تقول لك بجمل مفيدة إن جميع بلدان العالم ومدنها تتفاخر بعمق حضارتها والاهتمام بآثارها إلا إن العراق صاحب الرقم القياسي بهذا المجال ما زال يئن ويستصرخ أصحاب الضمائر ويستنهضهم للوقوف على واقع آثاره المرير. فعند وصولنا لمنطقة الطار وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر وفيها أكثر من مائتين من الكهوف القديمة والأثرية والتي تسمى (كهوف الطار) وتمتد حتى محافظة النجف الاشرف.. فتجدان العبث الذي طال المنطقة كان كبيراً لا سيما قد تحولت المنطقة الى ثكنة عسكرية بعد سنة 1991 ..أما حصن الاخيضر الذي كان يزوره آلاف السياح سنويا وكانت تقام فيه الكثير من النشاطات والفعاليات الثقافية أصبح اليوم مضجرا لعدم وجود من يأنس معهم من زواره ومرتاديه. نعم هناك مشروع يقام بالقرب من قصر الاخيضر الآن وهو عبارة عن بناء من طابقين الطابق الأول منه سيضم متحفا صغيرا والطابق الثاني سيكون كازينو سياحيا هذا ما اخبرنا به المعنيون في قضاء عين التمر.. هناك منارة تاريخية وهناك قصر تراثي مهم وهناك آثار لو رفعت صوتها لتنادى لها الآثاريون ببكاء مر. هناك منطقة خضيرة التي تلي آثار الطار خارج كربلاء وهي منطقة لا يعرفها الكثير من الناس إلا إن هذه المنطقة فيها حقول نفطية مكتشفة وغير مكتشفة والكثير من حقولها مهيأ لاستخراج ما فيها من نفط. وهنا يكمن سؤال لماذا لم تستثمر هذه الحقول حتى الآن وما هو السر الكامن من عدم توجه الدولة لها حتى الآن لاسيما الحكومة المحلية في المحافظة . لماذا.. لا نعلم؟ وهناك ايضاً (الاقيصر) وهي كنيسة قديمة وتعد أقدم كنيسة في الشرق الأوسط تاريخها يرجع الى 170 عاما قبل الإسلام لم يبلط لها طريق ولم تلق الاهتمام وحالها حال آثار الطار التي يصل عمرها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.
المدينة والعطش والحلول
تركنا هذا الأثر بالغ القدم وتوجهنا باتجاه قضاء عين التمر لأنه همنا.. وللوقوف على ما يعانيه قضاء عين التمر من شحة مياه إلى شحة في الدعم الزراعي والملاكات الصحية وغيرها من المشاكل توجهنا إلى قائممقام قضاء عين التمر وكان لقاؤنا الأول بقائممقام القضاء محفوظ سطاي التميمي وكان سؤالنا الاول عما تعانيه عين التمر بسبب شحة المياه فقال: لدينا شحتان في المياه. المياه الصالحة للشرب والمياه الجوفية، فالمياه الصالحة للشرب في قضاء عين التمر الذي يعد من أقدم أقضية محافظة كربلاء المقدسة لا يوجد فيه مشروع ماء خاص به فالماء يأتي إلينا من مركز المحافظة مصفى ومكلور عبر خط أنبوبي من الاسبست وهذا الخط قديم ومتهرئ ولا يصلح للاستخدام البشري فبعد إجراء الفحوصات المختبرية على عينات منه وجد انه يؤدي إلى الإصابة بعدة أمراض ومنها مرض السرطان وبعد جهود جهيدة ومضنية استطعنا أن نبدل ما يقرب من ثمانية عشر كيلو مترا من الخط البالغ طوله بحدود ستة وثمانين كيلو متراً من خلال المشاريع المخصصة لتنمية الأقاليم. حيث كان الماء يصل إلينا كل خمسة عشر يوما ونشرب عن طريق المراشنة أي بالتتابع وهذا كان في ظل النظام المباد أما بعد سقوط النظام وإقامة هذه المشاريع فنحن اليوم نشرب كل ثلاثة إلى أربعة أيام ونسعى إلى تبديل الخط الناقل بكامله.
* ولكن وزير البلديات زار المدينة الم تطرحوا عليه هذه المشكلة؟
- نعم طرحنا الموضوع ووعد بأن يتم استبدال خمسة وخمسين كم وفيما إذا تم استبدال هذا القدر من الخط الناقل فسوف يكون حالنا أفضل. والخط دائما ما يتعرض للكسر والتجاوزات من قبل البدو الرحل وأصحاب معامل الرمل المنتشرة على الطريق بالإضافة إلى أصحاب المزارع وقد قمنا بتسيير دوريات على طول الخط للحد من هذه التجاوزات ومحاسبة المخالفين.
* ماذا عن موضوعة المياه الجوفية؟
- بالنسبة لشحة المياه الجوفية فقد اراد النظام المباد استغلال موارد قضاء عين التمر ولكن دون دراية أو دراسة علمية فقد تم حفر آبار ارتوازية عديدة ولم تكن هذه الآبار بعيدة عن عيون الماء المعروفة في القضاء والتي من أهمها الزرقاء والحمراء والسوداء والسيب وعين ام الكواني بالإضافة إلى عشرين عين ماء أخرى وبعد حفر الآبار بدأت هذه العيون تنخفض شيئا فشيئا. ومن خلال عملية أخرى قام بها النظام المباد وهي تنظيف وحفر هذه العيون بالحفارات العملاقة سحقت هذه الحفارات ينابيع المياه الرئيسة لهذه العيون التي يطلق عليها اسم (الجلاليب) فطمرت الينابيع التي يتدفق منها الماء وبعد سقوط النظام استطعنا أن نجلب مجموعة من أصحاب الخبرة والاختصاص في هذا المجال والذين وفدوا إلينا من وزارة الموارد المائية عبر مطالبتنا بذلك وهم الآن يقومون بدراسة موضوعية ميدانية في القضاء لوضع الحلول الناضجة بشأن هذه المشكلة.
* المدينة تعد من المدن المتميزة بسياحتها الدينية.. مامدى الاهتمام بهذا الجانب؟
- السياحة الدينية في قضاء عين التمر تتمثل بزيارة مرقد السيد foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? ابن هاشم وأخيه واللذين يعودان بنسبهما إلى الإمام موسى الكاظم (ع) كذلك مقام الإمام الحسن (ع) ومقام الخضر ودوسة الإمام علي (ع) وحوض الإمام علي (ع) وتوثة الإمام علي (ع) ومقام الخضر ومقام السبايا ومقامات عديدة لأنبياء الله (ع). ومثل هذه المراقد والمقامات لا يهمل من قبل أي كان مسؤولا أو مجرد مواطن فهناك عدة مشاريع في مرقد السيد foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? ابن هاشم (ع) منها إنجاز وحدة تحلية للماء الصالح للشرب التي افتتحت من قبل وزير البلديات ورئيس مجلس المحافظة والمحافظ وهناك مشاريع لإعادة تأهيل القبة الشريفة وإنشاء حديقة قرب المرقد الشريف ونحن نسعى لإكمال جميع هذه المشاريع قبل البدء بزيارة السيد foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? ابن هاشم (ع) التي تبدأ مع مقدم الشهر الثامن من كل عام.
الزراعة والسياحة والواقع المر
المدينة رغم وقوعها وسط الصحراء إلا إنها تعتبر مدينة زراعية لم يعطش نخيلها طوال القرون التي تأسست فيها إلا بعد إن حلت سياسات القهر والدكتاتورية والرجل غير المناسب في المكان المراد تخريبه.. رئيس مجلس إدارة القضاء الشيخ فرحان جاسم محمد اعد الواقع الزراعي في مدينته لا يبشر بخير.
* ولماذا؟
- لعدم اهتمام الجهات المعنية بمطالباتنا بشأن زيادة حصة المزارعين من مادة الأسمدة ودعمهم وكذلك عدم مكافحة الأمراض والآفات الزراعية التي تصيب أشجار النخيل والرمان في حد سواء.. إذا ما عرفنا أن أهم المواد الزراعية في قضاء عين التمر هي التمور ومن ثم الرمان والزيتون بالإضافة إلى بقية المحاصيل إلا إن المزارعين بدؤوا يهجرون أراضيهم بسبب قلة الإنتاج وبسبب عدم الدعم الحكومي الى جانب شحة مياه السقي.
* كيف تجد الواقع السياحي في القضاء؟
- بدأت زيارات الوفود من المستثمرين العراقيين والعرب والأجانب تصل لجوهرة الصحراء (عين التمر) وهذا نتج عن تحسن الوضع الأمني الملحوظ فبدأت وفود المستثمرين تطرق أبواب عراقة الماضي القديم المتمثل بكهوف الطار وقصر البرذويل والاخيضر وكنيسة القصير التي تعد من أقدم كنائس الشرق الأوسط كما استدل على ذلك الباحثون القدامى نزولا إلى قصر شمعون ابن جابر اللخمي والذي نصر النعمان ابن المنذر في الحيرة ولم تقتصر زيارة وفود المستثمرين على الجانب الأثري في القضاء فقط وإنما امتد ليشمل العيون المعدنية ذات الفوائد العلاجية والطبية لكثير من المعالجات المرضية وخصائصها الفيزيائية والكيمياوية التي لو كانت في بلدان الغرب لجعلوا منها جنائن على وجه الأرض ولكن مع الأسف فهذا الجانب لم يرتق حتى يومنا هذا إلى درجة الاستثمار والاهتمام السياحي المنشود الذي من شأنه رفع المستوى المعيشي والاقتصادي لسكان القضاء الذي اهمل لعقود خلت وتعاقبت ومضت عليه الكثير من الحكومات السابقة فهل هنالك من صائغ ماهر لهذه الجوهرة الثمينة؟ وهل هناك من مستمع لخرير الماء المحبوس بين الإهمال والتضييع بقصد أو بغير قصد؟.
الأمل الخجول ومشاريع منجزة
قضاء عين التمر حاله حال بقية الاقضية والنواحي في محافظة كربلاء فقد وصلت إليه يد الاعمار بعد الإهمال الذي أصابه فبدأت به عجلات الاعمار تسير في جميع القطاعات سواء كانت خدمية أو صحية أو ما إلى غير ذلك، وعن أهم المشاريع المقامة في قضاء عين التمر حدثنا رئيس لجنة الاعمار في مجلس إدارة القضاء نزار محمد جاسم.
* ما هي أهم المشاريع في قضاء عين التمر؟
- إن أهم المشاريع في قضاء عين التمر هي كما يأتي .. المشاريع الخاصة بقطاع الكهرباء وأهمها مشروع إنشاء محطة الكهرباء بسعة 33× k.v11وبكلفة مالية قدرها أربعة مليارات ونصف المليار دينار إضافة إلى مشاريع أخرى صغيرة..أما في القطاع الصحي فقد تم بناء مستوصف نموذجي في مركز القضاء وبناء ردهات صحية في مستشفى القضاء..وقطاع التعليم أيضا كان له حصة من الإعمار فقد تم هدم وبناء مدارس وإنشاء صحيات جديدة للعديد من مدارس القضاء..
أما الجانب البلدي والخدمي فقد تم توزيع حاويات كما تم إنشاء عدة حدائق وتأهيل جميع طرق قصبات القضاء وفيما يخص جانب الاتصالات فقد تم إنشاء بناية جديدة خاصة بالاتصالات وبريد القضاء كما تم نصب بدالة تحتوي على ثلاثة آلاف خط جديد في القضاء. ولقد بدا التسجيل لهذه الخطوط وأما قطاع الطرق فقد تم إنجاز مشروع توسيع وتطوير مدخل القضاء وهناك عدة مشاريع للطرق مثل الطريق الحولي والطريق المالح وهي قيد الإنجاز. وكذلك مشاريع اكساء أرصفة القضاء ورصف الأزقة.
( عن الصباح البغدادية .. تحرير عدنان المدحتي)
رد مع اقتباس
رد: عين التمر.. درة الصحراء ومحطة التائهين
