كتابة : حمزة الحلفي :
سار الهوينا بمحاذاة الشمس ينشد النور حتى لا تحرقه بجدائلها الحمر اللاهبة.. تجدولت خطواته من نفسها وأرغمته على ان تكون في الصواب.. لم يجمعني به الشعر انما الارض التي مشيناها بجيوب فارغة الا من الاوراق المكتوبة عبثاً..” من الجاي أريد ابتدي “
لكنه سرعان ما اعاد تسلسلها حتى أصبحت شعار مسيرته.. كان في صراع دائم ما بين جنوبيته وتمدنه، فجمع بين الاثنين، وكان كاظم الجماسي”أخوة الاكبر “ القاص اليد الاولى التي اخذت به الى حيث مدن الوعي ليفتح له ابواب اللغز الذي ظل مستعصياًعلى استيعابه الوليد ومن خلال” فوكنر “” نجيب محفوظ “” تولستوي “” حنه مينه “” فؤاد التكرلي “ استطاع ان يجد اجوبة كاملة لكل أسئلته الكبيرة،ماحسبنه ثم كانت البداية المسلحة بالثقافة ليغني في جلسات الادباء التي تعقد غالبا داخل” قطاعات الثورة “حاملا معه العود ودخل به عريان السيد خلف” بهواجسه “ وأشعله كاظم الكاطع في ليلته التي فيها مات موته المستعار”الليلة اموت “ وجنون كريم السيد وانا” ملاحظة الاعمال التي لا اكتب اسم شاعرها هي لي لأني كتبت له 90% من أعماله أصدر هويته وتميزه بتوقيع العراق وفنانيه.
انه حسن بن الحاج غضيب بن الحاج ثويني ولد في بغداد من عام 1964” جماسي من قبيلة كعب “” حسن بريسم “ اسموه بالبريسم نسبة لرائعتة” … “ التي كانت النشيد الروحي في جلساته.
أصوات شابة
كان برنامج” أصوات شابة “ لصاحبه فاروق هلال” الخطوة ( البايه ) الاولى “ في سلم شهرته خلال مشاركته الاولى الراكزة في اغنية” ما اريد اسمع عتاب “ لشاعرها اسكندر نعيم وملحنها سرور ماجد.
وبهذا العمل استطاع حسن أن يظهر خامة صوته ومساحته الواسعة في غناء مقام الكرد الذي يغنيه بطريقة تختلف عن سابقيه ولاحقيه، وجاءت الفرصة الثانية بعد مجموعة الاغاني التي صورها لبرنامج اصوات شابة. غناء المقدمة الغنائية لمسلسل”الخطوة الواثقة “ وكانت المقدمة الشعرية لكريم العراقي ومن الحان جعفر الخفاف الا ان سعد البزاز الذي كان آنذاك مديراً عاماً للاذاعة والتلفزيون أمر بحذف الاغنية من المسلسل وظهور المسلسل من بدونها لا لشيء ولكن لمزاجية لا مبرر لها، وكلنا يعلم ان كاظم الساهر انطلقت نجوميته من خلال مسلسل” نادية “ لنفس للشاعر والملحن ومن هنا بدأ برنامج التغيب المعد لحسن بريسم كونه لم يبع صوته او يهدره في مدح النظام الفاشي السابق فاستفحل بداخله الرفض وعززه بأعمال كبيرة لو كان منها مفردة لدفعت انا وحسن ثمنها الرقبة، ولربما يمتد الامر الى رقاب اخرى.
كتبت هذه الاعمال ولحنها حسن وغناها وسجلها على مسجل بواسطة بطارية سيارة ومن اهمها”كلشي ظلمة “و”راحت ماحبنه اتعود “ و”سحور “ و”اهلا اهلا “ .
اما المرحلة التي نفذت فيها هذه الاعمال تحديدا ففي ايام الانتفاضة الشعبانية ضد السلطة في شتاء 1991، لكن رغم التكتم شاع امر هذه الاغاني بين المخلصين والمعجبين بصوته المدهش، والطريف انه في جلسة ضمت اكثر من عشرين شرطياً من مركز الكرامة وضباط مخابرات في ايام الانتفاضة غنى حسن هذه كلها وكان الشرطة يبكون بحرقة ومعهم ضباط المخابرات من دون خوف او وجل.
وتوالت الاعمال ومعها تواصل التغيب بحيث ان هناك قولاً لحسن يقول تلفزيون العراق يعرض40 دقيقة عن ممارسات” ابو بريص “ ومزاجه كونه يعد من اجمل فتيان الزواحف على الجدران ويبخل بعرضه اغنية وقتها 4 دقائق كل 6 اشهر يعرضونها قبل الاخبار بدقيقتين حتى تقطع أما تلفزيون الشباب بقيادة المقبور عار الشباب فهذا لا يسعنا الحديث عنه وثلته من أشباه المطربين النجوم ،الى حينها اضطر ابريم ان ينفذو اعماله من خلال” الكاسيت “ الصوتي ومن خلال هذه الخطوة المدروسة استطاع بريسم ان يعلن صوته ويكسر سجن الضباب الذي احاط به من خلال الخيرين من ابناء السلطة، ما ان تركب سيارة حتى تجد صوته في كل محل وفي كل بيت كان حسن موجوداً صوتا بلا صورة لكن هذا ما كانت ترضى به الاقزام فحاولوا مضايقته فحزم حقائبه ليجوب العالم بصوته والعود وكريم عباس المطرب الطيب القلب، رومانيا ـ المانيا ، فرنسا ، الاردن ، ثم سوريا وعاد للعراق ثم رجع وعاد ثم رجع حتى عام 1998 وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان حسن بريسم المطرب العراقي الوحيد الذي يمشي في شوارع بغداد مرفوع الرأس من دون خوف. اجل من دون خوف وبدعوة مباشرة من فضائية كوردستان ذهبنا الى السليمانية نفذنا عملاً اشبه بالاوبريت مكتوب بالفصحى والعامية اسمه( نزيف النرجس) يتحدث عما ما حل بحلبجه الشهيدة، ثم نفذنا في بغداد اوبريت للاطفال يتحدث عن الارهاب بعنوان تواني . ونفذ اناشيد للحرس الوطني والشرطة لحساب العراقية، واوبريت( الحلم العراقي) الذي كتبه رحيم المالكي وصباح الهلالي ومن الحان حسن نفسه وغناء مجموعة المطربين، وهناك اعمال تنتظر التنفيذ مثل ( نزيف القصب) الذي يتحدث عن الاهوار وتجفيف المياه وعن الانفال والانتفاضة الشعبانية. حسن بعد هذا الذي قدمه والذي سوف يقدمه كرمته الحكومة العراقية ايام مجلس الحكم بتعيينه موظفا في وزارة الثقافة براتب مليون دينار ناقص منه 900000 الف دعما لتجار الشورجة المتضررين من الحريق. ابا مريم هواجسك الخضراء ما استحلتها سيوف الطغاة بل استدرت فيضا وعنفوانا وشبابا فارتوت من نهرك الطاهر لتسقي الاذان عفه واحتراماً( ما اريد اخسر كثرن خساراتي) انت ما كنت خاسرا حتى تخسر الان ربما تكون انت الرابح الوحيد وانما الخاسر الذي كان بوقا يطبل للظلم فخرج من المحنة بوجه اسود كم انت جميل ايها الاخ وليس الصديق الذي شربت معه العوز في كاس واحدة واكلنا من ماعون والدتك الحاجة الطيبة ام كاظم، الصدق الذي رسمناه درباً لخطواتنا تحت الشمس واضحين لا نلوذ بليل حتى يستر عيوبنا ويكفي اكبار الناس لنا فمهما تقول القائلون زروا والحاسدون ضعفا، فمثلا قال صباح الهلالي” العنده شرف ليكول ما عندي “ اذن ( فالقافلة تسير رغم نباح الكلاب ) وانت تمتلك شرف الموقف أنفس ذخيرة بجوار صوت مضمخ باحزان الجنوب واوجاع اهله.