حياة الفنان محمد عبد الوهاب:
محمد عبد الوهاب وامير الشعراء
"أرجوك يا أستاذ عبد الرحمن أن تعفى هذا الولد الصغير الذى يغنى بين الفصول من السهر حتى نهاية كل رواية، فإنه يبدو ضئيلاً ضعيف الصحة،جائعاً".
دار هذا الحوار بين أمير الشعراء foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? شوقى الذى كان وقتها رجل ديوان الخديوى ، وبين الأستاذ المحامى عبد الرحمن رشدى الذى خلع "روب" المحاماة وكون فرقة مسرحية تلبية لنداء الفن. أما الفتى الصغير الذى أشفق عليه شوقى هو موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ، الذى اعتلى خشبة المسرح منذ أن كان فى العاشرة من عمره يغنى بين فصول روايات المسرح ،حتى شاهده شوقى عام 1912 و إشفق على صغير مثله أن يظل مستيقظاً بل وخارج داره كل يوم حتى منتصف الليل .
وقد حاول شوقى راجياً عبد الرحمن رشدى أن يعفى هذا الصغير من هذا العمل الشاق ، لكن رشدى لم يستطع أن يضيع هذه الموهبة الفطرية من يده و التى بالتأكيد تحظى بإعجاب المتفرجين. حتى جاء يوم أحد ضباط البوليس إلى صاحب المسرح حاملاً إليه قراراً من حكمدار القاهرة يمنع الصبى الذى يغنى كل ليلة من الغناء نهائياً.
بالطبع لم يدرك شوقى وقتها أن أحوال الفتى المادية (المتواضعة) أصلاً، التى وصلت إلى الحضيض بعد تدخله النبيل، حيث انقطعت اسهامات هذا الفتى المتواضع فى نفقات منزله، ليشعر عبد الوهاب الصغير بالحنق و الكره الشديدين لهذا الرجل.
لم يسمع شوقى بعبد الوهاب مرة اخرى سوى فى عام 1924 عندما حكى له الشيخ الكبير عبد العزيز البشرى عن الموهبة التى يتمتع بها هذا الشاب الصاعد ، ليذهب شوقى بنفسه إلى فندق سان ستيفانو ليشاهد ذلك الفتى النحيل بعد 12 عاماً كاملة، ليعجب أمير الشعراء بصوت عبد الوهاب فطلب ممن حوله أنه يرغب فى الحديث مع هذا الشاب الوهوب، وما أن سمع عبد الوهاب بذلك حتى تذكر foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? شوقى الذى عانى بسببه فى صباه و فكر فى الهرب، لكنه اجبر فى النهاية على الذهاب إليه، وأخذ foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? شوقى فى الضحك عندما علم بما كان يدور فى فكر عبد الوهاب، و أكد له أن ما قام به منذ زمن كان لمصلحته، لتبدأ علاقة صداقة متينة بين الأثنين قد تكون واحدة من العلامات الفارقة فى تاريخ الموسيقى العربية منذ تلك الفترة.
منذ ذلك التاريخ لم يفارق عبد الوهاب شوقى إلا حينما مات الأخير عام 1932 ، حيث تبنى شوقى عبد الوهاب فنياً و مادياً ، ففى عام 1927 أصطحبه شوقى معه فى رحلته إلى باريس التى تعرف من خلالها على الأوبرا و حفلات الموسيقى ومسرح الكوميدى فرانسيز و متحف اللوفر وفرساى ، لتجد هذه الخبرة الحياتية الفريدة من نوعها صداها عند عبد الوهاب، الذى كانت ميزته الأكثر "رعباً" بين كل اقرانه هى قدرته الشديدة على امتصاص جميع المؤثرات المعرفية دون تململ، و هو ما اطلع عليه فى باريس مما أثر كثيراً على ذوقه الفنى آنذاك ،كما كان يصحبه معه فى الحفلات و المجتمعات العريقة التى تعرف من خلالها على صفوة المجتمع من فنانين و شعراء وسياسيين و كتاب ، حيث رأى عبد الوهاب من خلال شوقى عالماً لم يكن ليصل إليه من دونه .
يمكننا القول بأن تبنى شوقى لعبد الوهاب كان له أثراً عظيماً على موسيقار الأجيال "المستقبلى"، فى المقابل كانت هذه الصداقة أثرها ايضاً على شوقى نفسه، و الذى عاود كتابة الأغانى الزجلية بالعامية بعد انقطاع طويل، و تحديداً منذ وفاة عبده الحامولى عام 1901، حيث لم يجد أمير الشعراء صوتاً يعيده إلى ميدان العامية مرة اخرى سوى مع عبد الوهاب، الذى أهداه اغنية "توحشنى و انت وايايا" أول اغنية مهدت لتعاون مثير بين الاثنين عرف ايضاً اغنيات خالدة فى تاريخ عبد الوهاب مثل "فى الليل ما خلى"، "اللى يحب الجمال"، "بلبل حيران".
كان شوقى بمثابة "مدير فنى" لعبد الوهاب طوال سنوات صداقتهما، بل إنه كان يقحم تلميذه فى منافسة ملتهبة دارت بين عبد الوهاب و أم كلثوم، و هى المنافسة التى كانت من وجهة نظر شوقى سبباً رئيسياً فى نظر شوقى فى وصول عبد الوهاب إلى الذروة فى التلحين و الغناء خلال خمس سنوات فقط، و لولا هذه المنافسة لتربع على العرش بمفرده، ليصيبه كثير من الجمود و الركود و ربما الغرور المبكر.
المصادر : عبد الوهاب ...موسيقار المائة عام لكمال النجمى
صفحات مجهولة من حياة عبد الوهاب لعبد الله foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? عبد الله
حياة عبد الوهاب فى سطور:
يوم 13 مارس1897 - ولد محمد محمود عبد الوهاب بحارة برجوان بحى باب الشعرية فى القاهرة ، وقد أكد هذا التاريخ"الصحيح وفقاً للتحريات" المخرج فؤاد الجزايرلى المولود 1901الذى كان يعرفه منذ أن كان فى السادسة من عمره وكان عبد الوهاب يغنى على خشبة مسرح والده،وكان الفرق بينهما ست سنوات.
1907 - بدأ عبد الوهاب العمل كمطرب ناشئ صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره و ذلك بوقوفه على خشبة مسرح فوزى الجزايرلى يغنى بين الفصول، والذى كتب الإعلان الخارجى للمسرح "تعالوا لتشاهدوا أعجوبة الزمن الطفل المعجزة الذى يغنى لسلامة حجازى" ، بعد ذلك دخل فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدى المحامى.
1914 -انضم عبد الوهاب إلى نادى "الموسيقى الشرقى" الذى سمى فيما بعد "معهد الموسيقى العربية"، حيث علم فيه العزف على العود على يد استاذه محمد القصبجى،كما أثقل من خلاله موهبته الفطرية بالغناء و أتقن القراءة و الكتابة.
1921- بدأ العمل بين عبد الوهاب و سيد درويش و كان وقتها عبد الوهاب فى الرابعة و العشرين من عمره و سيد درويش فى الثلاثين من عمره ، ولذلك كانا متقاربين ، و تعلم عبد الوهاب الكثير منه ، فقد كان قبلها غارقاً فى دائرة الغناء القديم فى القصائد و أدوار المطربين تلامذه الشيخ سلامه حجازى و عبد الحامولى ، ولذلك ما تعلمه من رائد التغيير فى الأغنية سيد درويش كان مختلفاً كل الإختلاف عما تعلمه من قبل.
1924- أخر مرة غنى فيها عبد الوهاب من الحان ملحنين أخرين، كان ذلك من خلال أغنية "جددى يا نفس حظك..منيتى الهاجر العاطف" الذى كان من ألحان محمد عثمان ، وغناه فى سهرة سان ستيفانو التى التقى فيها بأمير الشعراء.
1924 -تعرف عبد الوهاب على أمير الشعراء foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? شوقى الذى تبنى صوت و موهبة هذا الشاب الذى صعد به إلى أعلى درجات الشهرة و النجاح.
1926 -أول حفلة لعبد الوهاب يحضر فيها صفوة وكبار الأدباء و العلماء و التى كانت حفلة زفاف إبن شوقى الأكبر "على" ، و الذى أقيم فى داره بالجيزة المشهور بإسم "كرمة ابن هانئ"، والتى غنى فيها عبد الوهاب أول لحن من ألحانه قصيدة"تعالى نفن نفسينا غراماً" التى كتبها امير الشعراء.
1927 -سجل عبد الوهاب أول إسطوانه من ألحانه ، و كانت إسطوانه "فيك عشرة كوتشينه فى البلكونه" التى كتبها الأستاذ يونس القاضى.
1927 أصدرت شركة بيضافون 17 لحناً من ألحان عبد الوهاب و هو أكبر عدد من الألحان صدر حتى ذلك العام لملحن واحد.
1928 -لحن عبد الوهاب أول "منولوج" غنائى له "أهون عليك" الذى كان من كلمات الشيخ يونس القاضى ، وقد "غار" من النجاح الذى حققه أول منولوج لأم كلثوم "إن كنت أسامح و أنسى الأسية" الذى كتبه foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? رامى و لحنه القصبجى.
1931 -أول تعارف بين عبد الوهاب و المخرج محمد كريم فى حفلة الأول بالزقازيق ،والذى أخرج له بعد ذلك أفلامه السته.
1932 -أطلق على عبد الوهاب لقب "مطرب الملوك والأمراء" عندما غنى فى إفتتاح معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية"معهد الموسيقى العربية حالياً "، وقد حضر للإفتتاح الملك foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? فؤاد الأول، و ضيف مصر وقتها ملك الأفغان "أمان الله خان" كما حضره بعض من أصحاب السمو والأمراء .
1933 -كان بداية دخول عبد الوهاب عالم الإنتاج و التمثيل السينمائى و ذلك فى أول فيلم غنائى له "الوردة البيضاء".
1934 -غنى لأول مرة فى ستديوهات "الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية" وقت إفتتاح الأذاعة المصرية، وقد كان قبلها يرفض أن يغنى فى الإذاعات الأهلية.
1940 -كانت آخر حفله عامة قام فيها عبد الوهاب بالغناء و كانت فى طنطا ، وقد توقف عندما وجد أن الجمهور يطلب أن يستمع منه إلى مواويله القديمة التى أصبح صوته لا يتحمل ترديدها فقرر أن يعتزل جمهور الحفلات العامة.
1942 -تزوج عبد الوهاب من السيدة إقبال نصار التى صارت أم أبناءه الخمسة.
1947 -قدم عبد الوهاب آخر بطولة له فى فيلمه السادس "لست ملاكاً" مع المطربة نور الهدى.
1951 -كان لأول لقاء بين عبد الوهاب و عبد الحليم حافظ الذى كان رغب فى أن يرى هذا الشخص الذى يطالبه الجمهور بغناء أغانيه ،ولكن عبد الوهاب إعتقد أنه يرغب فى نقود فأخرج نقوداً من جيبه مما أحرج عبد الحليم بشده وحزن كثيراً بسبب هذا الموقف، حتى إستدعاه عبد الوهاب 1953 ومضى معه عقود إسطوانات وفيلمين.
1952- أطلق على عبد الوهاب لقب "فنان الشعب" بعد أن كان لقبه "مطرب الملوك والأمراء".
1954 -حاول طلعت حرب أن يجمع القمتين كوكب الشرق و عبد الوهاب فى فيلم سينمائى واحد من إنتاج استديو مصر،ولكن هذا المشروع لم ينجح.
1954- إختارت قيادة الثورة عبد الوهاب أن يغنى فى الإحتفال الأول لقيادة الثورة ـووجد عبد الوهاب متورطاً و مضطراً أن يغنى فى حفلة عامة لجمبع الضباط و العسكريين بعد أن إعتزل جمهور الحفلات العامة لضعف قدراته الصوتيه عن السابق،فإستطاع الخروج من هذا المأزق بمونولوجه الرومانسى ذو الألحان الهامسه بكلمات العاشق "كل ده كان ليه".
1964- بداية إنتهاء عهد التنافس بين القمتين كوكب الشرق وموسيقار الأجيال وذلك بإشتراكهما فى أغنية "أنت عمرى".
1970- 1977: قام عبد الوهاب بتلحين عدد من الاغانى قبل رحيل العندليب، منها "فاتت جنبنا"، و "نبتدى منين الحكاية".
1990- أصدر عبد الوهاب اخر اغنياته "من غير ليه"، و هى الأغنية التى كان سجلها الموسيقار الكبير قبل فترة ليست بالقصيرة على العود فقط، قبل أن تصاحبه الفرقة الموسيقية فى هذا الأصدار. الذى يعتبر الأخير بصوته قبل وفاته فى الرابع من مايو عام 1991.
من أشهر أقوال موسيقار الأجيال:
"عندما أندمج فى عمل فنى أحس بأننى أقرب إلى الله أكثر من أى وقت .. وربما كان السبب فى ذلك أن الفن بخاطب مواقع الطهر فى الإنسان.. كالحب و الجمال والخلق والمثل العليا والضمير.. والوجدان والخير والله سبحانه وتعالى .. فأنا أكثر قرباً منه وأنا بقرب هذه المواقع الطاهرة ، كما انى عندما أنتهى من تلحين أغنية أشعر بأنى خلفت بنت فاتنة و أريد أن أزوجها لعريس وسيم مثلها".