كمال السيد
بطاقة تعريف
• كمال السيد طالب عليوي الحسيني
• 1944مواليد مدينة الناصرية - جنوب العراق .
• توفي في كوبنهاكن عاصمة الدنمارك – يوم 24 تشرين الأول 2001.
• خريج معهد الفنون الجميلة، بغداد – قسم الموسيقى1965.
• عمل مشرفاً فنياً في النشاط المدرسي التابع لوزارة التربية.
• كان من مؤسسي فرقة الطريق وبابل الغنائية في المنفى.
• مؤسس فرقة طلائع 14 تموز للأطفال.
• قدم الكثير من الألحان الغنائية العراقية المشهورة، والعديد من الأوبريتات الغنائية، نالت بعضها المراتب الأولى في المسابقات.
لقد كان الفنان الملحن المبدع الكبير كمال السيد، أحد المجددين في الأغنية العراقية الحديثة، فهو إضافة الى الملحنين الكبار كوكب حمزة وطالب القره غولي، قد ساهم في تكوين أغنية عراقية حديثة الطراز ممتلكة لكل المقومات الفنية موسيقياً، نحو خلق انسجام كامل ما بين الجملة الشعرية والجملة اللحنية، كي تفيضان بالروحية العراقية والملامح الفنية الخاصة والمميزة لغناء العراق.
أبدع الفنان الراحل كمال السيد الكثير من الأغاني العراقية الجميلة، والبعيدة عن تقليد الأغنية المصرية في روحية اللحن أو ترتيبه وإيقاعه العام، أو تلك الغارقة في ريفيتها العراقية الرتيبة . فقد نهل فناننا الكبير كمال السيد من التراث الغنائي العراقي، وذلك لكونه ابن الجنوب العراقي الزاخر والواسع الثراء بأنواع الغناء الريفي والشعر الشعبي العراقي، فهو القادم من الناصرية محملاً بكل ما يسنده نحو تكوين أغنية عراقية، لها شكلها الخاص الذي يدل عليها ويميزها عن جميع الأغاني في الأقطار العربية الأخرى. فكانت أغنية "المگيّر" من أغانيه الأولى في مسيرته الفنية، وكذلك من الأغاني الأولى في خلق نهوض الأغنية العراقية المحددة الملامح والمركبة من الصورة الشعرية الغنائية العراقية الجديدة والجملة الموسيقية اللحنية الفياضة بالروح العراقية الواضحة في ملامحها الخاصة، إضافة الى الصوت الذي يحمل شيئاً من قوة ونبرة الشخصية العراقية، حيث أخرج الملحن كمال السيد، المطرب "ياس خضر" في أغنية "المگير" من قالب الغناء الريفي الفطري والرتيب، كأداء شعبي اعتادته إذن المستمع، الى أداء فني جديد وحديث ممتلئ بتفاصيل تراكيب أنغام جملها العراقية والفياضة بروحية موسيقاها الخاصة، التي تشير الى خارطة بيئتها الوطنية.
وبالفعل كان الملحن كمال السيد مبدعاً، حين استلهم الكثير من التراث العراقي في أغانيه، فها هي أغنية "كون السلف ينشال" التي غناها المطرب "حسين نعمة" بجملتها الموسيقية الشعبية، ظلت راسخة في ذاكرة المستمع والمتابع للأغنية العراقية، وللفنان السيد الكثير من الأغنيات المهمة خلال فترة سبعينيات قرن العشرين، صاغها عبر اصوات غنائية مهمة في الحركة الفنية الغنائية العراقية، ومنهم الفنان سامي كمال، قحطان العطار، حمدان الساحر، سعدي الحلي، أنوار عبدالوهاب، حسين نعمة، ياس خضر، عارف محسن، فلاح صبار، وآخرون كثر. وأيّ من المتابعين للأغنية العراقية، لا يذكر أغنية "رايح يا رايح وين..؟" بصوت الفنان سامي كمال، والتي أخذت موقعها كأحسن أغنية عام 1975.، أو أغنية "يا هيل" بصوت الفنان حمدان الساحر، وأغنية "سلمت وأنت مارديت السلام" بصوت الفنان قحطان العطار، وغيرها من الأغاني، التي تشترك بذلك النسق الجميل من الجملة الموسيقية ذات الطرب الرشيق في تناسق لا يخلو أحياناً من السلاسة الملامسة للرقص، كما في أغنية "ترافة وليل" أو أغنية "إجه المطر وإنت بلا حبيبة".
والملحن كمال السيد، لم يكن استلهامه للتراث نزوة جمالية داخل إطار الأغنية الملحنة لديه، بل هو نابع من التصاق هذا الفنان الكبير مع قضايا الشعب وهمومه ومطامحه، لذا كان قريباً جداً من اليسار العراقي الذي كان يمثل الصوت المعبر عن حقوق وأحلام جماهير غفيرة من الفقراء والطامحين لحياة أفضل، وحينما تسلط الأرهاب على العراق، ابان حكم "حزب العفالقة" اختار أن يكون من الأوائل في الهجرة مع خيرة المبدعين العراقيين الى أصقاع المنافي، أواخر سبعينيات القرن الماضي، ليكون الموقف من النظام لديه أثمن من أضواء مهرجانات السلطة وأكياس الذهب وامتيازات وظيفية وإدارية، وهو الذي عاش في سنوات ترحاله الأولى في عوز، الى حد أنه كان بائعاً على رصيف سوق "الحرامية" في دمشق، لكنه ظل ضمن يوميات حياته وفياً ومتواصلاً مع أغنية حلمه الكبير، فأبدع في لحن قصيدة الشاعر الكبير مظفر النواب "عشاير سعود". وفي دمشق أيضاً، عند الثمانينيات، قام بتأسيس فرقة طلائع 14 تموز للأطفال، ليفيض بمجهوداته الفنية وطاقته الموسيقية العالية والمثابرة مجموعة من أغاني الصغار متلونة في حب الوطن، حيث غرس في أولئك البراعم ألوانَ قزح العراق، فيا ترى أولئك الأطفال الذين كبروا اليوم، وأصبحوا شباباً اليوم.... هل يذكرون الآن أغاني "عمو كمال" تلك....؟، أم انهم قد نسوا أن يغنوها في ساحات الوطن، الذي تشكلت ظلال ألوانه عبيراً لأغاني عذبة ومعبرة عن حلم اسمه وطن.
ويكفي الملحن الكبير الراحل كمال السيد، أنه لم يتقاعس فنياً، كان نشطاً، فلحن في آخر مشواره، تتويجاً لمسيرته الفنية في صناعة الألحان، وتعبيراً عن إصراره على موقف إنساني وطني، وإبداعي متلازمين تجاه وطنه العراق، بكبرياء عشقه الجميل – حتى أطلقه اسماً على أحد أبنائه – فلحن أغنية "كل سنة وانت طيّب" التي انطلقت على أجنحة رخامة ودفء صوت عراقي أصيل حمل كل الحنين العراقي وكبريائه، ألا وهو صوت الفنان المبدع والقدير بفنيته الصوتية الجميلة "الفنان قحطان العطار". فكانت بحق أغنية المنفى العراقي الرائدة في تكوينها الفني وولادتها ومضمونها المتشكل عن رؤية جديدة في زمن منفى الموقف، الذي بقي يحمل رفات هذا الفنان حيث كوبنهاكن عاصمة الدنمارك...