صوت شذا حسون مساحة حب وطاقة
عبد الغني طليس
من بين الأسماء الغنائية التي غادرت المنطقةالضبابية او المعتمة التي يقيم فيها معظم خريجي برنامج «ستاراكاديمي» المغنيةشذا حسون. أسباب عدة جعلتهاتحتل المرتبة الأولى في البرنامج، أولها الصوت الجميل، وثانيها الذكاء، اضافة الىحياتها الغنية وشخصيتها الغنائية. فالذكاء مع الصوت الجميل، جناحان حقيقيان يطيربهما صاحب الموهبة. ولا يطير بأحدهما أبداً إلا ليقع... بعد قليل. الذكاء نفسهالحاضر في تجربةشذا حسونغائب في تجارب زملائها، أومعظمهم، لذلك حضرت في الإعلام والنجومية اكثر من غيرها. والأهم انها حملت من بلدهاالعراق، الإرادة القوية، ومن إقامتها في المغرب الليونة والإنسانية، ومن وجودها فيلبنان الحيوية، فأصبحت شذا حسون التي نعرفها، اي مزيجاً من اللباقة والإصرار والبحثعن الذات بالجديد الفني لا بتقليد الأخريات.
هذه هي النقطةالأبرز في تجربةحسون. عدم تقليد غيرها. صحيح انالأغاني «الشبابية» في العالم العربي هي في غالبيتهامتشابهة مستنسخة، ومن يهدف الى تمييز نفسه فنياً يتعب لغياب الخيارات. لقد اكتسبتشذا حسونخبرة «عاجلة» ومعرفة دقيقة في ما يليق بصوتها ان تغني، وما يجب ان تبتعد عنه، وقد وفقت في اختياراكثر من أغنية ناجحة ليس على المستوى الشعبي فقط، بل ايضاً على المستوى الفني. ومعان أغنيتها التي اشتهرت باسم «يتحرش بي» وأثارت ذلكاللغط الإعلامي، كان بإمكانشذا «الاستفادة» منها اكثر فأكثر اعلامياً كما يفعل اغلب نجومالغناء عندما تهز كلمة او اكثر من كلمات أغانيهم شباك المعاني الاجتماعية السائدة،لكنها رفضت ذلك ونأت بنفسها عن اللغط وعن «التحليلات» الصاعدة والهابطة، وبررت كلمة «يتحرش» بما يناسب من واقع الكلمة بالمعنى العراقي اي «المغازلة» البريئة. ونقطة على السطر.
في صوتشذامساحات من الشجن والعاطفة والطاقةالتعبيرية، والقوة الحقيقية غير المصطنعة. في علم الأصوات هناك قوة يسمونها «مستعارة» موجودة لدى معظم الأصوات ويتصرف بها المغني عند «الحاجة»، اماشذافالقوةفي صوتها حقيقية: في الطبقة العليا هناك نسيج متكامل من الإداء، وفي الطبقة الدنياهناك ثبات، اما الطبقة الوسطى فهي الحنان الخالص والدفء الخالص، بهذا تأخذ موقعاًيجعلها محط أنظار المستقبل الغنائي بما تملك من الموهبة، وبما يتوقع لها من الحضوروالتأثير. وإذا كانت الساحة الغنائية العربية مفتوحة حالياً على ما هب ودب، بل مندب وهب، فإن فيشذاأملاً طيباً ينبغي ان يجد حضناًدافئاً من مكانين:
الأول هو اهتمام الشركة الإنتاجية. فالشركة الإنتاجية اذا وجدت ولم تكن تهتم فإنها لا تفعل شيئاً جدياً. الاهتمام يعنيالانصراف الى تكوين عالم حقيقي حول الفنان... من الأغنية الى التسويق الى الرعايةالمادية والمعنوية.
والثاني هو الإعلام الذي لا يجوز انيتعامل مع الموهبة الكبيرة كما يتعامل مع اي موهبة عادية. وما ينطبق على بعضالمغنين والمغنيات من «شروط» البث الإذاعي أو العرض التلفزيوني لا يفترض ان ينطبقعلى الأصوات الخلاقة. وشذاحسونمن الأصوات الخلاقة.