السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يقول أبو هلال العسكري: على الشاعر أن يتحرى الصدق ويختار طريقه السهل عليه حكايته،
واختيار قافية تعينه على ذلك كقول النابغة الذبياني*
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت * إلى حمـامِ سـراعٍ وارد الثمـد
قالت:ألا ليتما هذا الحمـام لنـا * إلى حمامتنـا أو نصفـه فقـدي
فحسبوه فألفـوه كمـا حسبـت * تسعًا وتسعين لم تنقص ولم تزد
فكملـت مائـة فيهـا حمامتهـا * وأسرعت حسبةً في ذلك العـدد
السراع : المجتمعة
الثمد: الماء القليل
فقدي: حسبي وكافينى
حسبوه : عدوه أحصوه
ألفوه : وجدوه
يعلق أبو هلال العسكري " فهذا أجود ما يذكر، وأصعب ما رامه شاعر فيه، لأنه عمد إلى حساب دقيق، فأدرك مشروحا ملخصا، وحكاه حكاية صادقة، ولمَّا احتاج إلى أن يذكر العدد والزيادة والثمد بنى الكلام على قافية فاصلة الدال فسهل عليه طريقه واطَّرد سبيله .
*هو أبو إمامة زياد بن معاوية، ولقب بالنابغة لنبوغه في الشعر، والذبياني نسبة لقبيلة ذبيان، وقد اتصل النابغة بالنعمان بن المنذر ملك الحيرة وأجاد في مدحه، حتى أصبح شاعره المفضل، كما اتصل بالغساسنة أمراء الشام، ويعد من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وخصوصاً في الاعتذار والمدح، حتى قال النقاد " أشعر الشعراء النابغة إذا رهب "، وكانت تضرب له قبة بسوق عكاظ يجلس فيها للتحكيم بين الشعراء، توفى قبل الإسلام بخس سنوات.