هذا حديث سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة بن جندب قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما و كنا في صفة بالمدينة ، فقام علينا فقال << إني رأيت البارحة عجبا :
رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه ، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه .
ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر ، فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك .
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز و جل فطرد الشيطان عنه ،
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ،
ورأيت رجلا من أمتي يلتهب ـ و في رواية يلهث ـ عطشا ، كلما دنا من حوض منع و طرد ، فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه و أرواه.
ورأيت رجلا من أمتي ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد ، فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي .
ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة و من خلفه ظلمة و عن يمينه ظلمة و عن يساره ظلمة و من فوقه ظلمة و من تحته ظلمة و هو متحير فيها ، فجاءه حجه و عمرته فاستخرجاه من الظلمة و أدخلاه في النور .
ورأيت رجلا من أمتي يتقي بيده وهج النار و شرره ، فجاءته صدقته فصارت سترة بينه و بين النار و ظللت على رأسه .
ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين و لا يكلمونه ، فجاءته صلته لرحمه فقالت : يا معشر المسلمين ، إنه كان وصولا لرحمه فكلموه ، فكلمه المؤمنون و صافحوه و صافحهم .
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الزبانية ، فجاءه أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم و أدخله في ملائكة الرحمة .
ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه و بينه و بين الله عز و جل حجاب ، فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز و جل .
ورأيت رجلا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله ، فجاءه خوفه من الله عز و جل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه .
ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه فجاءه أفراطه(1) فثقلوا ميزانه .
ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم ، فجاءه رجاؤه في الله عز و جل فاستنقذه من ذلك و مضى .
ورأيت رجلا من أمتي قد أهوى في النار ، فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عز و جل فاستنقذته من ذلك .
ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف ، فجاءه حسن ظنه بالله عز و جل فسكن رعدته و مضى .
ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط و يحبو أحيانا و يتعلق أحيانا ، فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه و أنقذته .
ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أباب الجنة ، فغلقت الأبواب دونه ، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب و أدخلته الجنة >> رواه الحافظ أبو موسى المدني في كتاب ( الترغيب في الخصال المنجية ، و الترهيب من الخلال المردية )
(1) جمع فرط و المراد به من مات له من الاطفال
منقول من كتاب ( الوابل الصيب من الكلم الطيب / شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية )