من مذكرات رجل أرمل...وخاطرة اسطورة وفاء
بقلم:
المهندس حيدر الحسني
ادونيس
في كل يوم امر من ذلك المكان
تحملني قدماي المخدرة دونما تفكير
او استشارة من حواسي الخمس
اصعد تلك الدرجات التي سئمت مني
أفتح الباب الذي اهترأ من قدومي المتكرر
كـأنه قدوم أزلي الى المحتوم
او بحث في اماكن اللاوجود عنها
اضع قدمي داخل البيت الذي لا زال يذكرني و يذكرها
بأول قبلة...
بأول كلمة احبك قلتها ...
أركع على ركبتي ...
وقلبي يهيم بالبكاء
تمر تلك الأيام الماضيات شريط ذكريات
ارفع رأسي نحو صورتها المشرقة
يا إلهي مازالت مشرقـــة
ترقص الدمعة الأولى في مقلتي المتعبة
أمسك مقلتي المتعبة وأبتسم بغبطة وسرور
ابتسم لأن حبيبتي كانت تحبني مبتسما
أطوف المكــان
بحثا عن عطرها او عن بقايا همساتها
أتوقف عند تلك الطاولة
طاولة قدح الشـاي الأخير بيننا
احمل ذلك الفنجان القرمزي اللون
أدوره بين أصابعي المشتاقه
أقبله بشغف وأبتسم...
أضعه برفق للمره ... المئه الف او يزيد
اجلس على تلك الأريكة
أضع ساعدي على كتفها
أداعب وجهها برؤوس أناملي...
أدغدغها...
أحاول لملمة النرجس عن وجنتيها...
احبك حبيبتي
تسمعينني ربما...؟
بل محتوم عليها سماعي
ثـلاث سـنـين مــرت
يا إلهي ...
كنت اشتاق اليها بعد ان أخرج من داري
اصبح قلبي دار عبادتي ...
ملجأ وحدتي...
مخبأ عشقي المحفور على جدار العمر الباقي
مـازلت احبها دون سواها
كم وكم من نساء مـرت على صفحات اشعاري
و على طرقات مدينة وهـران
لكني حفظت العهد...
حفظت طهارة الأيام التي أمضيتها طربا
بأغنيتي وساحرتي وملهمتي وبقولي أحبك
حفظت عيونها ...
التي من غير أن تحكي شفاها
سرقت حروفها ورسمتها كسنفونية لحن الوجود
وأعطيتها ذلك العهد المقدس
مهما حبيبتي مـرت ...
اسابيع وايام وساعات من العمر
لن اغادر مملكة قلبك...
لن اغادر...
سأبقى حتى يكتسحني الشيب و المرض
سأبقي أزور ذلك البيت الذي طالما جمعنا معا
سأبقى وفيا للأزهار التي جمعناها معا
وللكتاب الذي قرأناه معا
وتلك الأنشودة التي كنا نغنيها معا
سأبقى وفيا حتى لعلبة الدواء التي اعطيتها لك
عندما مرضت لأول مرة وسهرت طول الليل بقربكِ
تتذكرينها نعم ...
ولم تكن سوى نزلة برد...
وفائي اليوم يا محبوبتي ..
هو وفاء العاشق لأجمل انسانه على الارض
وفائي إستمرار لذاتي ولشعري
ولغنائي المملوء بالغصات و الأشواق
نامي اليوم مثل الأمس مثل الغد مرتاحة
فقلبي منذ رحلتي وهو ينبض
بحب امرأة واحده هي انت
فرضتِ وفائي عنوة ...
لأنك أنت الحب و أنت العشق و النجوى
سآتي قريبا اليك كي أبوح لك بالسر
الذي مازلت احمله الى يومي هذا...
أنا...
لا استطيع أن أرى أنثى غيرك
إلى أن أموت
أنا ...
لا أستطيع البكاء حتى ...
لأنك تحبيني مبتسما....
أحبك ...وسأبقى أحبك
ليس لي القدرة على الطعن بك
فلا تشكريني ولا تمدحيني
حريا بي أنا أن اشكرك
لأنك جعلت مني أسطورة وفاء
في مدينتنا التي كنت تمشين في شوارعها
وصار عنوان بيتي وسكني وحتى أسمي
وفاء بعد الموت حتى الموت
سحقاً لكل سراق النصوص الأدبية