لقد نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم الإسلامية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياح!.
وشرف الإسلام أنه يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر».
وأنا أتوجه إلى أمراء الجماعات الدينية الأكارم، والى الأوصياء الكبار على تراث السلف أن يراجعوا أنفسهم كي يهتموا بأمرين:
أولهما: زيادة التدبر لآيات القرآن الكريم.
وآخرهما: توثيق الروابط بين الأحاديث الشريفة ودلالات القرآن القريبة والبعيدة، فلن تقوم دراسة إسلامية مكتملة ومجدية إلا بالأمرين معا..
إن الصلف مع العلم رذيلة، فكيف إذا كان الصلف مع عجز وقصور؟؟ وهذا الكتاب حصيلة تجارب كثيرة في ميدان الدعوة أردت به ترشيد الصحوة، وشد أزر العاملين المخلصين.
إن أريد إلا الإصلاح ما اسلطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

ما قيمة نهضة ا تعرف أسباب هزائمها السابقة؟.
إن السلطات المستبدة قديما وحديثا تسرها الخلافات العلمية التي لا تمسها! هل الشك ينقض الوضوء أم لا؟ هل رؤية الله في الآخرة ممكنة أم ممتنعة؟ هل قراءة الإمام تكفي عن المصلين أم لا تكفي؟.
إن حكام الجور يتمنون لو غرق الجمهور في هذه القضايا فلم يخرج! لكنه يشعر بضر بالغ عندما يقال: هل الدولة لخدمة فرد أم مبدأ؟ فماذا يكون المال دولة بين بعض الناس؟ هل يعيش الناس ـ كما ولدوا ـ أحرارا أم تستعبدهم سياط الفراعنة حينا ولقمة الخبز حينا؟.
إن البدوي الذي خاطب الفرس أيام الفتح الأول قال لهم: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة الله الواحد.
كان هذا البدوي بفطرته الصادقة يعلم ما هي الحائق الكبرى في المنهاج الإسلامي فيفتح البصائر عليها..
وقد أوجع فؤادي أن بعض الشباب كان يهتم بهذه المسألة: هل لمس المرأة ينقض الوضوء أم لا؟.
وكان اهتمامه أحد وأشد من إجراء انتخابات حرة أو مزورة!!
إن عدم سيطرة الحقائق الكبيرة على الوعي الإنساني لا يمكن التغاضي عنه..
وشيء آخر نريد الحديث عنه! ما هو المنطق الذي عوملت به القضايا الثانوية بعدما استحوذت على الأفكار...؟.
لقد شاعت الأقوال الضعيفة والمذاهب العسرة، ورجحت الآراء التي كانت مرجوحة أيام الازدهار الثقافي الأول، حتى وهل الناس أن الإسلام إذا حكم عاد الى الدنيا التزمت والجمود!.
قال لي أحد الناس: ماذا كنت تفعل في«اسيوط» عندما تفاجأ بفرقة من المغنيين تريد «إحياء»«ليلة خليعة»؟.
قلت: سأذهب الى قائد الفرقة وأقول له: نحن نريد سماع كلمات وألحان معينة فهل تلبون رغباتنا؟ فإذا قال: ما تريدون؟ طلبت منه أغنية:
«أخي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدا»..!!
أو أغنية: يا ظالم لك يوم..!!
أما أن تغني لنا «ليل خمر....» فسوف نغلق فمك أو نحشوه بالتراب!
إن إخواننا يقتلون في ميادين كثيرة ولا نرحب بالسكر والنشوة ومصارع المجاهدين تتنامى حولنا..
إننا نكره الفنون الرقيعة ونطارد,,,,
الشيخ العلامة محم
د الغزالي