الصبر آية الايمان
حـالات الاضطرار عند الانســـان هي افضل الحالات التي يمكن ان تتخذ معراجا للنفس البشــرية لتصل الى مـصــد ر الـنـور ، والى مـعـرفـة الله - سبحانه وتعالى - ، فعندما يضطر الانسان تتمزق امام عينيه كل الحجب التي صنعتها الغفلة والشهوات ، ويتصل قلبه بمصدر القوة وينبوعها ، بمن يستطيع ان ينقذه ولا منقذ سواه .
وهذه الحالات التي تصيب الانســـان كفرد وكمجتمع تستهدف العروج بروحه الى الخالق - عز وجل - ، فهو يرحم عباده لكي لا يغفلوا عنه ، ولا يحرموا لذة مناجاته ، ولا يبيتوا على حالة الكفر به دون ان يتذوقوا حلاوة الاتصال به ، فيبتليهم - تعالى - ببعض هذه المشاكل والاخطار لتلوذ قلوبهم به ، ويبتليهم بالمرض يوما ، وبالفقر يوما ، وبخطر داهم من الطبيعة يوما اخر .
وفي حالة تعرض الانسان الى مثل هذه الابتلاءات عليه ان ياخذ بنظر الاعتبار الوصايـا التالية لكي يحول هذه الابتلاءات الى مدرسـة تزكي نفسه ، وتصقل روحه ، وترفع من درجة ايمانه .
1ـ ان يتذكر هذه الابتلاءات ، ويستشعرها طيلة ايام حياته ، فان كنت الان قوي الجسم معافى فforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? الله ، وتذكر تلك الايام التي كنت فيها بحاجة ماسة الى الله - تعالى - ، وتذكــر تلك اللحظات التي كنت تناجي فيها ربك ، فلابد ان تكون قد مررت بمثل هذه اللحظات ؛ لحظات الخوف ، والهلع ، والابتلاء بالمحن ، فتذكر هذه اللحظات ، واشكر الله - جلت قدرته - .
ان هناك الكثير ممن ينسون الله - عز وجل - ، ولا يذكرون الا الشركاء من دونه ، فيقولون : ان الطبيب الفلاني هو الذي عالجنا ، وان الدواء الفلاني هو الذي شفانا ، ولكنهم يقولون عند المرض : يا ألهنا ! ، وبعد ان يشفوا يتكبرون على ربهم ، ولا يرضون حتى ان يعترفوا بان الله هو الذي شافاهم .
2ـ الاعتبار بمعاناة الاخرين : فلنذهب - مثلا - الى المقابر ، ولنتذكر ان الراقدين فيها كانوا في يوم من الايام احياء مثلنا ، ثم انقطعت آمالهم ، وطموحاتهم وهم تحت التراب ، فلا يستطيعون ان يقوموا بعمل، ولا ان يعودوا الى دار الدنيا رغم انهم يتمنون من اعماق قلوبهم ذلك .
ولنزر المستشفيات ، ولنحمد الله على عافيتنا وسلامتنا لكثرة ما نرى من مرضى تعج المستشفيات بهم ، واذا ما وقعت انظارنا على صاحب بلاء فلنحمد الله على معافاته لنا، وان رأينــا انسانــا اعمــى ، او اصم ، او اعرج ... فلنتوجه الى الله - جل ثناؤه - ولنحمده على اننا معافون ، وعلينا ان نحذر من ان نقول هذا الكــلام شامتيــن لان من يشمت باخوانه لا يمــوت الا بعـد ان يبتلى بمثـل ما ابتلــوا بــه .
3 ـ تذكـر انك لست بعيدا عن منطقة الخطر ، فأنت غافل عن الاخطار المحدقة بك ؛ فمن الممكن ان تكون هناك جلطة في دمائك تسبح في العروق المختلفة ، ومن الممكن ان تصل هذه الجلطة الى قلبك لتصاب بسكتة قلبية .
ان هناك الكثيرين ممن كانوا يحسبون انهم لا يموتون ، وانهم اقوياء ، ولكن خطرا بسيطا استطاع ان يقضي عليهم ، ولذلك على الواحد منا ان يتذكر دائما انه ليس بمنجى من الاخطار ، ويجب على الانسان ان يطلب الحفظ والـحـراســـة من الله - تعالى - لا من الموت فحسب ، او الاصابة بالحوادث المختلفة ، بل من خطر اعظم واكبر الا وهو خطر الوقوع في الضلالة ، والسقوط في حبائل الشيطان الذي يبحث عن اية ثغرة في نفس الانسان ليضله ، فان كانت هذه الضلالة في آخر لحظة من عمر الانسان ، فانه - والعياذ بالله - سيدخل النار خالدا فيها .
من الكتاب في رحاب الايمان - الصبر آية الايمان