بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
أيها المؤمنون الكرام
أحييكم بأجمل التحايا وأهديكم أريج الود ليفوح شذاه عطرا زاكيا فيمتزج بأريج أرواحكم الطيب
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي الأفاضل
الكل منا يتوق إلى الفضيلة والمنزلة الرفيعة والمكانة العظيمة والتي من خلالها تسمو روحه لتكون قريبة من خالقها العظيم ومعبودها الجليل وتسكن خالدة في جنات النعيم راضية مرضية
وحيث أن ذلك يتطلب منا الإخلاص في العمل وموالات خير البشر وأخذ الدروس والعبر ممن ذابوا في حبهم وضحوا بالمال والبنين من أجلهم فنالوا كرامة الدنيا ونعيم الآخرة
ومن أولئك السيدة أم البنين عليها السلام
هذه المرأة الجليلة التي عرفت من هم آل محمد وما مكانتهم عند الله عز وجل فانصهرت في حبهم
فأعطت كل ما تملك هدية متواضعة في مودتهم فسمت بذلك روحها وخلد ذكرها وعظمت مكانتها وصارت بابا من أبواب الحوائج إلى الله تعالى وصار قبرها مقصد الزوار
وفي هذه العجالة سنقف سوية على أهم المحطات في حياتها المباركة لنستلهم منها الدروس التي تساعدنا على الوصول للفضيلة والصفات الحميدة والمناقب الجليلة لنسموا ونرتقي ونخلد في رضوان الله العزيز
المحطة الأولى
البيئة التي نشأت فيها والأثر التربوي على نفسيتها حيث نشأت في أسرة تذوب في ولائها لآل البيت الكرام وتتسم بالشجاعة في صبرها على تحمل الصعاب
وفي هذه المحطة درس لنا في إختيار الزوجة الصالحة التي لها الأثر الطيب في تربية أبنائنا على التضحية والفداء في سبيل إعلاء كلمة الله والحفاظ على أرواح أولياء الله
المحطة الثانية
في ليلة زفافها إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام أبت أن تدخل إلى ذلك البيت المبارك إلا بعد إذن أبناء الزهراء عليها السلام على أن تكون جارية لهم لا زوجة أب فإن أذنوا لها وإلا ستعود من حيث أتت
وفي هذه المحطة درس يعلمنا كيف نكون متفانين في خدمة أولياء الله الكرام وأن نقدمهم على أنفسنا فلا نعمل إلا ما يرضيهم لنكون شيعة مخلصين
المحطة الثالثة
طلبها من أمير المؤمنين تغيير إسمها مراعاة لمشاعر أبناء الزهراء الكرام حيث أنه حينما يناديها باسمها يتذكرون أمهم فتنكسر قلوبهم ويبدو الحزن على وجوههم وقد لبى الأمير طلبها وأسماها بأم البنين والذي بقي خالدا بخلودها سلام الله عليها
وفي هذه المحطة درس لبناتنا الفاضلات يعلمهن كيفية التعامل مع أبناء ضراتهن بالحب والعطف والحنان كما يتعاملن مع أبنائهن الذين ولدنهن حتى يسود الحب ويدوم الود ويهنأ البيت بسعادة دائمة
المحطة الرابعة
لقد إجتهدت في تعليم أبنائها آداب التخاطب مع من جعلهم الله سادت الكون وأوليائه وكذلك كيفية الجلوس أمامهم لتهيأتهم لأن يكونوا خداما طائعين لمن جعلهم الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم فالتزموا بذلك إلى آخر لحظة من حياتهم حيث كانت مخاطبتهم لكل واحد منهم بسيدي ومولاي وكانوا يجلسون أمامهم جلسة العبد الذليل لسيده وكانو يتسابقون في خدمتهم
وهذه المحطة نأخذ منها كيفية التعامل مع أولياء الله والتفاني في إتباعهم فيما فيه رضا الله العظيم
المحطة الخامسة
لقد غرست في نفوس أبنائها إنكار الذات والإيثار والتضحية بالنفس من أجل دين الله وإمام الزمان وربتهم على الوفاء لمن له الفضل في وجودهم وقد أثمرت تلك التربية وكان نتاجها المواقف العظيمة التي وقفها قمر بني هاشم وأخوته الكرام دفاعا عن سيد الشهداء عليه السلام ومن وفائه لأخيه أنه أبى أن يبل ريقه بقطرة من الماء وينظر إلى أخيه قد يبست أرياقه وصار لسانه كالخشبة اليابسة من شدة الظمأ
وهنا درس يعلمنا الإيثار وإنكار الذات وتجنب الأنا الذي يودي بصاحبه في وحل الغرور والتكبر ونتعلم منه أيضا الوفاء لدين الله وأوليائه الكرام
المحطة السادسة
يتجلى فيها الذوبان في حب سيد الشهداء عليه السلام وذلك من خلال سؤالها لبشر بن حذلم عن سلامته ولم تعبأ بسلامة أبنائها حيث أنه كلما أخبرها باستشهاد أحد أبنائها سألته عن الحسين وحينما علمت باستشهاده خارت قواها وسقط طفل من بين يديها إلى الأرض وظلت حزينة كئيبة باكية نحيبة إلى أن توفاها الله تعالى
وفي هذا درس للأجيال يعلمهم الحزن الشديد على إستشهاد سيد شباب أهل الجنة ويبين لهم أن الحسين مات من أجل الله وإعلاءا لكمة الله وحفاظا على دينه القويم فهو يستحق الدمع الغزير والحزن الشديد والصرخة المدوية التي تزلزل عروش الطغاة أينما كانوا وفي أي زمان وجدوا
فسلام الله على أم البنين يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حية بمعية الزهراء عليها السلام