لم يعد الزواج التقليدي مرغوبًا فيه اليوم كما كانت الحال قبل عشر سنوات، وأصبح الفرد يفضّل إختيار شريك حياته بنفسه بعيداً عن العائلة و دون الأخذ برأيها؛
و امتدّ أثر التكنولوجيا لتصل إلى كونها وسيطاً تعمل عمل "الخطّابة"، فانتشرت مواقع التعارف حول العالم.
البحث عن نصفنا الآخر ليس بالعمل السهل، إذ يمضي بعضنا حياته بأسرها يبحث عنه و قد يعيش الحياة دون أن يجده. إلا أنّه عند عقد العزم على الزواج، يفكّر الشاب أو الفتاة أولاً بالتعرف على الآخر عن قرب و توطيد المعرفة به لتجنّب نتيجة مأساوية قد تكون نهايتها أحلام مبعثرة و منزل مهدّم. لكن الحقيقة التي لا مفرّ منها هي أن التعارف عبر الإنترنت قد يكون مخادعًا و كاذبًا و ليس جميع الناس متساوين في قولهم الصدق؛ فالشاب مثلاً يبدأ بالتعريف عن نفسه على الشكل التالي: "شاب في منتصف العمر، طويل، ضعيف، أسمر..." و ينهال على الفتاة بكلامه المعسول، فيعقدان العزم على اللقاء فإذا به قصير، ممتلئ، أبيض... و ما تلبث أن تبدأ دراما الصدمة و انفطار القلب.
وليس من الضروري أن تكون هذه الحالة صحيحة، فهناك العديد ممن حاول التعارف على الإنترنت و نجحت الطريقة حتى وصلت إلى حد الزواج و إنجاب الأولاد.
إلاّ أنّ الإشكاليّة التي لا تنفكّ تطرح نفسها فهي: ما الذي يدفع بالفتاة أو الشاب بالتعرّف عن طريق الإنترنت وخصوصاً في غرف المحادثات و المنتديات و غيرها؟ يظنّ البعض أنّ سبب ذلك يعود إلى اليأس وانعدام الأمل على أرض الواقع و أنّه لا ضرر من المحاولة فهي طريقة جديدة، فيما يظنّ البعض الآخر أن السبب عائد إلى الخوف من الشريك الذي يختاره الأهل لابنتهم؛ أو ببساطة يبدأ الأمر كعملية تسلية تنتهي بقصّة حبّ من "أوّل كلمة" ثم عقد قران!!!
من ناحية أخرى، لعلّ السبب وراء انتشار هذه الظاهرة خصوصًا في العالم العربي، الساعات الطويلة التي يمضيها الشباب على الإنترنت بحيث لم يعد لديهم الوقت للبحث عن الشريك في مكان آخر أو عبر أي وسيلة أخرى.
فالتسمر أمام شاشة الكومبيوتر و التحادث على الإنترنت أحدث إدمانًا من نوع جديد يلائم عصر السرعة الذي نعيش فيه؛ و لا بد من القول إنّ هذه الطريقة المحدثة من التعارف مفيدة خصوصًا في المجتمعات المحافظة التي لا يزال الزواج التقليدي منتشراً فيها، كقيام الأم باختيار "كنّتها" لأنّها تظنها ملائمة لابنها وعائلتها! و ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الطريقة أحدثت ثورة تجاه العادات القديمة، و يبقى تقبّل المجتمع ظاهرة الزواج التي ارتدت حلّة جديدة في عصر أصبح كل شيء فيه ممكناً أمراً غير مسلّم به، ولا يتقبّله الكثيرون خصوصًا الأهل.
فمهما كانت الطريقة التي تفضل اتّباعها في طريق البحث عن النصف الآخر، سواء كانت عن طريق "خطّابة" أم الإنترنت
أو تفضّل تركها للصدفة و القدر، لا يمكنك سوى الإقرار أنّه أصبح للإنترنت اليوم دور هام في عملية لمّ الشمل و إكمال فرحة العروسين، مهما اختلفت الفئات و الأعمار، و يبقى الهدف شريفًا نهايته زواج سعيد أوله جنة و نعيم و آخره... من يدري!